يتم تسخين الجزء العلوي من الغلاف الجوي للكوكب إلى 2500 درجة مئوية مما يتسبب في وصول بعض المعادن لحالة الغليان (ناسا)
شغل البحث في الكواكب الخارجية وخصائصها وإمكانية الحياة فيها مساحةً ضخمة من اهتمام الباحثين في علوم الفلك والفيزياء الفلكية.
وفي بحث جديد نشر في دورية أسترونومي آند أستروفيزيكس (Astronomy & Astrophysics) وتناوله تقرير صادر عن جامعة برن (University of Bern) يوم 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كشف الفريق عن رصده توليفةً من المعادن تطفو بصورة غازية في الغلاف الجوي لكوكب "WASP-121b"، وذلك بالاعتماد على تحليل ضوء النجم الذي يدور حوله.
فعندما يمر كوكب خارج المجموعة الشمسية أمام نجمه، يمر بعض من ضوء النجم عبر الغلاف الجوي للكوكب. وتبعا لماهية العناصر الموجودة في الغلاف الجوي، سيتم امتصاص بعض الأطوال الموجية للضوء وتعزيزها.
وبهذا رصد الباحثون باستخدام أجهزة حساسة عالية الدقة في المرصد الأوروبي الجنوبي (European Southern Observatory) مجموعة كاملة من الأطوال الموجية، الأمر الذي مكّنهم من معرفة ماهية بعض العناصر المكونة للغلاف الجوي لهذا الكوكب.
ووجد الباحثون توليفة معدنية مثيرة للاهتمام في الغلاف الجوي لأحد أشهر الكواكب خارج المجموعة الشمسية. وقد تمكنوا من تحديد وفرة من معدن الفاناديوم النادر جنبا إلى جنب مع بصمات طفيفة للحديد والكروم والكالسيوم والصوديوم والمغنيسيوم والنيكل.
كواكب المشتري الحارة
في درجات حرارة تتراوح بين 2500 و3000 درجة مئوية، لا بد أن يكون الغلاف الجوي للكواكب أبسط بكثير مما رصده العلماء في دراساتهم السابقة لكواكب أخرى، وذلك لأن درجات الحرارة المرتفعة تلك تعيق تكوّن الجزيئات المعقّدة.
وقد أوضح الباحثون أن جميع المعادن قد تبخرت نتيجة درجات الحرارة المرتفعة السائدة على "WASP-121b"، مما يعني أن الهواء الموجود على هذا الكوكب ما هو إلا توليفة من معادن متبخرة، إضافة إلى مركبات أخرى لا تزال قيد البحث والتحري.
وقد تم اكتشاف هذا الكوكب عام 2015 خارج المجموعة الشمسية على بعد 850 سنة ضوئية. وقد صنف بكونه أحد أكثر الكواكب سخونة التي تم اكتشافها على الإطلاق. ولهذا أطلق عليه العلماء اسم "كوكب المشتري الساخن" لأنه عملاق غازي قريب جدا من نجمه لدرجة أن درجة حرارته تقارب درجة حرارة النجوم نفسها.
طبقة الستراتوسفير على كوكب المشتري الساخن (ناسا)
وتبلغ كتلته حوالي 1.18 مرة كتلة كوكب المشتري، وحجمه 1.81 مرة حجم كوكب المشتري، كما أنه يدور في مدار قريب جدا من نجمه بما يقدر بـ1.27 يوم فقط.
وفي عام 2017 تم العثور على مياه الستراتوسفير (الطبقة العليا من الغلاف الجوي) فيه، على الرغم من كونه غير صالح للسكن نظرا لحرارته الشديدة.
وتعتبر كواكب المشتري الحارة كواكب غامضة إلى حد كبير، لم يتمكن العلماء بعد من معرفة الآلية والسبب وراء قربها الكبير من نجومها.
تم اكتشاف كوكب WASP-121b عام 2015 خارج المجموعة الشمسية على بعد 850 سنة ضوئية (ناسا)
تطوير أدوات البحث عن حياة
ويأمل الباحثون أن تساعد مثل هذه التحليلات للغلاف الجوي للكواكب على فهمها. كما أن تحديد مكونات غلافها الجوي يمكن أن يساعد في معرفة ما إذا كانت قد تشكلت في مواقعها الحالية، أو ما إذا كانت قد هاجرت إليها من مدار أبعد.
وتساعد هذه الدراسات أيضا في تطوير مجموعة أدوات لاستكشاف الكواكب بحثا عن حياة فضائية. ما نستخدمه اليوم لتحديد الحديد والصوديوم يمكن أن يساعد يوما ما في العثور على الجزيئات التي تنتجها وتستخدمها الكائنات الحية، مثل الأكسجين والميثان، باستخدام معدات أكثر حساسية.