"أهتم كثيرا".. أحدث أعمال الإثارة والتشويق على نتفليكس يجذب الجوائز والجمهور
روزماند بايك واجهت انتقادات بتكرار نفسها في فيلم "أهتم كثيرا" (نتفليكس)
بدأ عرض فيلم "أهتم كثيرا" (I Care a Lot) مؤخرا على منصة "نتفليكس" (Netflix) من بطولة روزماند بايك وبيتر دينكلاج، وإخراج وتأليف جيه بلاكيسون، والذي تصدر سريعا قوائم التريند حول العالم، وترشحت بطلته لجائزة غولدن غلوب كأفضل ممثلة في دور رئيس؛ لكن هل قدمت بايك جديدا في دورها هذا؟تتركز حبكة فيلم "أهتم كثيرا" حول شخصية مارلا غرايسون، التي تستغل ثغرات في النظام القانوني والاجتماعي الأميركي، تنص على أن كبار السن الذين لا يستطيعون الاعتناء بأنفسهم بصورة لائقة يوضعون تحت حماية أوصياء قانونيين.
وبالفعل تدير شركة تقوم بهذا النشاط، وتحت سيطرتها مجموعة واسعة من المسنين الأغنياء، الذين تتلاعب بحساباتهم المصرفية وممتلكاتهم، وتنقلها لنفسها بشكل قانوني تماما على هيئة أتعاب مقابل رعايتها.
ولكن تلاعب مارلا لا يقف عند حد استنزاف مدخرات عملائها؛ بل كذلك اصطيادهم بشكل غير قانوني، عبر شهادات مزورة من أطباء مرتشين، توصي بعدم أهلية هؤلاء المسنين، وإجبارهم على التخلي عن منازلهم وسيطرتهم على شؤون حياتهم وانتقالهم إلى دور الرعاية، حيث يتلقون من العناية ما توافق عليه مارلا فقط، للإبقاء على حياتهم أطول وقت ممكن، طالما تحصل على المقابل المادي.
ولكن خطتها تضطرب عندما تنفذها على امرأة من المفترض أنها وحيدة تماما في الحياة؛ لكن تكتشف بعد ذلك هويتها السرية، ووجود ابن لن يحميها فقط من مارلا، ولكن ينتقم من الأخيرة كما تستحق، ويصبح الفيلم استعراضا للتصادم بين الإرادتين العنيفتين، مارلا والابن.
روزماند بايك وفخ التكرار
بدأت روزماند بايك الممثلة الإنجليزية مسيرتها التمثيلية منذ نهايات التسعينيات، وحصلت على تقدير بسيط على مدار السنوات، سمح لها بالاستمرار؛ لكنها لم تلق الشهرة الحقيقية إلا عام 2014، عندما قدمت مع المخرج ديفيد فينشر فيلم "الزوجة المفقودة" (Gone girl)، والذي ترشحت عنه للعديد من الجوائز على رأسها الأوسكار، وقدمت فيه دور "آمي" المرأة الداهية، التي توهم زوجها الخائن بوفاتها وتزوره من حين لآخر حتى تنتقم منه، وكان أداء بايك بالفعل مخيفا للمرأة المتلاعبة الذكية للغاية، والتي لا يمكن أن يوقفها أي شيء قبل تحقيق هدفها حتى لو قامت بجريمة قتل.
ولكن النجاح الكبير الذي حصلت عليه في هذا الدور كما كان مفيدا لها بالتأكيد قام بحصرها في أذهان المشاهدين في الدور ذاته، وعلى الرغم من تقديمها أعمالا مهمة في السنوات التالية مثل فيلم "حرب خاصة" (A Private War)، الذي ترشحت عنه للغولدن غلوب عام 2018؛ إلا إنها ظلت دوما في ذاكرة المشاهدين "آمي المذهلة" أو المرأة الداهية.
وأعادها لدائرة النور مرة أخرى دورها في فيلم "أهتم كثيرا" (I Care a Lot) الذي قدمت فيه شخصية مشابهة كثيرا لامرأة لا يهمها أي شيء سوى نجاحها، تستطيع التخطيط ببراعة، وتخطي أي عقبات للوصول إلى النجاح.
وتعالت بضعة أصوات أن بايك تعيد تكرار نفسها؛ لكن في الحقيقة هي لم تقم بذلك لمدة 6 أعوام قدمت فيها أدوارا مختلفة، إلا أن الجمهور هو الذي تعلق برؤية معينة للممثلة البارعة بالفعل، ورفض أن يراها في أدوار أخرى ربما كانت أفضل.
بناء درامي يتهاوى
بعيدا عن أداء روزماند بايك الممتاز طوال أحداث الفيلم، والفكرة المبتكرة الخاصة به، فقد جاء البناء الدرامي للسيناريو مضطربا إلى حد كبير، فالنصف الأول منه نجد أن القصة تميل إلى المنطقية مع تصاعد درامي وإثارة شديدة، ورسم واقعي لشخصية المرأة القوية التي لا تقبل الهزيمة؛ لكن النصف الثاني تحولت الشخصية لتصبح المرأة الخارقة، التي تستطيع الهرب من محاولة اغتيال عنيفة، وتقوم باختطاف أحد زعماء المافيا والذي رسمت شخصيته على أنه لا يهزم طوال الجزء الأول من الأحداث؛ لنكتشف أنه أكثر سذاجة من طفل بنظامه الأمني، الذي يتداعى على يد شخص واحد ليس له سجل إجرامي سابق.اعلان
أما النهاية فقد كانت كارثية بالفعل، فقد اعتمد الفيلم على تقديم الحقيقة القاسية التي يواجهها المسنون في نظام اجتماعي وقانوني من المفترض أنه يحميهم؛ لكنه يحتوي على ثغرات تسهل استغلالهم بصورة شرعية، وحتى اللقطات ما قبل الأخيرة كان السيناريو يميل للكوميديا السوداء، ويبدو أن المخرج والكاتب جيه بلاكسون أراد على طراز الأفلام الكلاسيكية القديمة ألا يترك أبطاله بدون عاقبة أخلاقية، والأزمة الحقيقية أن العقاب لم يأت بشكل منطقي؛ بل جاء مفاجئا وعبثيا، ولا يتصل بما سبقه من الأحداث إلا قليلا.
ولكن هذه العيوب لم تقلل من كون الفيلم مثيرا ومسليا، وحصوله على إعجاب المشاهدين بدليل تصدره قوائم الأعلى مشاهدة على نتفليكس، أو النقاد بحصوله على تقييم 81% على موقع الطماطم الفاسدة.