من هو قسيم الجنّة والنار ؟
*
قَالَ تَعَالَى : ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ * وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾ - [سُّورَةُ ق : 21 - 26.]
قال الطبري والرازي وغيرهما في تفسير هذه الآية ﴿أَلْقِيَا﴾ : (هي لغة لبعض العرب يخاطبون المفرد بالتثنية ، أو أنّ المأمور بذلك هو القرين وهو واحدٌ لكن الأمر جاء بصيغة المثنى للتأكيد) .
سنردُّ عليهم :-
ماذكره الطبري والرازري غير مقبول ؛ لأنّ الظاهر من الآيات أنّ القرين ملقى في جهنم وأنّ تخاصمه مع صاحبه داخل جهنم ، فكيف يكون مُقرباً عند الله تعالى ومأموراً بإلقاء الكفارين فيها ؟! وخاصةً أنّ الله تعالى كرر التثنية فَقَالَ تَعَالَى : ﴿الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾ - [سُّورَةُ ق : 26.]
فلم يبق وجه للتثنية إلا أن يكون المخاطبان هُما (السائق والشهيد) .
لنتعرّف على الشهيد المقصود في الآيات القرآنية الكريمة :
قَالَ تَعَالَى : ﴿وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ﴾ - [سُّورَةُ النَّحْلِ : 89.] وَقَالَ تَعَالَى : ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ - [سُّورَةُ النِّسَاءِ : 41.] وَقَالَ تَعَالَى : ﴿وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ - [سُّورَةُ الرَّعْدِ : 43.]
ولنتعرّف على (السائق) الوارد ذكره في آيات أخرى كريمة :
قَالَ تَعَالَى : ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا﴾ - [سُّورَةُ الزُّمَرِ : 71.]
وَقَالَ تَعَالَى : ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا﴾ - [سُّورَةُ الزُّمَرِ : 73.]
لقد دلّ القرآن الكريم على أنّ الرسول شهيدٌ على أُمّته والله تعالى شهيدٌ على رسوله وأُمّته ، وأنّ الذين كفروا يساقون لجهنم زُمَراً والذين آمنوا يُساقون إلى الجنّة زُمَراً .. وكل هؤلاء يسوقهم السائق المرافق مع الشهيد . فالسائق : أمير المؤمنين علي (عليه الصلاة والسلام) . والشهيد : رسول الله محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ؛ لإنهما أبوا هذه الأُمة والمسؤلان عنها :-
قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) : « نَحْنُ وَإِيَّاكَ يَا عَلِيُّ أَبَوَيْ هَذِهِ الأُمَّة » . مصادر أهل العامة : (ينابيع المودة لذوي القربى ج 4 ص 369 ـ 371 الباب 41 الرقم 3 و4 و6) و (المناقب للخوارزمي : 310 الرقم 306) و (فرائد السمطين 1/296 الرقم 234) و (المناقب لابن المغازلي : 47 الرقم 70) و (كنوز الحقائق للمناوي : 69) و (الفردوس للديلمي 2/132 الرقم 2674) .
عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ﴾ ؟ قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : السَّائِقُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ) ، وَالشَّهِيدُ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) . المصدر : (البحار : ج36، ص71، عن كنز جامع الفوائد.)
ولنتعرّف من هو الكَفَّار ومن هو العنيد :-
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) قَالَ :
يَا بْنَ مَسْعُودٍ ، إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي وَلِعَلِيٍّ : ﴿أَدْخِلاَ النَّارَ مَنْ شِئْتُمَا﴾ . وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ . فَالْكُفَّارُ مَنْ جَحَدَ نُبُوَّتِي ، وَالْعَنِيدُ مَنْ عَانَدَ عَلِيّاً وَأَهْلَ بَيْتِهِ وَشِيعَتَهُ .
المصدر : (البرهان في تفسير القرآن : ج5، ص146.)
وَعَنْ الْإِمَامِ السَّجَادِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ :
مَنِ الْكَفَّارُ ؟
فَقَالَ : الْكَافِرُ بِجَدِّي رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) .
فَقِيلَ : وَمَنِ الْعَنِيدُ ؟
قَالَ : الْجَاحِدُ حَقَّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ) .
المصدر : (البرهان في تفسير القرآن : ج5، ص145.)
*
السائق والشهيد مسؤلان من حيث الوكالة
وليس من حيث الأصالة :-
قَالَ تَعَالَى : ﴿اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ - [سُّورَةُ الزُّمَرِ : 42.] وَقَالَ تَعَالَى : ﴿۞ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ - [سُّورَةُ السَّجْدَةِ : 11.]
ما عرفنا من هو الذي يتوفى الأنفس ! هل الله أم ملك الموت ؟! طبعاً بكل تأكيد الله سبحانه وتعالى أمر وملك الموت نفذ . أي أنّ الله الأصيل وملك الموت الوكيل . فكذلك النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والإمام علي (عليه السلام) هما وكلاء وأبوا هذه الأُمّة ، والله سبحانه وتعالى هو الأصيل الذي أمرهم .
*
-(1) - عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَ : ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : نَزَلَتْ فِيَّ وَفِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ) ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ شَفَّعَنِي رَبِّي وَشَفَّعَكَ يَا عَلِيُّ ، وَكَسَانِي وَكَسَاكَ يَا عَلِيُّ ، ثُمَّ يُقَالُ لِي وَلَكَ : ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ مَنْ أَبْغَضَكُمَا وَأَدْخِلَا الْجَنَّةَ كُلَّ مَنْ أَحَبَّكُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمُؤْمِنُ﴾ .
-(2) - عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ ؟ فَقَالَ : قَالَ النَّبِيُّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا جَمَعَ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ كُنْتُ أَنَا وَأَنْتَ يَوْمَئِذٍ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ ، فَيُقَالُ لِي وَلَكَ : ﴿قُومَا فَأَلْقِيَا مَنْ أَبْغَضَكُمَا وَخَالَفَكُمَا وَكَذَّبَكُمَا فِي النَّارِ﴾ .
-(3) - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِي وَلِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : ﴿دْخِلَا الْجَنَّةَ مَنْ أَحَبَّكُمَا وَأَدْخِلَا النَّارَ مَنْ أَبْغَضَكُمَا﴾ . وَذَلِكَ قَوْلُهُ : ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ .
المصادر : (محمد بن سليمان الكوفي : ج2، ص527. | شواهد التنزيل : ج2، ص261 - 262 و 259 - 265. | الأمالي للشيخ الطوسي : ص290 و368 و628 - 629. | الأربعون حديثاً : ص51 - 52. | تفسير مجمع البيان : ج9، ص244. | بشارة المصطفى : ص89 ، 227. | البرهان في تفسير القرآن : ج5، ص146. | تفسير فرات الكوفي : ص436-437. | البحار : ج7، ص334-338. ج8، ص70 و266 . ج،24، ص274 . ج36، ص73 - 75. | تأويل الآيات : ج2 ص609 - 612. | مناقب آل ابي طالب : ج2، ص7 . ج3، ص44. | الفضائل : ص129. | الصراط المستقيم : ج1، ص295. | التفسير الصافي : ج5، ص62. | تفسير نور الثقلين : ج5، ص112 - 113. | تفسير الميزان : ج18، ص357. | مائة منقبة : ص47 - 48 | تفسير القمي : ج2، ص324.)
*
محاولات بائسة في حرق وتحريف حديث القسيم :-
-(1) - اسم المصنف: أبو بكر الخلال ، سنة الوفاة: 311 ، عدد الأجزاء: 3 ، دار النشر: دار الراية ، بلد النشر: الرياض ، سنة النشر: 1410 ، رقم الطبعة: الأولى ، المحقق: د. عطية الزهراني . [819 ] وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ(ثقة)، قَالَ: ثَنَا مُهَنَّى(ثقة)، قَالَ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ(ثقة حافظ فقيه حجة)، قُلْتُ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ(صدوق حسن الحديث)، قَالَ: قَالَ سَلامٌ (ثقة) وَأَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ(ثقة)، قَالَ: ثَنَا يَحْيَى(ثقة حافظ إمام الجرح والتعديل) ، قَالَ: سَمِعْتُ خَالِدَ بْنَ خِدَاشٍ ، قَالَ: " جَاءَ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ إِلَى أَبِي عَوَانَة (ثقة ثبت) َ، فَقَالَ: هَاتِ هَذِهِ الْبِدَعَ الَّتِي قَدْ جِئْتَنَا بِهَا مِنَ الْكُوفَةِ، قَالَ: فَأَخْرَجَ إِلَيْهِ أَبُو عَوَانَةَ كُتَبَهُ، فَأَلْقَاهَا فِي التَّنَّورِ، فَسَأَلْتُ خَالِدًا مَا كَانَ فِيهَا؟ قَالَ: حَدِيثُ الأَعْمَشِ(ثقة حافظ)، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ(ثقة)، عَنْ ثَوْبَانَ(صحابي)، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (ص): " اسْتَقِيمُوا لِقُرَيْشٍ، وَأَشْبَاهِهِ، قُلْتُ لِخَالِدٍ: وَأَيْشِ؟ قَالَ: حَدِيثُ عَلِيٍّ: أَنَا قَسِيمُ النَّارِ، قُلْتُ لِخَالِدٍ: حَدَّثَكُمْ بِهِ أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ؟ قَالَ: نَعَمْ.وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ مِنَ الثِّقَاتِ مِنْ أَصْحَابِ أَيُّوبَ، وَكَانَ رَجُلا صَالِحًا، حَدَّثَنَا عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، ثُمَّ قَالَ أَبِي: كَانَ أَبُو عَوَانَةَ وَضَعَ كِتَابًا فِيهِ مَعَايِبُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ (ص) وَفِيهِ بَلايَا، فَجَاءَ إِلَيْهِ سَلامُ بْنُ أَبِي مُطِيعٍ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَوَانَةَ، أَعْطِنِي ذَلِكَ الْكِتَابَ، فَأَعْطَاهُ، فَأَخَذَهُ سَلامٌ فَأَحْرَقَهُ . (الحكم على المتن: صحيح لغيره) .
-(2) - مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ هَوْذَةَ الْبَاهِلِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ حَمَّادٍ عَنْ شَرِيكٍ قَالَ : بَعَثَ [إِلَيْنَا] الْأَعْمَشُ وَهُوَ شَدِيدُ الْمَرَضِ ، فَأَتَيْنَاهُ وَقَدِ اجْتَمَعَ عِنْدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَفِيهِمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَابْنُ قَيْسٍ الْمَاصِرِ ، فَقَالَ لاِبْنِهِ : [يَا بُنَيَّ] أَجْلِسْنِي ! فَأَجْلَسَهُ فَقَالَ :
يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ ، إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ قَيْسٍ الْمَاصِرَ أَتَيَانِي فَقَالَا : إِنَّكَ قَدْ حَدَّثْتَ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَحَادِيثَ فَارْجِعْ عَنْهَا ! فَإِنَّ التَّوْبَةَ مَقْبُولَةٌ مَا دَامَتِ الرُّوحُ فِي الْبَدَنِ . فَقُلْتُ لَهُمَا : مِثْلُكُمَا يَقُولُ لِمِثْلِي هَذَا !!! أُشْهِدُكُمْ - يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ - فَإِنِّي فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ ، أَنِّي سَمِعْتُ عَطَاءَ بْنَ أَبِي رِيَاحٍ يَقُولُ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : ﴿أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ﴾ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : أَنَا وَعَلِيٌّ نُلْقِي فِي جَهَنَّمَ كُلَّ مَنْ عَادَانَا . فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لاِبْنِ قَيْسٍ : قُمْ بِنَا لاَ يَجِيءُ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا ! فَقَامَا وَانْصَرَفَا .
المصدر : (البرهان في تفسير القرآن : ج5، ص145.)
-(3) - جَاءَ فِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ: عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ عُدَيِّ بنِ ثَابِتٍ عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ وَالَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسْمَةَ إِنَّهُ لَعَهِدَ النَّبِيُّ الأُمِّيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ أَنْ لَا يُحِبَّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضَنِي إِلَّا مُنَافِقٌ . [صَحِيْحُ مُسْلِمٍ 1:61] . وَهَا هُوَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ إِمَامُ أَهْلِ الحَدِيْثِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ يَشْرَحُ لَنَا هَذَا الحَدِيْثَ المُبَارَكَ ، جَاءَ فِي "طَبَقَاتِ الحَنَابِلَةِ" لِأَبِي يَعْلَى : سَمِعْتُ مُحَمَّداً بنَ مَنْصُوْرٍ يَقُوْلُ : كُنَّا عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ، مَا تَقُوْلُ فِي هَذَا الحَدِيْثِ الَّذِي يُرْوَى أَنَّ عَلِيَّاً قَالَ : " أَنَا قَسِيْمُ النَّارِ " ؟!
فَقَالَ : وَمَا تُنْكِرُوْنَ مِنْ ذَا؟! أَلَيْسَ رَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ) قَالَ لِعَلِيٍّ : لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ ؟
قُلْنَا : بَلَى .
قَالَ : فَأَيْنَ المُؤْمِنُ ؟
قُلْنَا : فِي الجَنَّةِ .
قَالَ : فَأَيْنَ المُنَافِقُ ؟
قُلْنَا : فِي النَّارِ .
قَالَ : فَعَلِيٌّ قَسِيْمُ الجَنَّةِ وَالنَّارِ .
المصدر : (طَبَقَاتُ الحَنَابِلَةِ 1: 320) .