أثارت دراسة جديدة الجدل حول أصل حبات زرقاء لامعة من أوروبا اكتشفها علماء الآثار في القطب الشمالي في ألاسكا، حيث يرى الباحثون أنها قد تسبق وصول كريستوفر كولومبوس إلى العالم الجديد.
ووفقا للدراسة التي نشرت في دورية أميركان أنتيكويتي American Antiquity، يرجح الباحثون أن تكون هذه الخرزات بحجم حبة التوت البري قد تم إنشاؤها في البندقية خلال القرن الـ15، ومن ثم تم تداولها باتجاه الشرق، في رحلة برية بطول 17 ألف كيلومتر شرقا عبر أوراسيا، ثم نقلها عبر مضيق بيرينغ إلى ما يعرف الآن بألاسكا.
حالها حال أي رواية لتفسير اكتشاف جديد، يشكك علماء آثار آخرون في هذه النتائج، بحجة أنه رغم أن هذه الخرزات قديمة، فإنها ليست أقدم من رحلة كولومبوس عام 1492، أضف إلى ذلك أن الأوروبيين لم يصنعوا خرزا من هذا النوع في وقت مبكر من التاريخ.
كانت الخيوط ملفوفة حول جزء من سوار مطرز باللون الأزرق، مما يمكن أن يشير إلى وقت صنع تلك الإسورة (الصحافة الأجنبية)
حلي باللون الأزرق
وبحسب التقرير المنشور على لايف ساينس Live Science في 12 فبراير/شباط الجاري، فقد اعتقد المؤرخون طويلا أن فيتوس بيرنغ Vitus Bering -المستكشف الدانماركي الذي خدم في البحرية الروسية- كان أول أوروبي حديث يتصل بأهل ألاسكا الأصليين عندما رحل إلى هناك عام 1741.
غير أن اكتشاف الخرزات الزرقاء يشير إلى أن سكان آسيا، وربما أولئك الذين يعيشون في المناطق النائية من شرق روسيا، ربما كانوا قد عرفوا عن ألاسكا قبل ذلك بكثير.
في ستينيات القرن العشرين اكتشف عالم آثار أميركي أولى حبات الزجاج الأزرق، ومنذ ذلك الحين تم اكتشاف ما مجموعه 10 حبات تباعا في 3 مواقع للسكان الأصليين في القطب الشمالي في ألاسكا.
وقد اكتشفت قطع أثرية أخرى هناك، بما في ذلك الأساور النحاسية والسلاسل، بالإضافة إلى مواد عضوية كالخيوط وعظام الحيوانات والفحم التي أرخها الباحثون باستخدام الكربون المشع.
وقد كان اكتشاف الخيوط -المصنوعة على الأرجح من شجيرة لحاء الصفصاف- أمرا فارقا، حيث كانت ملفوفة حول جزء من سوار مطرز باللون الأزرق، مما يعني أنه يمكن أن يشير إلى نطاق زمني تقريبي لوقت صنع تلك الإسورة.
ووفقا لتحليل التاريخ بالكربون المشع، يرجح أن تكون الخيوط المكتشفة قد صنعت في الفترة ما بين 1397 و1488، وهذا يعني أنها سبقت بالفعل اكتشاف كولومبوس للعالم الجديد بعدة عقود.
وقد أوضح الباحثون من جامعة ألاسكا فيربانكس University of Alaska Fairbanks الأميركية أن حبات ألاسكا الزرقاء مصنوعة من زجاج الصودا، وهي ظاهرة نموذجية للقرن الـ15 في مدينة البندقية بداية وفي أوروبا لاحقا.
وربما جاءت جميع الخرزات الزرقاء في شحنة واحدة -إذا جاز التعبير- ومن ثم تم تداولها في مركز تجاري إقليمي للسكان الأصليين يعرف باسم شيشاليك Sheshalik، عند مصب نهر نواتاك Noatak ومضيق بيرنغ .
الدراسة ترجح صنع الخرز في البندقية، وتداوله في رحلة برية بطول 17 ألف كيلومتر شرقا عبر أوراسيا ثم إلى ألاسكا
البندقية أم فرنسا
وبإلقاء نظرة سريعة على نطاقات تاريخ الكربون المشع يظهر أن سكان ألاسكا الأصليين كانوا قد استخدموا الخرزات من 1570 إلى 1650. وهي فترة تتناسب مع سجلات إنتاج هذا النوع من الخرز الأوروبي.
ويمكن أن تكون تلك الخرزات قد صنعت في فرنسا وليس في البندقية، وذلك بناء على ما تم العثور عليه في أحد مواقع مخلفات صناعة الخرز في روان بفرنسا من حبات زرقاء قديمة تحتوي على العديد من الفقاعات، وهو ما يعود إلى أوائل القرن الـ17 في البندقية أو ما حولها.
أخيرا، ورغم الجدل الدائر حول أصل هذه الخرزات، فقد أجمع الباحثون على شيء واحد وهو أنها تمثل أقدم دليل مسجل على المنتجات الأوروبية في ألاسكا، وأنها وصلت إلى ألاسكا عبر أوروبا الغربية أواخر القرن الـ16 أو أوائل القرن الـ17، ويرى الباحثون أن هذه الدراسة تسلط الضوء على دور شبكات تبادل السكان الأصليين للبضائع من أوروبا.