على ظهره تارة، وبين يديه تارة خرى، يناوب ابنته التي يحملها لإيصالها إلى مدرستها، في إحدى قرى قضاء الكحلاء، التابع لمحافظة ميسان، على طريق موحل، ويمر على جذع نخلةٍ ضيق زلق، قد ينهي مغامرتهما بالانزلاق إلى النهير.
“البطل” كما وصفه رواد مواقع التواصل الاجتماعي، لم يذكروا اسمه، لكن صوره لقيت انتشارا واسعا، مصحوبة بإشادة كبيرة بحقه، على إصراره بإيصال ابنته إلى المدرسة في ظل هذه الظروف الصعبة، فيما وجهوا انتقادات لاذعة على الحكومات المتعاقبة، التي لم تضع حلا لهذه المشاكل.
ومنذ الساعات الأولى ليوم الجمعة الماضية، وحتى اليوم، تعرضت معظم محافظات العراق لزخات متفاوتة من الأمطار، تبع ذلك صور لقيت مكانها على مواقع التواصل الاجتماعي، وثقت الحالة المزرية للعديد من المحافظات، بعد تساقط الأمطار، فيما ركزت الصور المنشورة اليوم على “مغامرة” الطلاب والاساتذة في سبيل الوصول إلى مدارسهم، في الطرق الموحلة.
لكن بعض الحكومات المحلية، استبقت الحدث بتعطيل الدوام الرسمي لليوم الأحد، بسبب سوء الأحوال الجوية من بينها النجف، وديالى، والمثنى، وواسط، والديوانية.
وتقتضي الاجراءات الاحترازية، من تفشي فيروس كورونا في المدارس، أن يكون الدوام حضوريا ليوم واحد في الأسبوع، فيما يكملون أيامهم المتبقية، بالدراسة عبر شبكان الانترنت (أون لاين).
يعلّق أحد المدونين على صورة الأب وطفلته قائلا، باللهجة الدارجة، إن “الكحلاء تنتج يومياً ما يقارب ٥٠٠ ألف برميل نفط، ولو تم حساب انتاجها حساباً مبسطاً وعلى فرض أن سعر البرميل ٥٠$، فهي تنتج ٢٥ مليون دولار يومياً، يعني بالعراقي يطلع ما يقارب ٣٦,٥ مليار دينار. جزء من هاي الفلوس تگدر تبني بيها جسور معلقة ومترو وسكك قطار وشوارع ومطارات وتشتري طيارة لهاي البنوتة يوصلها أبوها بهلكوبتر للمدرسة”، على حد قوله.
وفيما تقول أخرى، في تعليق آخر، “ذهب ابني نظيفا ومرتبا، وعاد مغطى بالطين، من قميصه حتى حقيبته”، تسخر مدونة، قائلة “لديهم جذع ويعبرون عليه، شارعنا لن يعبره حتى البلم (السفينة)”.
لكن للصورة منظور آخر، بحسب أحد المعلقين، هو أنه “على الرغم من بساطة الأب، إلا أنه يدرك أن الفتاة المتعلمة خير من غير المتعلمة، ليحملها على ظهره، حتى يوصلها لأعتاب المدرسة”.