النحات المصري آدم حنين (مواقع التواصل الاجتماعي)


عند وفاته في مارس/آذار الماضي، حزنت مصر كلها على رحيل واحد من أشهر النحاتين، المعروف برسوماته على ورق البردي، ومنحوتاته وجهوده لترميم تمثال أبو الهول.
ويقول الكاتب تيم كورنيل في تقرير نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إن الفنان آدم حنين، الذي توفي خلال الربيع الماضي، لم يكن فقط يستوحي منحوتاته من حضارة مصر القديمة، بل جعل أبو الهول يبتسم.
ويذكر الموقع أنه قبل 30 عاما، انضم حنين لمشروع للترميم والمحافظة على التراث يعتبر الأطول عبر التاريخ، وذلك بصفته نحاتا مكلفا بالمشاركة في مرحلة حساسة من عملية ترميم وتعويض أعمال حجرية في تمثال أبو الهول. وقد قامت الحكومة المصرية بتكريم آدم حنين على هذا الدور.
ويقول الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار والمدير العام لأهرامات الجيزة خلال تلك الفترة "لقد أخبرت آدم حنين بقصة جعلته يضحك، فقد قلت له عندما جئت لزيارة أبو الهول في 1987 وشاهدت أنه فقد جزءا من كتفه الأيمن، شعرت بأنه يبكي. بعد ذلك عندما تم ترميم التمثال وعدت مجددا لإلقاء نظرة، شعرت بأن أبو الهول يضحك".
ويشير الموقع إلى أن آدم حنين ولد عام 1929 لعائلة تعمل في مجال صياغة الحلي في القاهرة. وفي عمر الثامنة سافر في رحلة مدرسية إلى المتحف المصري للآثار، وهناك تأثر كثيرا بالمنحوتات الفرعونية القديمة، وصنع تمثالا طينيا للفرعون رمسيس الثاني، قدمه لوالده الذي كان يعمل في مجال نحت الفضة.
وعلى إثر وفاته في مارس/آذار عن عمر يناهز 91 عاما، دخلت مصر بأكملها في حالة حداد على واحد من أفضل فنانيها وأكثرهم شعبية، وهو المعروف برسوماته على ورق البردي، واستخدامه لأصباغ طبيعية مع الصمغ العربي، إلا أن مصدر شهرته كان منحوتاته المصنوعة من البرونز والغرانيت. وقد تمكن من تمثيل بلاده على أفضل وجه في مهرجان فينيسيا ومتحف الفنون في نيويورك.





ونقل الموقع عن كريم فرانسيس، الوسيط الفني السابق لحنين قوله "إن أغلب أعماله تأثرت بالفنون المصرية القديمة، وهو يمتلك أسلوبا رقيقا خاصا به، سوف تلاحظونه في التفاصيل والأحجام والتركيبات".
ويشير الموقع إلى أن حنين تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في القاهرة عام 1953، وزار باريس عام 1971 للالتحاق بمعرض الفن المصري المعاصر، واستقر في العاصمة الفرنسية لمدة 25 عاما.
وحول تجربة هذا الفنان في فرنسا، تقول روز عيسى، الكاتبة المتخصصة في فنون الشرق الأوسط "ربما يكون قد افتقد الجماليات المصرية أثناء وجوده في باريس، إلا أنه شاهد هناك كيف أن فن الديكور والسينما وكل حركة الحداثة خلال بداية القرن الـ٢٠ كانت مستوحاة من الآثار المصرية والفرعونية. وقد كان ذلك بارزا في الأثاث وديكور الأفلام وملابس الرقص، وهذه الظاهرة كانت أيضا موجودة في روسيا وفي هوليود وفي كل مكان".
وتضيف "أما أبو الهول، الذي عمل عليه آدم وأشرف على ترميمه لسنوات، فقد كان جزءا من حياته وروحه وكان صديقا له. إن طبيعتك وجذورك تبرز بشكل أفضل عندما تكون خارج بلادك، إلا أن آدم حافظ دائما على قربه من مصر".



إعادة ترميم أبو الهول

يقول الموقع إن حنين عندما عرضت عليه للمرة الأولى فرصة العمل على تمثال أبو الهول، أعظم منحوتة فرعونية على الإطلاق، رفض هذا العرض.
هذه الصخرة الكلسية الكبيرة التي يبلغ ارتفاعها 20 متر وطولها 73 مترا، يعتقد أنها تم نحتها في عهد حكم الفرعون خفرع في حوالي عام 2550 قبل الميلاد، أي قبل 4570 عاما. وقد كان هذا التمثال منذ إقامته يحتاج دائما للتعهد والصيانة، لأن عمليات التعرية بفعل الرياح أدت لتآكله، وتعرض أيضا في أكثر من مناسبة للغمر التام بالرمال المنجرفة.
وقد تم إجراء تصليحات على هذا التمثال قبل حوالي 3 آلاف عام أو أكثر، لإزالة الرمال وبناء مصدات من الطين لحمايته. ويبدو أنه أضيف له ما يشبه اللحية التي سقطت في وقت لاحق، وحصل المتحف البريطاني على جزء منها على إثر حفريات أجريت عام 1817.
كما أجرى الرومان أيضا أعمال إصلاح على أبو الهول، ولكن يعتقد أن الضرر الذي تعرض له أنفه حدث في وقت لاحق، في حوالي القرن الـ١٥.
ويشير الموقع إلى أن القرن الـ٢٠ أيضا شهد عديد المحاولات لترميم التمثال، باستخدام الإسمنت في عشرينيات القرن الماضي، ثم القيام بتغليفه في السبعينيات والثمانينيات. ولكن في 1988 سقط جزء كبير من الكتف الأيمن لأبو الهول، وهو ما أثار مخاوف بشأن حالة التمثال وإمكانية انهيار الكتف بالكامل.
إثر ذلك قرر وزير الثقافة حينها فاروق حسني القيام بجولة تفقدية مع عالم الآثار زاهي حواس، وشاهد أن أعمال الترميم التي أجريت حينها كانت مخجلة، حيث استخدم الإسمنت الحديث إلى جانب الحجارة القديمة، وهو ما خلق مشكلة أكبر من مشكلة الكتف.
حينها تم الاتفاق على أن عمليات الترميم يجب أن يشارك فيها نحات، ومباشرة قام فاروق حسني بالاتصال بآدم حنين صديقه القديم الذي شارك معه في العروض الفنية في عدة مناسبات، من بينها متحف الفنون في نيويورك.
وقد كان سبب رفض حنين في البداية قبول هذا العرض هو اعتقاده بأن هذا التمثال هو عمل مهم جدا، وبالتالي لا يحق لشخص مثله وضع يديه عليه.
وقال حسني "خلال تلك المرحلة طلبت منه القدوم ومشاهدة عملية الترميم السابقة، وعندما وصل للموقع أصيب بالصدمة بسبب بشاعة العمل، وبدأ يشتم الأشخاص المسؤولين عن ذلك. عندها فقط وافق على تحمل المسؤولية لأنه لاحظ مدى الضرر الذي تعرض له التمثال وقرر إنقاذه. كما رأى حنين أن الأشخاص الذين عملوا على ترميم أبو الهول في السابق يجب اعتبارهم مجرمين ويجب ملاحقتهم قضائيا."
وفي الختام رجح الموقع أن اسم آدم حنين سوف يظل بارزا في عالم الفن، كما أن منزله في قرية الحرانية القريبة من الجيزة تحول إلى متحف منذ 2014، يتكون من حديقة ومبنى من ٣ طوابق تعرض فيها منحوتاته ورسوماته.