توزع الغابات يعتمد على التحالفات بين الميكروبات والنباتات (رويترز)

توصل باحثون من جامعة برينستون إلى أن توزع أنواع الغابات في جميع أنحاء العالم يعتمد على أنواع العلاقات تحت الأرضية التي نشأت بين النباتات والميكروبات التي تعيش في التربة، مثل الفطريات والبكتيريا، وذلك بهدف تعزيز امتصاصها للعناصر الغذائية وخاصة النيتروجين والفوسفور.
وقال الباحثون في الدراسة التي نشرت مؤخرا في مجلة نيتشر للبيئة والتطور، إن الفطريات والبكتيريا تطلق المواد الغذائية التي يحتاجها النبات من خلال تحلل التربة، وفي المقابل تتغذى تلك الميكروبات على الكربوهيدرات التي توفرها النباتات من عملية التمثيل الضوئي.


تكافل قديم

وقد خلصت الدراسة إلى أن تنظيم الغابات في جميع أنحاء العالم -مثل الصنوبريات في الغابات الشمالية أو الأشجار ذات الأوراق العريضة في المناطق الاستوائية- يعتمد على العلاقات القديمة ما بين الأنواع المزروعة والميكروبات التي تعيش في تلك التربة مثل الفطريات والبكتيريا.
وتعزز هذه الكائنات الدقيقة، المعروفة باسم المتكافلات، من امتصاص جذور النباتات للنيتروجين والفوسفور. وبهذا تمكنت الأشجار والشجيرات من الهيمنة على المناطق الأحيائية من خلال تطوير العلاقات الأكثر تنافسية مع ميكروبات التربة المحلية، مما يعني أنه لن تتاح الفرصة لنمو أنواع أخرى من النباتات.
كما أفاد الباحثون بأن الديناميكيات الخاصة بالوحدة الأحيائية ما بين النباتات وميكروبات التربة يمكن أن تساعد العلماء في فهم الآلية التي تتحول بها النظم الإيكولوجية (البيئية)، وذلك لأن تغير المناخ يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة، الذي يؤدي بدوره إلى تغير التفاعل ما بين الأشجار والميكروبات والتربة.




الديناميكيات الخاصة بالوحدة الأحيائية ما بين النباتات وميكروبات التربة يمكن لها أن تساعد العلماء في فهم الآلية التي تتحول بها النظم الإيكولوجية (الأناضول)يمكن لها


التنبؤ بتأثير التغيرات البيئية

وقد صرح لارس هيدين الباحث الثاني في الدراسة من قسم البيئة والبيولوجيا التطورية بجامعة برينستون في الولايات المتحدة الأميركية على الصفحة الإخبارية للجامعة بأنه "يمكن استخدام النمط الذي اكتشفناه لمعرفة الأماكن الطبيعية الأكثر حساسية تجاه الاضطرابات التي يسببها البشر".
وأضاف "سوف نتمكن من التنبؤ بمصير المجموعات الشجرية، ومدى تأثيرها في البيئة، وآلية استجابتها لتغير المناخ وزيادة ثاني أكسيد الكربون مستقبلاً".
استهدفت الدراسة نموذج الأشجار والشجيرات -المعروفة باسم الغطاء النباتي المهيمن- في الغابات الاستوائية والمعتدلة والشمالية، وقد درس الفريق ظروف المناطق الأحيائية مثل أشعة الشمس ودورة حياة العناصر الغذائية وذلك بهدف اختبار أكثر علاقات التكافل تنافسا التي يرجح ظهورها، إذا ما تم السماح للنظم الإيكولوجية بالتغير والتحور بشكل طبيعي.


الأشجار المناسبة للبيئات المناسبة

كما أخذت الدراسة بعين الاعتبار كمية الكربون والعناصر المغذية التي تتواجد في منطقة حيوية معينة وآلية ذبذبتها التي تسفر عن استبدال أنواع نباتية ما بأخرى. وبالفعل أثبت نتائج الدراسة مصداقية الفرضية، حيث طورت الأشجار في الغابات الشمالية علاقات تكافلية مصممة خصيصاً للتربة الإسفنجية هناك، ولكنها ليست مناسبة للتربة الطينية في الغابات الاستوائية.
لقد قامت الأشجار والشجيرات باقتطاع المناطق الأحيائية عن طريق طرح المغذيات المناسبة التي تضمن ازدهار علاقتها بالميكروبات المتكافلة معها.
فعلى سبيل المثال، ستضع أشجار القيقب شروطا خاصة بها حتى لا تنمو الأشجار المتنافسة معها في المناطق التي تسكنها القيقب، وكأنها بذلك تخصص تلك المنطقة الأحيائية لها فقط.
وقال "لو" الباحث الأول في الدراسة "يعتبر هذا نموذجا مثاليا لكيفية قيام الكائنات البيولوجية بتشكيل البيئة المحيطة لصالحها".
وأضاف "نعتقد أنه يمكننا التنبؤ بتغيرات الغطاء النباتي وذلك بمجرد تضمين الآليات البيولوجية الصحيحة في المنطقة المراد دراستها، غير أن مثل هذه التوقعات تحتاج أيضا إلى معرفة الديناميكيات تحت الأرضية هناك. فمن خلال معرفة التعايش الأكثر تنافسية في ظل ظروف بيئية محددة، يمكننا تحديد كيفية تطور المجتمعات النباتية وتطور الوحدة الأحيائية في المستقبل".