فاطمة البهادلي تتوسط عددا من الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان
فاطمة البهادلي (51 عاما) رئيسة جمعية الفردوس العراقية كُرّمت مؤخرا من قِبَل منظمة "فرونت لاين ديفندرز" (Front Line Defenders) الأيرلندية بمناسبة اليوم العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان لجهودها الكبيرة في الدفاع عن حقوق المرأة العراقية.
وكانت فاطمة البهادلي واحدة من بين 5 سيدات كرمتهن المنظمة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2020 في تصنيف المدافعين عن حقوق الإنسان المعرضين للخطر.
وتأسست "فرونت لاين ديفندرز" في دبلن عام 2001، لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان الذين يواجهون الأخطار، وتسعى للتعاطي مع متطلبات الحماية التي يحددها المدافعون عن حقوق الإنسان أنفسهم.
وإضافة إلى الجائزة التي حصلت عليها البهادلي فقد مُنحت جمعية الفردوس التي تديرها البهادلي 11 ألف دولار لتنفيذ مشروع صغير يخدم مدينة البصرة (جنوب العراق) حيث مقر الجمعية.
ومنذ عام 2005، تقيم فرونت لاين ديفندرز حفل توزيع الجوائز في قاعة بمدينة دبلن، عاصمة أيرلندا، إلا أنه وبسبب كورونا أقيم حفل التكريم افتراضيا عبر الإنترنت، بمناسبة اليوم العالمي للمدافعين عن حقوق الإنسان الخميس الماضي.
وجمعية الفردوس مؤسسة غير ربحية تأسست عام 2004، وتُعنى بكل مجالات حقوق الإنسان وتعزيز مفاهيم الديمقراطية والمساواة والعدالة المجتمعية.
فاطمة البهادلي (أقصى اليسار) كانت ضمن 5 سيدات كرمن من قبل فرونت لاين ديفندرز (المصدر: فرونت لاين ديفندرز)
نشاطها وجهودها
وفاطمة البهادلي حاصلة على بكالوريوس في اللغة العربية من جامعة البصرة، وتعمل مدرسة للغة عربية، لكن حبها لمساعدة الآخرين زادها عزيمة على مواصلة عملها في مجال حقوق الإنسان.
تزور فاطمة البهادلي المحتاجين وتقدم لهم الدعم المادي والنفسي، كما تزور المساجد والكنائس ودور العبادة الأخرى من أجل ترسيخ حب التعايش السلمي بين مكونات البلد الواحد، ولم يقتصر عملها على ذلك فحسب، بل تزور الشباب العائدين من الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية وتقدم لهم الدعم النفسي وتساعدهم في العودة للانخراط بالمجتمع.
عن حصولها على الجائزة، تقول البهادلي للجزيرة نت، إن فوزها مستحق لكل نساء العالم، كما هو فوز للنساء العراقيات بالخصوص اللواتي ضحين من أجل نيل حقوقهن.
وأضافت أن "هناك شعورا لا يوصف لأن هناك من يقدر عملنا الذي نقوم به، وهو تشجيع لنا يدفعنا للاستمرار دون توقف في الدفاع عن قضية الإنسان وحقوقه".
محو الأمية
وأوضحت أن من أبرز البرامج التي عملت وزميلاتها عليها، وكان ذا تأثير كبير، هو تعليم القراءة والكتابة للنساء اللواتي يعشن في الريف.
وتضيف أنها وفريقها عملوا على تعزيز مفهوم حقوق الإنسان والديمقراطية بين أبناء المجتمع، وإقامة حملات مدافعة ومناصرة للنساء المعنفات، اللواتي يواجهن العنف الأسري أو اضطهاد الأسرة والمجتمع.
وفي حديثها للجزيرة نت أكدت البهادلي أن من أولويات عملها وزميلاتها هو تمكين المرأة البصرية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، وبناء قدراتها في المشاركة بصنع القرار والحصول على حقوقها في مجالات مختلفة من الحياة، كما عملن من أجل القضاء على مفاهيم خاطئة مثل زواج القاصرات، أو بعض التقاليد العشائرية غير الصحيحة، من أجل إعطاء المرأة مكانتها في المجتمع.
فاطمة البهادلي في إحدى الورش التدريبية
تهديد
ولفتت إلى أن عملها لا يخلو من التحديات حيث تتلقى وزميلاتها تهديدات عدة من قبل جهات غير معروفة هدفها اضطهاد المرأة.
وتوضح البهادلي أن عمل منظمتها إنساني بالدرجة الأولى ويرتبط بالشراكة مع منظمات دولية بمجال حقوق الإنسان، "ولكن بين الحين والآخر نُتهم بأننا مدعومون من جهات خارجية، وبرزت التهديدات على أشدّها عندما شاركنا في مظاهرات عام 2018، مطالبين بالحقوق الأساسية للمواطن العراقي والبصري، ولاسيما نحن نعيش في أغنى مدينة لكن يفتقد مواطنها إلى أبسط متطلبات العيش الكريم".
وعن أمنيات فاطمة البهادلي تقول إنها "تتمنى أن يتحقق حلمها بأن لا تنام امرأة وهي تشعر بالخوف أو العنف، وأن لا ينام رجل وهو محتاج، وأن لا ينام طفل وهو جائع. حقيقة أحلامي كثيرة ولكن هذا ما أطمح إلى تحقيقه وعليّ أن أبذل جهدا لتحقيق ذلك، أنا مستمرة في العمل، أحلامي كبيرة وطموحي أكبر وإرادتي قوية".
فاطمة البهادلي خلال مشاركتها في حملات التعقيم والتعفير في مناطق بالبصرة لمواجهة كورونا
دفعة معنوية
تقول الناشطة البصرية فدوى طعمة العطية، إن فوز فاطمة البهادلي هو فوز يفتخر به كل المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان في العراق، وإنه يعد بمثابة دافع معنوي للجميع وخاصة للنساء في البصرة.
وأوضحت فدوى -وهي واحدة من النساء اللواتي شاركن في التدريبات والبرامج التي تقدمها جمعية الفردوس التي تترأسها فاطمة البهادلي- أن الدورات التي قدّمتها جمعية الفردوس كانت ذات فائدة وأضافت لها المعلومات من خلال المواضيع التي طرحت ضمن ورش العمل، ولاسيما أن أغلبها يعالج الواقع الإنساني في مدينة البصرة وتنمية قدرات المرأة.
وتضيف أن فاطمة كانت تحتوي جميع الناشطين في المدينة وتمكّن المنظمات الفتية ليكونوا في المسار الصحيح، ولعل ما يميزها أيضا هو لغتها الفصحى التي تتحدث بها.
وحسب فدوى فإن المرأة العراقية تواجه تحديات كثيرة في ظل الأوضاع غير المستقرة في البلاد، ابتداء من المنزل إلى العائلة الكبيرة إلى المجتمع، إلا أن المرأة أثبتت وجودها من خلال حصولها على جوائز دولية، كما التي حصلت عليها فاطمة البهادلي.
عطاء وإنسانية
وعن نيل فاطمة البهادلي الجائزة، يقول الناشط المدني ضرغام صباح، إنها تستحقها بجدارة "وأسعدني حصولها عليها"، مشيرا إلى أنه وغيره الكثيرين شهود على عطائها وإنسانيتها في التعامل مع المحيطين بها.
وأضاف صباح -وهو مهندس تقني- أن فاطمة البهادلي تعمل على إزالة المظاهر السلبية التي خيمت على المجتمع، معتبرا أن أبرز ما يميزها أنها كافحت وسخرت نفسها ووقتها من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان، فأعطت صورة حقيقية للمرأة العراقية، وألهمت كل إنسان التقى بها في ندوة أو جلسة أو زيارة سريعة إلى منظمتها، المفتوحة أبوابها للجميع.
ويؤكد أنه من خلال تواصله المستمر مع الجمعية ومشاركته في ورش تقدمها، وجد أن فاطمة البهادلي مهتمة بالقضايا الاجتماعية، مثل حقوق المرأة والدفاع عنها والوصول إليها في المناطق البعيدة النائية، كما تهتم بقضايا العنف الأسري والعنف ضد الأطفال، كما برز دورها بشكل كبير في دعمها للعوائل النازحة خلال سيطرة تنظيم الدولة على مناطق شمال العراق.
ويشيد صباح بدفاع فاطمة البهادلي "عن حقوق الأقليات ومحاربة تفشي البطالة من خلال إشراك العاطلين عن العمل في النشاط المجتمعي وتدريبهم على العمل الإنساني، من أجل خلق جيل شباب واعد يخدم البلاد".