مصطلَح الإرْهاب بينَ الخطاب الشَّرْعيّ والخطابِ العُرفيّ في السياسة المُعاصرَة:
ينبغي أن نفرقَ بين المَعْنى القُرآنيّ لمُصطَلَح الإرهابِ، وبين المَعْنى العُرفيّ المُنتشرِ اليومَ في الخطابِ السياسيّ المُعاصر، وأن نقرَّ بأنّ معنى كلمةِ الإرهابِ الذي وردَ في سورة الأنفال وإن كانَ الأصلَ في الدّلالةِ على المَعْنى الشّرعيّ، فلا يستطيعُ المتكلّمُ بالعربيّة أن يُهملَ المعنى العرفيَّ الشّائع، بدَعْوى أنّ الذين تَرجموا المعنى العرفيَّ من الأجنبيّة Terrorism إلى العربيّة ليسوا على اطّلاعٍ كافٍ بقضيّة المصطلَح في أصلِ دلالتهِ، وليسَ لهم من العلمِ الكافي ما يمكّنُهُم من اختيار لفظٍ آخَر غير لفظ الإرهاب تجنّباً للاشتباه بين الدّلالَتَيْن ورَفْعاً للبسِ والاشتراكِ .
.
فالواقعُ لا يُدفعُ بيُسرٍ وسُهولةٍ، وكثيرٌ من الألفاظ التي تَدور في فَلَكِ التّداوُل والاستعمالِ اليومَ، يصعبُ ردُّها بعدَ أن ملأت الخافقَيْن اليومَ، فيصعبُ تجاهُلُ مثل هذه القضايا كمصطلح الإرهاب في العُرف السياسيّ، لمجرّد حَملِها دلالةً عرفيةً مخالفةً للدلالة الشّرعيّة، ويصعبُ ردُّها أيضاً خاصّةً إذا كانَت مصوغةً صياغةً صرفيّةً صحيحةً. فالمانعُ من ردّها مانعان: تداوليّ ولفظيّ
وعليه، يُمكنُ أن ينتهيَ الأمرُ بنا إلى القَبولِ بوجود معنَيَيْن يدوران في دائرة لفظِ الإرهاب: أحدُهما شرعيّ هو الأصلُ في التّسميةِ، والآخَر عرفيّ طارئٌ صيغَ في معزلٍ عن المصطلَح الأصليّ، وهما مَعنيان متقابلانِ، ولكنّ السّياقَ هو المرجعُ الذي يُخصص الدّلالَةَ المُرادةَ .