تزامن مع حصار مالطة موت الصدر الأعظم سِميز علي باشا Semiz Ali Pasha في 28 يونيو 1565م [1]، وولاية الوزير محمد صوقللو باشا Sokollu Mehmed Pasha للصدارة العظمى.
تُعتبر ولاية هذا الرجل نقطةً مهمَّةً في التاريخ العثماني؛ حيث كان على كفاءةٍ عاليةٍ للغاية، وقد امتدَّت فترة ولايته إلى سنة 1579م، وبهذا يكون قد عاصر سلطانين بعد السلطان سليمان القانوني، وحيث إن كفاءة هذين السلطانين كانت أقلَّ جدًّا من الكفاءة المعتادة للسلاطين العثمانيِّين حتى هذه المرحلة التاريخيَّة، فإن وجود هذا الوزير كان مؤثِّرًا للغاية، وكان من الأسباب الرئيسة التي جعلت الدولة العثمانية تحافظ على المكاسب التي حقَّقتها في زمن سليم الأول وسليمان القانوني؛ بل وأن تُحقِّق بعض النجاحات التي لم يستطع السابقون تحقيقها.
يأتي محمد صوقللو من أصول بوسنيَّة على الأغلب، وهو من مواليد عام 1505[2]، وقد نشأ في الإنكشارية، وظهرت مواهبه مبكرًا جدًّا، وتقلَّد بسبب ذلك عدَّة مناصب كبرى، حتى صار في عام 1540 -أي وهو في الخامسة والثلاثين من عمره- قائدًا للحرس الإمبراطوري الخاص بسليمان القانوني نفسه[3]، وهذا جعله قريبًا من السلطان، فاستفاد من الملكات القيادية والإدارية العظيمة للسلطان، كما اطَّلع السلطان على كفاءاته من قرب. تولَّى محمد صوقللو باشا قيادة الأسطول البحري كلِّه عام 1546م[4] بعد وفاة خير الدين بربروسا، ثم تولَّى بعد ذلك عدَّة مناصب في قيادة الولايات أو في الوزارة، حتى صار الصدر الأعظم في عام 1565م، وهو في الستِّين من عمره[5].
أ.د. راغب السرجاني
[1] أوزتونا، 1988 صفحة 1/352.
[2] Blair & Bloom, 2009, vol. 1, p. 226.
[3] Blake, 2016, p. 102.
[4] Blair & Bloom, 2009, vol. 1, p. 226.
[5] دكتور راغب السرجاني: قصة الدولة العثمانية من النشأة إلى السقوط، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1442ه= 2021م، 1/ 513، 514.