علماء جامعة كوينزلاند الأسترالية يتعرفون للمرة الأولى على التركيبة المعقدة لشبكيات أعين أسماك الشعاب المرجانية التي تمكنها من الرؤية الليلية
سمك السنجاب من أسماك الشعاب المرجانية التي طورت تكيفات بصرية للرؤية الليلية (برنارد سبراج-ويكيميديا)
أظهر بحث جديد أن بعض أسماك الشعاب المرجانية قد طورت تكيفات بصرية للرؤية الليلية مشابهة لتلك الخاصة بالأسماك التي تعيش في أحلك المناطق بأعماق المحيط.
ويرى الباحثون أن هذه الدراسة المنشورة في دورية "جورنال أوف إكسبريمنتال بيولوجي" (Journal of Experimental Biology) في 13 يناير/كانون الثاني الماضي، إلى جانب التجارب الإضافية التي يجريها فريق من الباحثين في مختبر البروفيسور جاستن مارشال بجامعة كوينزلاند (The University of Queensland) تفتح آفاقا جديدة للبحث بشأن وظيفة شبكية العين متعددة المصارف، والقدرة على رؤية الألوان في الظلام.
شبكية العين
الشبكية هي الطبقة الداخلية للعين، وتحتوي على 10 طبقات من الخلايا والألياف العصبية والخلايا المستقبلة للضوء ونسيج داعم، وتعمل على تحويل الأشعة الضوئية إلى نبضات عصبية يتم نقلها إلى مراكز الدماغ.
وتغطي الخلايا المستقبلة للضوء الشبكية، وتتكون من نوعين من الخلايا الحساسة للضوء: خلية عصوية تساعد على الرؤية الليلية ولا تميز الألوان، والنوع الآخر خلايا مخروطية تميز الألوان.
وتحدث رؤية الألوان اعتمادا على التكامل الوظيفي للخلايا المخروطية، ومنها ما يستجيب للون الأحمر، ومنها نوع آخر يستجيب للون الأزرق خلال رؤية النهار.
تتم رؤية النهار تحت ظروف الإضاءة القوية، أما الرؤية تحت ظروف الإضاءة الخافتة فتسمى الرؤية الليلية.
وتعمل الخلايا العصوية بفاعلية عالية تحت ظروف الرؤية في الظلام، فيما تعمل الخلايا المخروطية بفاعلية عالية تحت ظروف الرؤية في الضوء أو رؤية النهار.
عائلة مثيرة للاهتمام
تعتبر أسماك السنجاب جزءا من عائلة من الأسماك المرجانية التي تضم أسماك الجندي، وتشكلان فصيلة في رتبة "عنقديات الشكل" (Beryciformes)، وهي عائلة مثيرة للاهتمام حقا، وتستفيد هذه الأسماك من شبكية العين متعددة الطبقات العصوية للبقاء على قيد الحياة على الشعاب المرجانية ليلا.
غالبا ما يكون للأسماك ذات شبكية العين متعددة الطبقات العصوية ما بين 2 إلى 6 طبقات من الخلايا العصوية، لكن باحثي معهد كوينزلاند للدماغ وجدوا أن سمك السنجاب وسمك الجندي لديهما ما بين 6 و17 طبقة.
بدورها، قالت الدكتورة فاني دي بوسيرولس الباحثة في جامعة كوينزلاند في بيان صحفي للجامعة إن "الأسماك السنجابية وأسماك الجندي -التي تعيش في الشعاب المرجانية- لديها أنظمة بصرية جيدة التكيف للنشاط الليلي".
وأضافت أن "هذا النوع من التكيف البصري نادرا ما يوجد في مملكة الحيوانات، باستثناء أسماك أعماق البحار".
ومن المعروف إن شبكية عين الإنسان والفقاريات الأخرى لديها نوعان من الخلايا المستقبلة للضوء: المخاريط والقضبان، وتستخدم المخاريط أثناء النهار وتساعدنا في تحديد الألوان.
وقالت دي بوسيرولس "مثل العديد من الحيوانات الليلية فإن شبكية العين لديها خلايا عصبية بشكل أساسي".
وأضافت أن "هذه حساسة للغاية لأقل كمية من الضوء، وبالتالي فهي تستخدم في الليل".
تثير أسماك الجندي وأسماك السنجاب اهتمام الباحثين لدراسة شبكية العين وآليات الرؤية (ديفيد ستانغ-ويكيميديا)
تمييز الألوان على نطاق واسع
وجدت الدراسة أن سمك السنجاب وسمك الجندي يحتويان على عدد كبير بشكل استثنائي من هذه الخلايا الحساسة المكدسة في طبقات، مكونة ما تسمى شبكية العين متعددة العصيات، وعلى الرغم من أن ميزة هذه الشبكية ليست واضحة فإن العلماء توقعوا أنها قد تزيد الحساسية أو تمكن الأسماك من رؤية الألوان في الظلام.
وقال المؤلف المشارك الدكتور فابيو كورتيزي "تشير نتائجنا إلى أن لدى سمك السنجاب وسمك الجندي القدرة على تمييز الألوان في نطاق واسع من إعدادات الإضاءة أثناء النهار باستخدام المخاريط، وفي ظروف باهتة مع شبكية العين متعددة العصيات".
وقالت دي بوسيرولس إن "شبكية عين أسماك الشعاب المرجانية أعطت أيضا مؤشرات على النشاط خلال النهار، وعندما تشرق الشمس عادة ما تتراجع أسماك فصيلة رتبة عنقديات الشكل إلى الزوايا المظلمة للشعاب المرجانية، لكننا أظهرنا أن العائلة قد تتمتع برؤية جيدة أثناء النهار، ولديها القدرة على رؤية اللون من خلال خلاياها المخروطية الحساسة للونين الأخضر والأزرق".
وتختم دي بوسيرولس بأنه "من المثير أننا في كوينزلاند لدينا عائلة كاملة من أسماك الشعاب المرجانية التي يمكن دراستها بسهولة في حوض السمك".