بينما أبقت معظم دول الاتحاد الأوروبي حدودها مغلقة أمام الزوار غير الأوروبيين خلال الوباء، ترحب كرواتيا بالوافدين من الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى.
وبالطبع، يتم الترحيب بالزوار من خارج الاتحاد الأوروبي، بشرط تقديم اختبارات سلبية لفيروس كورونا أو الخضوع لحجر الصحي. واليوم، تسعى كرواتيا إلى تسهيل الإجراءات على الأشخاص الذين يرغبون في البقاء لفترة أطول، مع تعديل قوانين الهجرة لمنح تصاريح إقامة سارية لمدة عام واحد للعاملين عن بعد من خارج الاتحاد الأوروبي، بشرط ألا يحتاج هؤلاء الأشخاص إلى تأشيرة سياحية للدخول.
وفي 15 يناير/ كانون الثاني، أصبحت ميليسا بول هي أول رحالة رقمية رسمية بموجب القانون الجديد، الذي تم تطبيقه في بداية عام 2021.
وقالت لـCNN:"كنت أعمل عن بُعد لمدة 15 عاماً حتى الآن، وأملك شركتي الخاصة، لكنني أتعاقد مع شركات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والمكسيك".
وبداية، انتقلت بول إلى كرواتيا مع زوجها الأمريكي الكرواتي، الذي ينحدر والداه من جزيرة كرك.
وعند انفصالهما عن بعضهما البعض، علمت أنها لن تستطيع مواصلة العيش في كرواتيا كمقيمة. لكن القانون الجديد قدم لها هذه الفرصة المؤقتة.
واليوم، تدير بول عملها من مطبخ منزلها في شبة جزيرة إستريا، شمال غرب كرواتيا.
وستكون هذه الإقامة الممتدة لبول هي بمثابة فرصة للتعرف على البلاد بشكل أفضل.
وقالت: "كان يجب أن أقدم العديد من المستندات التي توضح العمل الذي أقوم به بشكل مفصل، ومكان تواجد عملائي، وإثبات نشاط شركتي، وأنني أمتلك الوسائل المالية للعمل بشكل مستقل، وللتأمين الصحي، بالإضافة إلى مكان للعيش".
وبالطبع، لم يكن الأمر صعباً على بول لجمع هذه المستندات، كونها تعمل عن بعد لسنوات طويلة.
وكان صاحب هذه الفكرة هو رجل الأعمال والمستثمر الهولندي، يان دي يونغ، الذي يعيش في كرواتيا منذ عام 2006.
وفي يوليو/ تموز، نشر خطاباً مفتوحاً إلى رئيس الوزراء الكرواتي، أندريه بلينكوفيتش، عبر موقع "لينكد إن"، مشيراً إلى الامتيازات الاقتصادية المحتملة للترحيب بالعمال عن بُعد.
وتلقى بلينكوفيتش الرسالة، حيث تم اعتماد التغييرات ذات الصلة في قانون الهجرة في ديسمبر/ كانون الأول 2020، بعد إجراء مشاورات مع دي يونغ.
وقال دي يونغ: "تعتبر كرواتيا بلداً آمناً بأسلوب حياة متوسطي، حيث سيجدها العديد من العامليين الرقميين جذابة".
وبالتلي، يمكن أن تساعد هذه الخطوة في تعزيز الاقتصادات المحلية وقطاع السياحة في كرواتيا، وغيرها من القطاعات التي تضررت من الوباء رغم افتتاح أبوابها للزوار.
ويقول دي يونغ: "سينفق العاملون الرقميون مصدر دخلهم هنا، ما سيكون رائعاً لقطاع الخدمات".
وأضاف أنهم سيوفرون أرباحاً إضافية عند دفع القيمة المضافة على جميع مشترياتهم.
ويعيش المكسيكيان، أرييل ميديل وكلوديا ساو، في مدينة سبليت منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2020.
وبعد فترة وجيزة من الاستقرار في هذه المدينة التاريخية على ساحل دالماسيا، سمع الثنائي عن خطط الحكومة للعاملين عن بعد.
وقال ميديل: "أعتقد أن اتخاذ هذه الخطوة هو أمر طبيعي، لأنني أحب السفر والتعرف على ثقافات وتاريخ البلدان الأخرى، وهو الاهتمام الذي تشاركه زوجتي معي".
وأضاف: "قررنا البقاء في سبليت لأنها ليست مدينة ساحلية جميلة فحسب، وإنما أيضاً تتميز بتاريخها، فهي كبيرة بما يكفي للحصول على جميع الموارد التي نحتاجها دون أن تكون كبيرة جداً".
ولكن، ما هي إيجابيات وسلبيات هذه الخطوة؟
تعمل جين تور، وهي من سنغافورة، في شركة تقنية رائدة وتدير مشاريع مختلفة مع شركات ناشئة، تعمل في مجالات التعليم، والتكنولوجيا المالية، والتسويق الرقمي، وقطاعات السفر.
وقالت: "وصلت إلى كرواتيا في الأسبوع الأول من أكتوبر/ تشرين الأول، لأنني كنت في ألبانيا قبل ذلك، ولم أستطع السفر إلى أي دولة من دول الاتحاد الأوروبي دون المرور عبر كرواتيا".
وأضافت: "كانت خطتي الأولية هي البقاء لمدة أسبوعين، لكنها امتدت إلى 84 يوماً".
ولفت انتباه تور العديد من النشاطات في كرواتيا، بدءاً من رياضة ركوب الأمواج الشراعية، والغوص، والمشي لمسافات طويلة وغيرها.
وبالمقارنة مع سنغافورة، تجد تور أن كرواتيا أقل ازحاماً وأكثر رخصاً للعيش فيها، حيث استطاعت أيضاً التواصل مع مجتمعات المغتربين التي تشجع الأعمال التجارية الجديدة.
وقالت: "قابلت أشخاصاً رائعين في كرواتيا، خاصةً من قطاع التكنولوجيا الذي أنتمي إليه".
وتتمتع كرواتيا بالكثير من المزايا، أبرزها هو عدم إلزام الوافدين بدفع ضريبة الدخل، مع تقديم تصريح إقامة ساري المفعول لمدة عام واحد.
ولكن، سيتعين عليك مغادرة البلد لمدة 6 أشهر في حال قررت تمديد إقامتك.
وتقدم سارة دايسون، من موقع "Expat in Croatia"، استشارات فردية لأي شخص يفكر في الانتقال إلى البلاد، كما تلقت العديد من الاستفسارات بشأن العاملين عن بعد.
وتقول: "التذمر الوحيد حتى الآن هو أن التصريح لا يضع الناس على طريق تقديمهم للإقامة الدائمة أو المواطنة".