الرهان الذي خسره ستيفن هوكينغ.. حقائق جديدة عن أول ثقب أسود مكتشف عام 1964
ما توصلت إليه الدراسة عن ثقب الدجاجة إكس-1 الأسود، يدفع علماء الفلك إلى التساؤل عن ما يعرفونه حقا عن أكثر الأشياء غموضا في الكون.
الثقب الأسود لكوكبة الدجاجة إكس-1 كان أول ثقب رُصد عام 1964 (ناسا)
كشفت ملاحظات قام بها أخيرا فريق دولي من علماء الفلك، لأول ثقب أسود رُصد عام 1964، وعرف بثقب "الدجاجة إكس-1" (Cygnus-X-1)، عن تفاصيل جديدة بشأن هذا الثقب المثير للجدل، ومنها أنه أضخم مما كان يُعتقد سابقا.
ويقول البيان الصحفي الصادر عن "المركز الدولي لأبحاث الفلك الراديوي" ( International Centre for Radio Astronomy Research) إن الملاحظات الجديدة التي تضمنتها نتائج الدراسة المنشورة في دورية "ساينس" (Science) في عددها الصادر يوم 18 فبراير/شباط الجاري، ستدفع علماء الفلك إلى التساؤل عن ما يعرفونه عن أكثر الأشياء غموضا في الكون.
أول ثقب أسود
إن نظام الدجاجة إكس-1 هو مصدر للأشعة السينية موجود في كوكبة الدجاجة، وقد اكتُشف سنة 1964 بالأقمار الصناعية التي سجلت الأشعة السينية القادمة من الفضاء الخارجي، وعلى الأخص تلك الصادرة من هذا النجم الذي لا يُرى بالتلسكوبات الضوئية رغم أنه يقع في مجرتنا. ولعل أكثر سؤال كان يحير علماء الفلك في ذلك الوقت هو "هل نجم الدجاجة إكس-1 هو أول ثقب أسود اكتُشف؟".
وكان ثقب الدجاجة إكس-1 محل رهان ودّي بين عالمين شهيرين هما ستيفن هوكينغ والعالم الفلكي كيب ثورن، فبعد أن صُنّف نجم الدجاجة ثقبًا أسود للمرة الأولى، راهن هوكينغ عام 1974 على أنه ليس ثقبا أسود في حين قال ثورن إنه من الثقوب السوداء، لكن هوكينغ تنازل عام 1990 عن الرهان.
خسر ستيفن هوكينغ رهانه أمام كيب ثورن، وثبت أن الدجاجة إكس-1 هو ثقب أسود (مواقع التواصل الاجتماعي)
أبعد مما كان يُعتقد
ومن أجل رصد الثقب الأسود في كوكبة الدجاجة، استخدم الفريق الدولي تلسكوبا لاسلكيا مكوّنا من 10 أطباق منتشرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، جنبا إلى جنب مع تقنية ذكية لقياس المسافات في الفضاء. ويسمح هذا التوزيع الواسع للأطباق لعلماء الفلك بالتخلص من تأثير حركة الأرض حول الشمس لقياس مسافة الأشياء البعيدة.
وحسب ما جاء في بيان المركز يقول عالم الفضاء جيمس ميلر جونز من "جامعة كيرتن" (Curtin University)، الذي قاد الدراسة "إن عرض الجسم نفسه من مواقع مختلفة يسمح لعلماء الفلك بحساب المسافة عن طريق قياس المسافة التي يتحرك بها الجسم بالنسبة إلى الخلفية".
وأضاف جونز أنه "على مدى 6 أيام، لاحظ الباحثون مدارا كاملا للثقب الأسود، واعتمدوا على الملاحظات المأخوذة من النظام نفسه باستخدام مجموعة التلسكوب نفسها لعام 2011، وتُظهر هذه الطريقة وقياساتنا الجديدة أن النظام أبعد مما كان يُعتقد سابقا، مع وجود ثقب أسود أكبر بكثير. وقد وجدت القياسات الجديدة أيضا أنه كان بعيدا عن الأرض بنسبة 20% مما اعتُقد سابقا بناء على النتائج الأصلية لعام 1964".
ووفقا لبيان المركز فإنه مع أن ثقب الدجاجة إكس-1 لا يزال واحدا من أقرب الثقوب السوداء المعروفة، فقد وجد العلماء في ملاحظاتهم الجديدة أنه أبعد مما أشارت إليه الحسابات السابقة، إذ يبعد 7200 سنة ضوئية، وهي المسافة التي يقطعها الضوء في عام، أي يبعد بمسافة 9.5 تريليون كيلومترات عن الأرض.
أكبر وأسرع
وفضلا عن ذلك يُظهر البحث أن النظام المعروف باسم (Cygnus X-1) يحتوي على أكبر ثقب أسود ذي كتلة نجمية على الإطلاق، اكتُشف دون استخدام موجات الجاذبية.
ويقول جونز إن ثقب الدجاجة إكس-1 هو أكبر ثقب أسود معروف في كوكبة نجمية بدرب التبانة، وبين أقوى مصادر الأشعة السينية التي يمكن رؤيتها من كوكب الأرض. وأضاف أن "الثقب الأسود في نظام (Cygnus X-1) بدأ حياته كنجم تناهز كتلته 60 مرة كتلة الشمس وانهار منذ عشرات الآلاف من السنين"، وأنه "يدور حول نجمه العملاق كل 5 أيام ونصف على بعد خمس المسافة بين الأرض والشمس".
وتفيد الملاحظات الجديدة بأن كتلة الثقب الأسود أكبر بـ21 مرة من كتلة شمسنا، وهو ما يزيد بنحو 50% على الكتلة التي كان يظنها العلماء من قبل.
وعن سرعة الثقب الأسود يقول الباحث الصيني يويشان زهاو المؤلف المشارك في الورقة "باستخدام القياسات المحدثة لكتلة الثقب الأسود والمسافة التي تفصله عن الأرض، تمكنت من التأكد من أن (Cygnus X-1) يدور بسرعة مذهلة قريبة جدا من سرعة الضوء وأسرع من أي ثقب أسود آخر".