{ وأنا الفقيرُ }
----------------
أنا ساكنٌ في الأرض إلا أنّ في
قلبي السّماءَ سَمَتْ بسَبْعِ طِباقِها
ضاقت بأحلامي الحياةُ بِوُسْعِها
فمَدَدتُ آفاقي وَرا آفاقِها
أنا من نبيِّ اللهِ أحمدَ رحمةٌ
الكُلُّ مُفتقِرٌ إلى أخلاقِها
أنا من أميرِ المؤمنين هدايةٌ
معنى الصفاءِ يفيض من رَقراقِها
وبلاغةٌ قُرَشيَّةٌ قُدُسِيَّةٌ
تتلألأُ الأسرارُ من أعماقِها
و أنا الفقيرُ ..ومِن رجالٍ يَستوي
وَصْلُ الحياةِ لَديهِمُ بفراقِها
بُسَطاءُ أهلِ الأرضِ ما فَتَنَتْهُمُ
بحُطامِها الفاني ولا أعلاقِها
مُتَواضعون مُسَلِّمون لِرَبّهمْ
بِبَصيرةٍ همْ سادةُ اسْتِحقاقِها
فإذا الرَّعاعُ تزوّجوا الدنيا زِناً
وأغارَ جوعُهُمُ على أطباقِها
ألفيتَهمْ قد وحَّدوا المولى بدُنـْ
ـياهُمْ ولكنْ ثَلَّثُوا بطلاقِها
أقسَمْتُ بالدّينِ الحنيفِ و رحلةِ
المعراجِ للأعلى و رَبِّ بُراقِها
أنا عبدُ عبدِ عبادِ ربّي . لم تَخُضْ
نفسي برِبْحٍ فيه خُسْرُ سباقِها
وأنا الصَّريحُ ولا أجاملُ كائناً
مهما النفوسُ اسْتَرسَلَتْ بنِفاقِها
والنفسُ - أصلاً - حُرَّةٌ لكنّما
شهواتُها سَببٌ إلى استِرقاقِها
* * *
أنا [يوسفُ البشمان] جدّي . روحُه
روحي بمُجمَلِ مُقتضى أوفاقِها
واليُوسُفِيُّونَ الشِّرافُ . بِحبّهمْ
نفسي مُقَيَّدَةٌ على إطلاقِها
حمَّلْتُ نفسي حُبَّهم وسَلَكْتُه
يَهْماءَ مُوحِشَةً إلى خلّاقِها
إنّ المحبّةَ - كالصلاة - كبيرةٌ
إلا على مُتَحَمِّلِيْ إرهاقِها
ليسُوا بمَوضِعِ أن أُنافِسَهُمْ . فذا
لِبَليدِ نفسٍ في المُيولِ مُعاقِها
نفسي بحكمةِ ربّيَ اسْتَغْرَقتُها
والنشوةُ العصماءُ في اسْتغراقِها
لكنَّ ساماً لا يُفاخَرُ . إن يكن
فَخرٌ بقِيمة كِلْمةٍ و صَداقِها
ليلى بعرش الحبّ تغضَبُ إن رأتْ
تَجديفَ جاهلِها على مُشتاقِها
تحيا أساطينُ البلاغةِ واللُّغَى
ببدائعي . و تموتُ دون لَحاقِها
أنا من ضمير الله صِبغتُهُ التي
لا يَفقهُ الأغيارُ طُهرَ دِقاقِها
والعلمُ ليس العلمُ ما قد تنطوي
كُتُبُ التُّراثِ عليه في أوراقِها
العلمُ رؤيا في العقول تفتّحَتْ
والكُتْبُ قد حَرَصَتْ على إغلاقِها
العلمُ . بعضُ الناسِ بعضُ عُيونِه
و لَنَحنُ ذاتُ السِّرِّ في أحداقِها
لغةُ العباقرةِ المُلُوكِ سَجيَّتي
أكرِمْ بـِ شامِ سجيّتي و عِراقِها
لغةٌ تَوَسَّطَتِ البيانَ . كأنها
زيتونةُ القرآنِ في إشراقِها
لغةٌ بأسرارِ البديع مُحيطةٌ
فكأنما الأطواقُ في أعناقِها
لغةٌ تفتَّحَتِ العلومُ أزاهراً
منها. و يُعطي النَّحلُ كُنْهَ مَذاقِها
لغةٌ تَشِفُّ عن العلى . فحروفُها
بمَنازلٍ بي من جِناسِ طِباقِها
لغةٌ تجلّى اللهُ من ألفاظها
معنىً يُعِيدُ النّفسَ في ميثاقِها
كُلُّ الصَّعاليكِ الصِّغارِ تَساقطوا
من غَيظِهم حَنَقاً على عِملاقِها
............................
بقلم : سام صالح