تتويج نجيب محفوظ (يمين) وأورهان باموق بجائزة نوبل للأدب عزز التواصل الأدبي بين تركيا والعالم العربي
قال الأكاديمي التركي محمد حقي صوتشين إنّ حصول الكاتب المصري نجيب محفوظ على جائزة نوبل للأدب عام 1988 شكّل نقطة تحول بالنسبة لتراجِم الأدب العربي للتركية، وإن اهتمام العرب بالأدب التركي زاد عقب حصول الأديب التركي أورهان باموق على الجائزة نفسها عام 2006.وأضاف صوتشين -وهو أستاذ بقسم تدريس اللغة العربية في جامعة غازي التركية- أن القارئ التركي كان يعرف أعمالا أدبية كثيرة مترجمة عن أدباء ومفكرين عرب، لكن بعد تتويج نجيب محفوظ زاد اهتمام الأتراك بالأدب العربي بشكل لافت.
وتابع "إلى جانب نجيب محفوظ، كانت أعمال جبران خليل جبران ونوال السعداوي وتوفيق الحكيم وغسان كنفاني وميخائيل نعيمة، ضمن أبرز التراجم التي اطلع عليها القراء الأتراك عن الأدب العربي حينها".
وأشار إلى أن هذه الفترة شهدت أيضا نقل كثير من المؤلفات العربية إلى اللغة التركية من جانب أكثر من مترجم، وطباعتها أكثر من مرة.
تحديات كثيرة
ولفت صوتشين إلى أنه رغم انفتاح القائمين على الأدبين العربي والتركي على مشاركة الأعمال الأدبية فيما بينهم، حالت تحديات عديدة دون تحقيق ذلك، بينها نقص الكفاءة اللازمة لنقل المؤلفات العربية والتركية إلى بعضها بعضا، مما أدى في كثير من الأحيان لغض الطرف عن أعمال ذات قيمة أدبية كبيرة، أو ترجمتها عن لغة ثالثة.
محمود درويش من الكتاب العرب الذين ترجمت أعمالهم عدة مرات للتركية
ودلل على ذلك بقوله إن غالبية مؤلفات نجيب محفوظ المترجمة إلى التركية منقولة عن لغات غربية، بينما لا يتجاوز عدد الأعمال المترجمة عن العربية مباشرة أصابع اليد الواحدة.وأشار إلى أن العديد من أعمال الأديب التركي ناظم حكمت تُرجمت للعربية من لغات أجنبية، مثل روايته الشهيرة "الحياة جميلة يا رفيقي"، التي ترجمها ثلاثة مترجمين مختلفين عن اللغات الإنجليزية والروسية والتركية.
وعن تراجم الأدب العربي المنقولة إلى التركية، قسّم صوتشين تلك التراجم على أساس حقبتين رئيستين: أولاهما الكلاسيكية، و ثانيهما الحقبة الحديثة.
وأوضح أن تاريخ أول مؤلفات الأدب العربي الكلاسيكي المترجمة إلى التركية يعود إلى عام 1477، حينما تُرجم مؤلف بعنوان "عنتر نامه" يتناول بطولات وأشعار أشهر فرسان العرب في العصر الجاهلي عنترة بن شداد العبسي.
ترجمات كثيرة
كما تُرجمت للغة التركية أبرز المؤلفات الكلاسيكية في الثقافة العربية، على رأسها المعلقات السبع التي ترجمت في صورة نثر وشعر، وقصيدة "البردة" للشاعر كعب بن زهير في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والمقامات، وقصص ألف ليلة وليلة.
وعن مؤلفات الحقبة الحديثة، أوضح أنه إلى جانب أعمال نجيب محفوظ، فقد حققت روايات الكتّاب جرجي زيدان ونجيب الكيلاني وعبد الحميد جودة السحار، ذات الطابع التاريخي والديني، رواجا كبيرا بين القراء الأتراك.
كما انتشرت في تركيا خلال السنوات الأخيرة ترجمات كثيرة لأعمال شعراء معاصرين، من ضمنهم محمود درويش وأدونيس ونزار قباني.
أشعار نزار قباني وجدت طريقها للتركية عدة مرات
وأكد صوتشين أن الأدب العربي صار يحظى باهتمام لا يستهان به في تركيا في الفترة الحالية، ومن الضروري إثراء هذا الإقبال بترجمات نوعية على قدر عال من الكفاءة.
وفي الاتجاه الآخر، يُعتبر الأديب التركي عزيز نسين أكثر من تُرجمت مؤلفاته إلى العربية، بواقع ما يقرب من ستين كتابا من مختارات ما كتب. كما تحظى مؤلفات ياشار كمال، وأليف شفق، باهتمام كبير أيضا لدى القارئ العربي.
ويُعد مشروع "تيدا" لدعم الأدب التركي -الذي أطلقته وزارة الثقافة- من أبرز العوامل التي أسهمت في زيادة تأثير الأدب التركي لدى القارئ العربي، حيث تمت من خلاله ترجمة مؤلفات عشرات الأدباء والمفكرين الأتراك للعربية.
وإلى جانب عمله الأكاديمي، كان صوتشين وراء عدد كبير من تراجم الأدب الناجحة من اللغة العربية وإليها، ومن أهم ما نشره مؤخرا "لماذا تركت الحصان وحيدا؟" لمحمود درويش، و"احتفاء بالأشياء الواضحة الغامضة" لأدونيس، و"كتاب الحُب" لنزار قباني، و"النبي" لجبران خليل جبران.