بانتظار إشارة الانطلاق
التحقت جاغوار أخيرا بموجة صناعة السيارات الخضراء بعد أن كشفت عن خطط لإنتاج موديلات تحمل الجينات الوراثية للشركة البريطانية الشهيرة وتقدم معدلات أداء قوية على غرار شقيقاتها المزودة بالمحركات التقليدية. لكن المهمة لا تبدو سهلة، فثمة عقبات فنية متنوعة ومعقدة تقف في طريق تحقيق هذا الطموح والذي يأتي في ظل الضغوط للانخراط في مسار حماية البيئة.
لندن – تواجه العديد من الشركات في مجال تصنيع السيارات الكهربائية عقبات فنية متنوعة في طريق التخلّص نهائيا من المركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي. ومن بين هذه الكيانات تظهر جاغوار التي تخطط للتخلص من كافة أنواع المركبات التي تعمل بالبنزين والديزل والانتقال إلى السيارات التي تعمل بالبطاريات في غضون خمس سنوات.
وبالنسبة إلى الشركة البريطانية العريقة يشكل هذا الاتجاه جزءا مهما من إستراتيجيتها التي تسعى من خلالها إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية تتمثل في خفض أكثر ما يمكن من الانبعاثات بحلول 2039 وإنهاء الازدحام على الطرقات وتقليص منسوب الحوادث المرورية بشكل كبير جدا.
وتطرح مسألة كهربة السيارات تساؤلات حول الفرق بين الموديلات متعددة الأغراض “أس.يو.في” وسيارات الأراضي الوعرة، في الوقت الذي تشهد فيه السيارات الرياضية متعددة الأغراض رواجا كبيرا في الوقت الحاضر.
ويقول خبراء إنه يصعب التكهن بمستقبل السيارات الكهربائية، لكنهم يؤكدون على أن لدى الشركات الكثير من الإمكانات لإيجاد مستقبل أكثر استدامة، فإذا تمكنت من تبديل جميع المركبات ذات الاستخدام الخفيف إلى السيارات الكهربائية والهجينة باستخدام مزيج التكنولوجيا الحالية، يمكن خفض التلوث الصادر عن الاحتراقات وانبعاثات الكربون.
ومع أن جاغوار قدمت موديل آي – بيس الكهربائي وهي معروضة للبيع منذ سنوات وعكفت خلال العام الماضي على ابتكار نموذج آخر تحت اسم “إكس.جي”، لكن ليست لها أي سيارة كهربائية تسير على الطرقات. وأشارت الأسبوع الماضي إلى أنها لا تخطط لطرح نسخة كهربائية منها في هذه المرحلة.
تييري بولوريه الرئيس التنفيذي السابق لرينو رسم مسار جاغوار وشقيقتها لاند روفر للتحول إلى سيارات عديمة الانبعاثات
وقد ألمح قسم الهندسة في الشركة مرارا أنه غير متحمس لفكرة السيارات الكهربائية بالرغم من أن معظم الشركات تبنّت هذا التمشّي نتيجة الضغوطات التي تمارسها الحكومات في أوروبا والولايات المتحدة على المصنعين لإنتاج مركبات تنسجم مع البيئة للتقليل من مستوى الاحتباس الحراري.
لكن الأمر بات مختلفا اليوم على ما يبدو، فقد أكدت الشركة التي تملكها مجموعة تاتا موتورز الهندية أنها تريد “إعادة ابتكار نفسها” تحت قيادة مديرها العام الجديد تييري بولوريه الرئيس التنفيذي السابق لشركة رينو الفرنسية. ووعدت الشركة باستثمار 2.5 مليار جنيه إسترليني سنويا، جزء كبير منها في كهربة مركباتها.
ووضع بولوريه الإستراتيجية الكهربائية للعلامة البريطانية ورسم المسار الذي ستتخذه جاغوار وشقيقتها لاند روفر كجزء من التحول إلى السيارات عديمة الانبعاثات. ويفترض أن يعيد اسم الخطة تصورها بشكل فعال لصناعة ماركات فاخرة كهربائية بالكامل تمثل إحدى أكبر الخطوات للعلامة التجارية منذ عقود.
وكشفت الشركة عن إستراتيجيتها الجديدة بعدما تضررت بشدة جراء كوفيد – 19 على غرار القطاع بكامله، وبعد فترة وجيزة من إبرام اتفاق تجاري بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لمرحلة ما بعد بريكست، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى قطاع صناعة السيارات.
وفيما ستتحول جاغوار إلى كهربائية بالكامل، فإن لاند روفر لن تقوم بذلك رغم أنها ستطلق ستة طرازات كهربائية بالكامل خلال السنوات الخمس المقبلة أولها في العام 2024. والهدف من ذلك هو أن تصبح كل طرازات جاغوار ولاند روفر كهربائية 100 في المئة بحلول نهاية العقد.
وعلاوة على ذلك تريد جاغوار ولاند روفر العمل على تطوير الهيدروجين من أجل تلبية الطلب المستقبلي، وتعتزم أيضا التعاون مع مجموعة تاتا في مجال الطاقة النظيفة وبرمجيات الكمبيوتر.
وعام 2025 ليس بعيدا في الأفق مما يعني أن السيارات الكهربائية التي ستقدمها جاغوار قيد التطوير بالفعل، ولكن هذا لا يعني أن كل طرازات الشركة الحالية ستتحول إلى كهربائية بحلول ذلك الوقت.
وتعتزم الشركة البريطانية استخدام منصة الهندسة المعيارية الكهربائية “إي.أم.أي” لنماذجها الكهربائية المستقبلية والتي من المتوقع أن تتضمن الجيل التالي من آي – بيس، والتي من المحتمل أن تندمج مع المكان الذي تشغله في الخط بواسطة محرك الغاز الحالي إي – بيس.
ومن المتوقع أن تقوم سيارة أف – بيس الأكبر بالانتقال أيضا، ومن المرجح أيضا أن تنتج طرازا مشابها من لاندروفر في وقت ما بعد عام 2025 بعد الوصول المتوقع لسيارة رينج روفر كهربائية.
وفي الوقت نفسه قد يكون طراز أف – تيب محوريا في تشكيلة جاغوار المستقبلية مع زوال الكوبيه والكابريوليه الحاليتين في الإنتاج منذ 2014. وفي الواقع سيكون من الصعب تخيل مجموعة سيارات جاغوار تتكون فقط من سيارات السيدان وسيارات الدفع الرباعي.
وعندما يتعلق الأمر بسيارات الركاب يمكن رؤية طرازي جاغوار “إكس.إي” و”إكس.أف” يندمجان في عرض واحد لسيارة سيدان، ومن المحتمل أن يتم الاستغناء “إكس.أف” ليتم استهداف العروض الكهربائية متوسطة الحجم مثل مرسيدس بنز “إي.كيو.إي”.
وسبب الدمج المتوقع هو أن مبيعات السيدان المجمعة لن تدعم على الأرجح تكلفة تطوير وتسويق وبيع نموذجين متميزين وليس في مواجهة تقلص الطلب في السوق على سيارات السيدان. وربما نرى سيارة سيدان واحدة معروضة في إصدارات ذات قاعدة عجلات قياسية وطويلة قد تحظى باهتمام في الصين وفي أماكن أخرى.
وبالمثل فإن سيارة “إكس.جي” التي كان من المفترض أن يتم إطلاقها في وقت لاحق من هذا العام لن تتحقق بعد كل شيء مما يمثل أول إلغاء رئيسي لخطة “إعادة الابتكار” الإستراتيجية لشركة صناعة السيارات ويمثل نهاية الخط لنموذج كان العلامة التجارية والدعامة الأساسية لمدة نصف قرن.
وبينما تشير جاغوار إلى مشكلات تخصيص المصنع في استبدال “إكس.جي”، يعتقد المختصون أن هذا الطراز الكهربائي سيكون نموذجا مكلفًا للتركيز عليه بأكثر من طريقة، وكان سيواجه عددا كبيرا جدا من المنافسين خلال دورة إنتاجه بما في ذلك مرسيدس وتسلا وبي.أم.دبليو وأودي وبورشه.