نقش صخري لزرافة بمنطقة "غوبيرو" بالنيجر، تؤكد أن الصحراء الكبرى كانت خضراء (يوريك ألرت)
أضافت دراسة دولية نشرت حديثا في دورية "نيتشر جيوساينس" (Nature Geoscience)، أدلة علمية جديدة حول التاريخ الطبيعي لمنطقة شمال أفريقيا وصحرائها القاحلة التي كانت خضراء رطبة، حيث توصل علماء إلى طريقة لدراسة الرسوبات التي حملتها الأنهار وكانت تشبك المنطقة من الجنوب إلى الشمال.
وقال العلماء إن هناك الكثير من الآثار القديمة في صحراء شمال أفريقيا تعود إلى آلاف السنين، وتؤكد أن المنطقة كانت خضراء، مثل الرسوم الصخرية لبعض الحيوانات كالزرافات والتماسيح، أو حتى رسوم بشر وهم يسبحون.
لكن الرواسب التي تمَّ العثور عليها في قاع مياه خليج سرت بليبيا، وقذفتها الأنهار التي هي اليوم جافة، كشفت -بعد تحليلها ودراستها- أنها تحوي الكثير من المعلومات عن الحال التي عرفتها منطقة شمال أفريقيا قبل حوالي 160 ألف سنة.
وشارك في هذه الدراسة التي امتدت حوالي 9 سنين، علماء من ألمانيا وكوريا الجنوبية وهولندا وأميركا، تتقدمهم الباحثة الرئيسية سيسيل بلانشيت من المركز الألماني لبحوث العلوم الجيولوجية German Research Centre for Geosciences
خريطة لمجاري الأنهار القديمة في صحراء الشمال الأفريقي (يوريك ألرت)
الأنهار شريان الحياة
تقول بلانشيت في البيان الصحفي الصادر عن المركز الألماني "كانت لدينا شكوك بأن صحراء شمال أفريقيا كانت خضراء، وأن الأنهار التي هي اليوم جافة كانت في السابق نشطة، وحملت معها الكثير من البقايا نحو هذا الخليج، ومن هذا المنطلق بدأنا عملنا سنة 2011".
واستخدم العلماء في جمع هذه الرواسب طريقة "حفر المكبس" (piston coring) التي يستخدم فيها أنبوب طويل لاستخراج عينات من الرواسب الطينية في قاع الخليج بعمق 10 أمتار، وهي العينات التي تتضمن الكثير من بقايا الأشجار والأصداف والأحجار القديمة التي تعتبر أدلة على الكثير من مراحل التغير المناخية التي عرفتها المنطقة.
من جهته، قال الباحث توبياس فريدريش من جامعة هاواي (University of Hawaii) -في البيان الصحفي- "قمنا بتحليل هذه العينات باستخدام الحاسوب، وقد مكننا ذلك من فهم ما حدث خلال العديد من الفترات المناخية التي مرّت بها المنطقة خلال الـ160 ألف سنة الماضية".
يتوقع أن يعرف الشمال الأفريقي في المستقبل جفافا قاسيا، ولكنه هذه المرة بفعل الإنسان (بيكسلز)
تغير مدار الأرض
وتوصل العلماء من خلال بحثهم إلى فهم وتحديد مختلف فترات الجفاف وهطول الأمطار التي عرفتها المنطقة طوال الـ160 ألف سنة.
وأوضحت بلانشيت قائلة "وجدنا أن حدوث تغير طفيف في مدار الأرض وتقلص الصفائح الجليدية القطبية، كان السبب في حدوث فترات جفاف طويلة أو سقوط أمطار غزيرة".
وبحسب الدراسة، فإن فترات هطول الأمطار كانت تمتد 5 آلاف سنة، ثم تليها فترات جفاف طويلة أيضا، وكانت السبب في حدوث هجرات جماعية لأن الوضع كان لا يطاق.
وأضافت بلانشيت أنه بناء على دراستنا التي وقفنا من خلالها على تحديد فترات الجفاف وهطول الأمطار، نتوقع أن تعرف منطقة شمال أفريقيا في المستقبل فترات جفاف قاسية مثل التي عرفتها المنطقة سابقا، ولكن المتغير هذه المرة هو فعل الإنسان الذي يعتبر اليوم المسبب الرئيسي للتغيرات المناخية.