الشعور بالرغبة في المغامرة والقدرة على تغيير الخطط شرط مسبق لبناء شخصية الرحالة.



فسحة من المتعة في زمن الوباء

سيدني - كان بإمكانهم أن يحزموا أمتعتهم ويعودوا إلى بلادهم، غير أن الشعور الحماسي بالرغبة في المغامرة والقدرة على تغيير الخطط في اللحظات الأخيرة، هو بالتأكيد شرط مسبق لبناء شخصية الرحالة، وقرر الكثيرون منهم أن يروا نهاية جائحة كورونا بينما هم لا يزالون على طريق السفر بغض النظر عما قد يحدث من تقلبات ومفاجآت.
فمثلا وصل ساشا سيب وصديقته كلوديا تران نجوك وهما من ألمانيا، إلى نيوزلندا في فبراير 2020، وذلك قبل وقت قصير من فرض أول إغلاق في البلاد بسبب الجائحة، غير أنهما عثرا حينذاك على عمل في مزرعة للكرم.
ويقول سيب “في البداية شعرت بصدمة وفكرت أنه يجب علينا الرحيل، ولكننا تلقينا معلومات تفيد بأن الرحالة الذين يحملون حقائبهم على ظهورهم، يمكنهم أن يبقوا إذا أرادوا”، والآن عادت الحياة إلى طبيعتها تقريبا في نيوزيلندا.البعض من محبي السفر يقررون متابعة نهاية جائحة كورونا بينما هم لا يزالون على طريق رحلتهم

كما تقول كلوديا، إن العودة إلى ألمانيا لم تكن خيارا مطروحا، وتضيف “إنك تحصل على تأشيرة عمل مرة واحدة في حياتك، ويكون ذلك قبل أن تصل إلى سن الثلاثين، وفكرت في أنني لن أحصل على هذه الفرصة مرة ثانية”.
وأصبحت الخطة هي أن يواصل الصديقان السفر، ويراقبا تطور الأمور في ألمانيا بعد أن سافرا إلى بضعة مقاصد، وبعد ذلك عليهما أن يقررا ما هي الخطوة القادمة؟ ويقول سيب “كل الأمور آخذة في التغير في ظل الجائحة”.
أما مارك هغديوز، وهو رجل من المجر يبلغ من العمر 44 عاما، فقد كان يتنقل في رحلات بين عدة دول في أميركا اللاتينية منذ عام 2014، وهو موجود حاليا في المكسيك بعد أن زار كوستاريكا قبلها. ويقول “لم يتغير شيء في أسلوب حياتي بعد الجائحة، باستثناء ارتداء كمامة وغسل يدي بالمطهرات من آن إلى آخر”، ويضيف أنه لا يخشى من العدوى بالفايروس.
ويؤكد هغديوز قائلا “إنني أشعر بأنني في صحة جيدة تماما، وأتناول الطعام الصحي ولدي تأمين صحي”. وكانت كوستاريكا قد طالبته بأن يكون لديه تأمين صحي يغطي نفقات علاجه في حالة إصابته بفايروس كورونا.
ويضيف هغديوز الذي عاش في فيينا عدة سنوات، “كنت أتوقع مثل هذا الإجراء من دول أخرى، حتى يتم تسهيل سفر الناس إلى أي مكان ودون مشكلات إلى حد ما”.
ومثال آخر على مواصلة الرحلة تجسده الفتاة الألمانية نيكوله بيرن التي كانت تقيم في أستراليا منذ فترة، بعد أن حصلت على تأشيرة تسمح لها بالعمل مع تمضية عطلة، عندما تفشت الجائحة. وقررت الفتاة التي تبلغ من العمر 20 عاما البقاء، على الرغم من أنها تشعر هذه الأيام بقدر من الحنين إلى الوطن.



نعم من أجل المتعة رغم الجائحة

وتقول نيكوله “كان الأمر صعبا، لأنه من الصعب الحكم على الوضع، ولكن إذا تحدثنا بموضوعية فإن الوضع في أستراليا أفضل بكثير مقارنة بألمانيا”، كما أن ارتفاع سعر تذاكر الطائرات يعد أيضا عاملا يدفعها إلى البقاء.
وتوضح قائلة “جميع الخيارات في أستراليا وخاصة هنا في مدينة بيرث مفتوحة أمامي، ولم أكن مضطرة هنا لأن أضع كمامة، ولم أشهد في حياتي احتفاليات كبيرة مثل تلك التي شهدتها في بيرث”، وتضيف إن 2020 “هو أفضل عام في حياتي”.
وثمة امرأة ألمانية أخرى هي كارينا أداميك التي تقيم في أستراليا منذ عامين، وهي لا تكاد تلاحظ وجود جائحة لأنها تعمل في مزرعة للماشية كائنة في منطقة نائية. وتقول إن خططها للسفر على طول الساحل الغربي لم تتغير كثيرا بسبب الجائحة، وإنها تقضي الكثير من الوقت في مناطق برية منعزلة.
وتضيف أداميك التي تبلغ من العمر 30 عاما، “من المؤكد أنني كنت سأقوم بهذه الرحلة مرة أخرى”.
ويقوم الشريكان السويسريان المتقاعدان هايدي وفيرنر برحلات إلى مختلف أنحاء العالم، على متن سيارة كارافان مرسيدس “سبرينتر” منذ فبراير 2019، وهما الآن في أفريقيا. وأجبرتهما الجائحة على تغيير بعض الخطط، ولكنهما لم يجدا سببا مقنعا للتخلي عن مغامرتهما.
ويقولان إن “العودة إلى بلدنا ليست مطروحة على الإطلاق كخيار”، وبدلا من ذلك قررا البقاء في تنزانيا لبضعة أشهر داخل مزرعة، قبل التوجه إلى ناميبيا على متن عربتهما الكارافان التي يستخدمانها كمنزل، وذلك عندما يتم فتح الحدود بالتدريج مرة أخرى.
ويضيفان “بالطبع نحن نعلم أنه ولى زمن السفر بلا قيود ودون الحاجة إلى اختبار العدوى بالفايروس”، وأصبح الأمر الآن يتعلق بالمضي إلى مقصدهما بشكل أكثر بطئا ووعيا. ويتابعان “حيث أن رحلتنا غير محددة بوقت معين، فيمكن بسهولة مد تأشيرات الدخول بسب الجائحة، وبذلك يمكننا استكشاف جميع المناطق النائية الجميلة في كل دولة نزورها”.