بسم الله الرحمن الرحيم
اللَّهمَّے صَلِّ عَلَى مُحمَّــــــــدٍ و آل مٌحًمٌدً و عجل فرجهم
.
.
.
.
الاسم : الإمام جعفر (ع)
اللقب : الصادق
الكنية : أبو عبد الله
اسم الأب : الإمام محمد الباقر (ع)
اسم الأم : أم فروة
الولادة : 17 - ربيع الأول - 83 هـ
الشهادة : 25 - شوال - 148 هـ
مدة الإمامة : 34 سنة
القاتل : المنصور العباسي
مكان الدفن : البقيع
في سادس أئمة أهل البيت الإمام أبي عبدالله جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن أمير المؤمنين عليهم السلام معجزة الدنيا الخالدة، ومفخرة الإنسانية الباقية على مر العصور، وعبر الأجيال والدهور، لم يشهد العالم له نظيراً، ولم تسمع الدنيا بمثله، جمع الفضائل كلها، وحاز المكارم جميعها، وسبق الدنيا بعلومه ومعارفه.
وكيف الحديث عن الإمام الصادق عليه السلام، أعـَنْ علمه، فهو الذي ملأ الدنيا علمه وفقهه - كما يقول الجاحظ - أم عن مدرسته التي لم يشهد التاريخ في عصوره وأجياله لها مثيلاً؟ وناهيك بمدرسة يربو طلابها على أربعة آلاف يدرّس فيها الفقه، والحديث، والتفسير، والأخلاق، والفلسفة، والفلك، والطب، والكيمياء، إلى غيرها من العلوم والفنون.
وليست جوانب حياته الأخرى عليه السلام بأقل منها في حقل العلم، فمن خصائص أهل البيت عليهم الصلاة والسلام إتساع أفقهم، وبُعد شأوهم في جميع مجالات الحياة، بينما نجد غيرهم إذا اختص في شئ فشل في غيره، فالعالم - من غيرهم - بعيد عن الشجاعة، والشجاع - من غيرهم - بعيد عن الزهادة، أما هم عليهم السلام فقد جمعوا الفضائل والمكارم، وسبقوا الناس إلى كل منقبة حسنة، وخصلة خيرة، فهم عليهم الصلاة والسلام أحسن الناس سيرة، وأوسعهم أخلاقاً، وأكثرهم عبادةً، وأعظمهم زهادةً، وأفضلهم حلماً وأزكاهم عملاً، وأبذلهم مالاً. فهم أكثر أهل الدنيا مناقب، وأجمعهم سوابق.
مولده
ولد الإمام الصادق عليه السلام يوم الجمعة عند طلوع الشمس ويقال يوم الأثنين لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وقالوا سنة ست وثمانين وقيل في السابع عشر منه، وقد أخبر النبي (ص) عنه وقال إذا ولد إبني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عليه السلام فسموه الصادق فإن الخامس من ولده اسمه جعفر يدعي الإمامة إفتراءً على الله وكذباً عليه فهو عند الله جعفر الكذاب.
عمره
أقام الصادق عليه السلام مع جده اثنتي عشرة سنة، ومع أبيه تسع عشرة سنة وبعد أبيه أيام إمامته أربعا وثلاثين سنة.
إمامته
كان الصادق عليه السلام في سني إمامته ملك ابراهيم بن الوليد ومروان الحمار، ثم سارت المسودة من أرض خراسان مع أبي مسلم سنة اثنتين وثلاثين ومائة وانتزعوا الملك من بني أمية وقتلوا مروان الحمار ثم ملك أبو العباس السفاح أربع سنين وستة اشهر واياماً ثم ملك أخوه أبو جعفر المنصور إحدى وعشرين سنة واحد عشر شهراً.
الحركة الفكرية في عصر الإمام
ظهرت في تلك الحقبة حركة علمية غير عادية وتهيّأت الأرضية لأن يعرض كل إنسان حصيلة ما يملك من أفكار. ودخلت المجتمع الإسلامي أعراق غريبة وملل مختلفة مما جعل الساحة الإسلامية مشرّعة لتبادل الأفكار والتفاعل مع الأمم والحضارات الأخرى. وتمخضت الحركة الفكرية والنشاط العلمي الواسع عن مذاهب فلسفية متعددة وتفسيرات فقهية مختلفة ومدارس كلامية متأرجحة بين التطرف والاعتدال وظهر الزنادقة والملاحدة في مكّة والمدينة، وانتشرت فرق الصوفية في البلاد، وتوزّع الناس بين أشاعرة ومعتزلة وقدرية وجبرية وخوارج...وقد تسرّبت التفسيرات والتأويلات المنحرفة إلى علوم القران الكريم وطالت مباحث التوحيد والصفات والنبوة وحقيقة الوحي والقضاء والقدر والجبر والاختيار.. ولم تسلم السنة النبوية بدورها من التحريف ووضع الأحاديث المكذوبة والمنسوبة إلى نبي الإسلام (ص).لذلك انصرف الإمام الصادق (ع) الى التصدي والمواجهة والتصحيح للعودة بالإسلام إلى ينابيعه الصافية.
جامعة أهل البيت (ع)
فجر الإمام الصادق (ع) ينابيع العلم والحكمة في الأرض وفتح للناس أبواباً من العلوم لم يعهدوها من قبل وقد ملأ الدنيا بعلمه" كما يقول الجاحظ، وانصبّت اهتمامات الامام (ع) على إعداد قيادات واعية ودعاة مخلصين يحملون رسالة الإسلام المحمدي الأصيل إلى جميع الحواضر الإسلامية مرشدين ومعلّمين في سبيل نشر مفاهيم العقيدة وأحكام الشريعة وذلك من خلال توسيع نشاط جامعة أهل البيت التي أسس نواتها الامام الباقر (ع)، كما تركزت الجهود العلمية في مختلف الاختصاصات من فلسفة وعلم الكلام والطب والرياضيات والكيمياء بالاضافة الى وضع القواعد والأصول الاجتهادية والفقهية كركيزة متينة للتشريع الإسلامي تضمن بقاءه واستمراره. ومواجهة خطر الزنادقة والملاحدة بأسلوب مرن وهدوء رسالي رصين أدحض بها حججهم وفنّد ارائهم وأثار في نفوسهم الثقة والاحترام له. وعلى رأس هؤلاء الزنادقة: ابن المقفع وابن ابي العوجاء والديصاني كما تصدّى (ع) للوضاعّين وأكاذيبهم ونبّه على دورهم الخطير في تشويه الإسلام وشدّد على طرح الأحاديث التي لا تتوافق مع الكتاب والسنّة. وقد اشتهر من طلابه علماء أفذاذ في مختلف العلوم والفنون منهم المفضل بن عمرو وهشام بن الحكم ومحمد بن مسلم وجابر بن حيان وعبد الله بن سنان، كما نهل من علومه مالك بن أنس وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل وأبو حنيفة ونقل عنه عدد كبير من العلماء أمثال أبي يزيد ومالك والشافعي والبسطامي وابراهيم بن أدهم ومالك بن دينار وأبي عيينة ومحمد بن الحسن الشيباني. وقد بلغ مجموعة تلامذته أربعة الاف تلميذ، مما حدا بمالك بن أنس إلى القول: "ما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر الصادق (ع) فضلاً وعلماً وورعاً وعبادة".
وفاته
سمّه المنصورعليه لعنة الله، ودفن في البقيع وقد كمل عمره الشريف خمساً وخمسين سنة ويقال كان عمره خمسين سنة وقيل لأن أبي جعفر المنصور لعنه الله لما لم يتمكن من قتله في بغداد أرسله إلى المدينة وبعث من خلفه سماً قتالاً إلى والي المدينة وأمره بأن يعطيه السم ويسقيه فأخذ الوالي عنباً رازقياً وغمس السلك في السم ثم جذبه في العنب حتى صار مسموماً وسم الإمام روحي له الفدا بذلك العنب المسموم ومرض مرضاً شديداً ووقع في فراشه. كان المنصور العباسي يغتاظ من إقبال الناس على الإمام والإلتفاف حوله وكان يعبّر عن الإمام (ع) بأنه: "الشجى المعترض في الحلق" وينقل المفضل بن عمرو حقيقة الموقف له: "إن المنصور همّ بقتل الإمام الصادق (ع) غير مرّة، وكان إذا بعث إليه ليقتله فإذا نظر إليه هابه ولم يقتله. غير أنه منع الناس عنه. ومنعه عن القعود للناس. واستقص عليه أشد الاستقصاء".
فكان يخشى من التعرّض للإمام لأنه سيؤدي إلى مضاعفات كبيرة. وإزاء تزايد الضغط وإحكام الرقابة نصح الإمام أصحابه بالسرية والكتمان فكان يقول: "التقية من ديني ودين ابائي ولا دين لمن لا تقية له". ولكن المنصور لم يكن ليتورّع رغم تحفظات الإمام من ارتكاب أبشع جريمة عن طريق دسّ السم للإمام الذي استشهد من جراء ذلك سنة 148 هـ .
قبره: دفن (عليه السلام) في البقيع، مع أبيه الباقر، وجده زين العابدين، وعمه الحسن سب ، (صلوات الله عليهم أجمعين). وفي الثامن من شوال سنة 1344 هـ هدم الوهابيون قبر، وقبور بقية أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
ألقابه
وأما ألقابه عليه السلام الصادق والفاضل والطاهر والقائم والكامل والمنجي والكافل وإسمه جعفر وكنيته أبا عبدالله وأبو موسى وإليه ينسب الشيعة الجعفرية ومسجده في الحلة في العراق.
أصحابه
وأما أصحابه عليه السلام اجتمعت العصابة على تصديق ستة من فقهائه وهم: جميل بن دراج وعبدالله بن مسكان وعبد الله بن بكير وحماد بن عيسى وحماد بن عثمان وأبان بن عثمان.
وأصحابه من التابعين: اسماعيل بن عبد الرحمن الكوفي وعبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي عليه السلام، ومن خواص أصحابه معاوية بن عمار مولى بني دهن وهو حي من بجيلة وزيد الشحام وعبد الله بن أبي يعفور وأبو جعفر محمد بن علي بن النعمان الأحول وأبوالفضل سدير بن حكيم وعبد السلام بن عبدالرحمن وجابر بن يزيد الجعفي وأبو حمزة الثمالي وثابت بن دينار و المفضل بن عمر الجعفي ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب وميسرة بن عبد العزيز وعبدالله بن عجلان وجابر المكفوف وأبو داود المسترق وابراهيم بن مهزم الأسدي وبسام الصيرفي وسليمان بن مهران أبو محمد الأسدي مولاهم الأعمش وأبوخالد القماط واسمه يزيد بن ثعلبة وأبوبكر الحضرمي والحسن بن زياد وعبدالرحمن بن عبدالعزيز الأنصاري من ولد أبي أمامة وسفيان بن عينية بن أبي عمران الهلالي وعبدالعزيز بن أبي حازم وسلمة بن دينار المدني.
أبوه
وأبوه هو سيد العلماء باقر علم الأولين والآخرين سليل الهاشميين محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
أمه
وأمه فاطمة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وهي السيدة الجليلة النجيبة المكرمة المعروفة بأم فروة وأمها أسماء بنت عبدالرحمن بن أبي بكر وكانت من أتقى نساء زمانها.
زوجته
وأما زوجته عليها السلام فهي فاطمة بنت الحسين عليه السلام الأصغر وأمهات أولاد ثلاث.
أولاده
وأما أولاده عليه السلام فعشرة وهم: أسماعيل الأمين وعبدالله من فاطمة بنت الحسين الأصغر، وموسى الإمام ومحمد الديباج وأسحاق لأم ولد ثلاثتهم وعلي العريضي لأم ولد والعباس لأم ولد وقيل له ثلاث بنات أم فروة من فاطمة وأسماء وفاطمة من أمهات أولاد.
صفته
ربعة، ليس بالطويل ولا بالقصير، أبيض الوجه، أزهر له لمعان كأنه السراج، أسود الشعر، جعده أشم الأنف قد انحسر الشعر عن جبينه فبدا مزهراً، وعلى خده خال أسود.
نقش خاتمه: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، أستغفر الله.
ملوك عصره: من بني أمية: هشام بن عبد الملك، يزيد بن عبد الملك الملقب بالناقص، إبراهيم بن الوليد، مروان بن محمد الملقب بالحمار. من بني العباس: السفاح، المنصور.
عبادته
• قال كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي: أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، وهو من عظماء أهل البيت وساداتهم (عليهم السلام)، ذو علوم جمة، وعبادة موفورة، وأوراد متواصلة، وزهادة بينة، وتلاوة كثيرة، يتتبع معاني القرآن الكريم ويستخرج من بحره جواهره ويستفتح عجائبه، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات بحيث يحاسب عليها نفسه، رؤيته تذكر الآخرة، واستماع كلامه يزهد في الدنيا والإقتداء به يورث الجنة، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة، وطهارة أفعاله تصدع بأنه من ذرية الرسالة.
• قال منصور الصيقل: حججت فمررت بالمدينة فأتيت قبر رسول الله (ص) فسلمت عليه، ثم التفت، فإذا أنا بأبي عبد الله (ع) ساجداً فجلست حتى مللت، ثم قل : لأسبحنّ ما دام ساجداً فقل: سبحان ربي وبحمده، أستغفر ربي وأتوب إليه ثلاثمائة مرة ونيفاً وستين مرة، فرفع رأسه ثم نهض فاتبعته وأنا أقول في نفسي: إن أذن لي فدخلت عليه، ثم قلت له: جعلت فداك أنتم تصنعون هكذا!! فكيف ينبغي لنا أن نصنع؟ فلمّا أن وقفت على الباب خرج إلي مصادف فقا : ادخل يا منصور، فدخلت فقال لي مبتدئاً، يا منصور إن أكثرتم أو قللتم فوالله ما يقبل إلا منكم.
• وقد روي أن مولانا الصادق (عليه السلام) كان يتلو القرآن في صلاته، فغشي عليه فلما أفاق سئل: ما الذي أوجب ما انتهت حاله إليه؟ فقال ما معناه: ما زلت أكرر آيات القرآن حتى بلغت إلى حال كأنني سمعتها مشافهة ممن أنزلها.