تظهر الدراسات الحديثة انخفاضا حادا في عدد التجمعات السكانية لقرش الطرف الأبيض المحيطي (أولداك كويل - ويكيبيديا)
خلّف نفوق أسماك القرش "فجوة كبيرة ومتنامية" في حياة المحيطات، وفقا لتقرير مثير نُشر في دورية "نيتشر" (Nature) يوم 27 يناير/كانون الثاني الماضي، ويشير بأصابع الاتهام إلى الصيد الجائر وضعف الحماية.
أفادت الدراسة الجديدة بأن الصيد الجائر قضى على أكثر من 71% من بعض أسماك القرش في نصف القرن الماضي، ووجد الباحثون انخفاضا مثيرا للقلق في أنواع من أسماك قرش المطرقة وأسماك شيطان البحر، وهي أكبر أنواع سمك الراي في العالم.
من بين أكثر أصناف القرش تأثرا هو قرش الطرف الأبيض المحيطي، وهو سمكة قرش قوية غالبا ما توصف بأنها خطيرة بشكل خاص على الإنسان، وهي تحوم الآن على حافة الانقراض بسبب النشاط البشري.
يقطن هذا النوع من القروش البحار الاستوائية والمعتدلة الدافئة، ويتميز بالزعانف الكبيرة والمدورة ذات الأطراف البيضاء، وتظهر الدراسات الحديثة انخفاضا حادا في عدد التجمعات السكانية لأن زعانفها تحظى بتقدير كبير كمكون رئيسي لحساء زعانف سمك القرش.
وجد الباحثون انخفاضا مثيرا للقلق في أنواع من أسماك شيطان البحر، وهي أكبر أنواع سمك الراي في العالم (بارتيك سيسلاك-ويكيبيديا)
فجوة متزايدة
كما هي الحال مع أنواع سمك القرش الأخرى، يواجه قرش الطرف الأبيض المحيطي تصاعد عمليات الصيد في جميع أنحاء وجوده بأساليب الصيد العشوائية.
قال نيك دولفي كبير مؤلفي الدراسة والأستاذ في جامعة سايمون فريزر الكندية(Simon Fraser University) لوكالة "فرانس برس"، إن عدد تجمعاته السكانية في العالم انخفض بنسبة 98% في السنوات الستين الماضية. وأضاف "هذا تراجع أسوأ من تراجع التجمعات السكانية لمعظم الثدييات الأرضية الكبيرة".
أمضى دولفي وفريقه سنوات في جمع وتحليل المعلومات لبناء صورة للحالة العالمية لـ31 نوعا من أسماك القرش والراي، ووجدوا أن ثلاثة أرباع الأنواع التي تم فحصها كانت مستنفدة لدرجة أنها تواجه الانقراض.
وقال الباحث الرئيسي ناثان باكوريو زميل ما بعد الدكتوراه في قسم العلوم البيولوجية بجامعة سايمون فريزر لوكالة فرانس برس، إن هذه هي "الأنواع الأكثر اتساعا في أكبر وأبعد الموائل على وجه الأرض، والتي غالبا ما يُفترض أنها محمية من التأثير البشري".
وأضاف باكوريو "كشفت البيانات عن فجوة متزايدة في الحياة في المحيطات.. كنا نعلم أن الموقف كان سيئا في كثير من الأماكن، لكن هذه المعلومات جاءت من دراسات وتقارير مختلفة، لذلك كان من الصعب الحصول على فكرة عن الوضع العالمي".
صدمة للخبراء
يركز البحث على أنواع أسماك القرش والراي التي تعيش أساسا في المياه المفتوحة، وخلص الباحثون إلى أن عدد التجمعات السكانية لأسماك القرش في العالم قد انخفض بنسبة تزيد عن 70% منذ عام 1970 بالنسبة لـ18 نوعا تتوفر بياناتها.
وقال دولفي إن الرقم من المرجح أن يكون مشابها، أو حتى أسوأ، بالنسبة لأسماك القرش والراي المحيطية الأخرى، لكن الفجوات في البيانات جعلت من الصعب استخلاص النتائج. في حين قال باكوريو إن النتائج كانت بمثابة صدمة حتى للخبراء، واصفا حال المتخصصين في اجتماع حول الحفاظ على أسماك القرش بأنهم "صُدموا في صمت" عند مواجهة الأرقام.
وقالت أندريا مارشال، المؤلفة المشاركة في الدراسة والمؤسسة المشاركة، في بيان صحفي لمؤسسة الحيوانات البحرية الضخمة (الكبيرة أو العملاقة) إن مشاهدة تراجع الأسماك في موزمبيق -حيث تعمل- "كان كابوسا حيا". وأضافت "لقد حدث ذلك أسرع مما كنا نتخيله، وأظهر لنا أننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية".
مشاهدة تراجع الأسماك في موزمبيق نتيجة للصيد الجائر كان كابوسا حيا (أندريا مارشال-وسائل التواصل الاجتماعي)
الاهتمام بأسماك القرش
وتشير الدراسة إلى زيادة مضاعفة على مدى نصف القرن الماضي في استخدام الصيد بالخيوط الصنارية الطويلة والشباك الجرافة، وهي طرق يمكن أن تصطاد الأحياء البحرية دون تمييز، بما في ذلك الحيوانات المهددة بالانقراض.
ويؤيد الباحثون حظر صيد الأنواع المهددة بالانقراض، والحد من صيد الأنواع الأقل تهديدا. ويؤكدون أن الأنواع يمكن أن تعود مرة أخرى عند بذل جهود أكبر للحماية. يقول باكوريو إن الهيئات الإقليمية التي تدير مصايد الأسماك الدولية "لم تمنح الأولوية لحماية أسماك القرش والراي".
ويرى دولفي أن للمواطنين العاديين دورا يلعبونه من خلال الضغط على الحكومات للوفاء بالتزاماتها الوطنية والدولية. وقال "حيثما تستطيع، حث حكومتك على الاهتمام بأسماك القرش".