في (ديسمبر/كانون الأول) الماضي(1) أعلن جينغ شوانغ، نائب مدير إدارة الإعلام بوزارة الخارجية لجمهورية الصين الشعبية، عن استياء بلاده من القرار الأخير الذي أصدرته الإدارة الأميركية بإنشاء "قوة الفضاء"، وهي هيئة عسكرية تابعة للجيش، قائلا إن ذلك "يُعَدُّ انتهاكا خطيرا للإجماع الدولي بشأن الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي، الأمر الذي يمكن أن يقوّض التوازن الإستراتيجي والاستقرار العالمي حول هذا الأمر".

من جانبها، كانت الإدارة الأميركية قد اتخذت هذا الإجراء رغبة(2) في حماية مصالحها في الفضاء الخارجي، خاصة بعد معلومات تقول إن الإدارة الروسية والصينية قد امتلكتا أدوات حربية يمكن لها الوصول إلى أقمار صناعية أميركية، الأمر الذي يُهدِّد أمن المواطنين على الأرض، ماذا يحدث مثلا إذا توقّفت خدمات الطقس أو نظام التموضع العالمي (GPS) فجأة؟

لقد استخدمت الصين بالفعل صاروخا أرضيا من قبل لتدمير قمر صناعي خاص بها كان قد خرج من الخدمة، كان ذلك في 2007، وكانت تلك التقنيات بالأساس مبنية على معلومات مأخوذة من شركات في الولايات المتحدة الأميركية لتحسين منظومة الأقمار الصناعية الصينية ثم طُوِّرت لخدمة الأغراض العسكرية، الأمر الذي أكّد -بالنسبة للأميركيين- سياسة الاستبعاد الأميركية(3) والتي نشأت في التسعينيات، وهي تحظر على جميع الباحثين من وكالة "ناسا" العمل مع أو استضافة المواطنين الصينيين المنتسبين إلى مؤسسة أو كيان صيني تابع للدولة.
لكن ما سبق كان فقط شرارة بسيطة في حرب باردة مشتعلة منذ عدّة عقود، بلغت أقصاها في 22 يوليو/تموز الماضي حينما نجحت الصين في إطلاق مهمتها الواعدة(4) "تيان-وين-1" إلى المريخ، في الشهر نفسه انطلقت مهمتان أخريان إلى المريخ وهما "مسبار الأمل" الإماراتي، الأول عربيا، و"عزيمة" مهمة وكالة الفضاء والطيران الأميركية "ناسا" للبحث عن آثار الحياة القديمة على المريخ، لكن على الرغم من الضجة المعتادة حول المهمة الأميركية، فإن الأنظار توجّهت لا إراديا ناحية "تيان-وين-1″، أو كما تعني باللغة الصينية: "أسئلة إلى السماء".




الصين تنطلق إلى المريخ على متن الصاروخ لونج مارش-5 (رويترز)


عادة ما تنطلق المهام الفضائية للمريخ على مراحل، حيث تبدأ تجاربك الأولى حتى تنجح أولا في تثبيت قمر صناعي (Orbiter) يدور حول الكوكب لدراسته وتحديد أفضل مواضع الهبوط المستقبلية، ثم بعد ذلك تبدأ في العمل على إنزال مركبة ثابتة إلى سطحه (Lander)، ثم مركبة جوالة (Rover)، لكن الصين -للمرة الأولى في تاريخ رحلات الفضاء- تُنفِّذ هذه المراحل الثلاثة في مهمة واحدة، ولهذا السبب فإن نجاحها يعني تقدُّما كبيرا في التعامل التكنولوجي مع المريخ.

لذلك فإن "تيان-وين-1" هي مهمة العمل المريخية الأكثر كثافة، تحمل 13 جهازا علميا مقسّمة بين القمر الصناعي بالأعلى والمركبة الجوالة بالأسفل، تهدف هذه المجموعة إلى عمل دراسة شاملة لمناخ وجيولوجيا وبيئة والغلاف المغناطيسي للكوكب الأحمر، الأمر الذي يمكن أن يساعد على الإجابة عن السؤال الذي طالما حيّر الخبراء في هذا النطاق: هل كان المريخ كوكبا قابلا للحياة مثل الأرض يوما ما؟ وما الذي حدث له؟
هل ستنجح الصين في هذه المهمة؟ هناك احتمال أن تفعل، وهو احتمال مدعوم بنجاحات سابقة كان للصين السبق فيها، على سبيل المثال كانت المركبة(5) "تشانج-إي 4" قد تمكّنت -قبل نحو عامين- من الهبوط على الجانب الآخر للقمر في سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ، فقد هبطت مركبات كثيرة من قبل على وجه القمر المقابل لنا، أما بالنسبة للوجه الآخر الذي لا نراه فتصل بياناته إلينا عبر مركبات تدور حول القمر.
هدفت هذه المهمة الصينية إلى عمل مسح جيولوجي دقيق لتلك المنطقة، كذلك هدفت إلى عمل تجارب بيولوجية لدراسة كيفية نمو وتطور ديدان القز، والبطاطا، وبعض النباتات الأخرى على هذا الجانب من القمر، لكن أحد أهداف الرحلة الرئيسية هي، لا شك، أن تستعرض الصين قدرتها على إدارة وإنجاح عمليات معقدة تقنيا لم يسبق لأي دولة أخرى النجاح فيها، في نطاق علوم الفضاء فإن هذه عُملة ثمينة جدا.





بشكل خاص، تهتم الصين بالقمر، لفهم سر ذلك دعنا نتأمل تصريحات متتابعة لدونالد ترامب عن أن الرحلات الأميركية القادمة للقمر لن تكون لغرض الاستكشاف فقط، بل لغرض البحث عن المصادر. حينما وصل "باز ألدرين" إلى القمر، وكان ثاني رجل هبط على سطحه، قال إن ما رآه هو(6) "خراب رائع"، ويعني أنه رأى لا شيء، أرض ممتدة قاحلة، بلا ماء أو هواء أو أي مصادر تُذكر، لكن ألدرين كان خاطئا.

على سبيل المثال، بجانب احتواء الأملاح المعدنية على سطح القمر على كمٍّ هائل من الأكسجين والسيليكون والماء المثلج، فإن هناك تطلعات لإمكانية استخراج(7) أحد نظائر الهيليوم (الهيليوم 3) من القمر، تحوي الأرض من هذه المادة عدة كيلوجرامات فقط، أما تربة القمر فيُعتقد أنها تحتوي على مليون طن منها بسبب التفاعل المباشر مع أشعة الشمس عبر ملايين السنين، يمكن أن يساعد الهيليوم 3 في تطوير صور أكثر أمنا، وأرخص بفارق واسع، من التفاعلات النووية، وبالتالي توفير قدر هائل من الطاقة.

أضف إلى ذلك أن الأمر يتخطى حاجز القمر، المريخ مثلا يحوي كمًّا هائلا من الماء، أما بالنسبة للكويكبات القريبة نسبيا من الأرض، فإن الكثير منها قد يحوي كميات كبيرة من "مجموعة المعادن البلاتينية"(8) مثل البلاتين والبلاديوم والروبيديوم والإيريديوم، إلى جانب كميات هائلة مما نُسميه بـ "العناصر الأرضية النادرة"(9)، وهي مجموعة من سبعة عشر عنصرا كيميائيا في الجدول الدوري، تحديدا السكانديوم والإتريوم واللانثانيدات، تدخل تلك العناصر في صناعة كل شيء تقريبا، بداية من البطاريات والإلكترونيات وصولا إلى تكرير البترول وإنتاج الطاقة.





لكن يظل القمر هو الوليمة الأقرب والتي يطمح الجميع لقضم قطعة منها، والصين لا تنوي أن تترك الولايات المتحدة تظفر بنصيب الأسد في هذه المعركة، لذلك فإن برنامج القمر الصيني "تشانج-إي" الواعد كان اسما على مُسمّى، حيث سُمِّيَ نسبة إلى آلهة القمر في الأسطورة الصينية القديمة، المرأة التي تناولت أكسير الخلود فارتفعت إلى السماء لكنها أمسكت بالقمر ولم تُرِد الابتعاد أكثر من ذلك، لأن لها حبيبا على الأرض.

الصين أيضا تمسكت بالقمر، ونجحت منذ العام 1999 في الانطلاق بخطوات سريعة وثابتة نحوه، بدأ الأمر بمجموعة مهام "شنتشو"(10) التي هدفت إلى الوصول برواد فضاء خارج الغلاف الجوي للأرض، وأطلقت الصين بالفعل أول مركبة مأهولة في 2003، ثم انتقلت بعد ذلك إلى مجموعة مهام تشانج-إي(11)، والتي تُعتبر "تشانج-إي 4" جزءا منها، وقريبا تُجهِّز الصين لرحلات مأهولة إلى القمر، بحيث تكون الدولة الثانية في العالم كله التي وضعت رواد فضاء على سطح القمر.
لكن الصين لا تود فقط النجاح في أن تزاحم الولايات المتحدة الأميركية على "احتلال" القمر أو أيٍّ من الكواكب بمهام علمية، بل تريد كل شيء آخر. بمعنى أوضح، فإن الصين تطمح أن تكون "قوة فضائية عظمى من جميع النواحي"، ولذلك فإنها تهدف لامتلاك بنية تحتية فضائية تؤهّلها لأن تتخذ خطوات مستقبلية أكثر ثباتا للسيطرة الكاملة على هذا النطاق.





لفهم مدى عمق هذه النيّات تأمّل المحطة الفضائية الصينية التي فتحت(12) أبوابها للعمل الرسمي قبل عامين فقط، ودعت دول العالم كله لإجراء التجارب على متنها، وبحلول العام 2019 كانت 17 دولة بالفعل تقوم بتجاربها داخل المحطة، أما المُثير للتأمل حول هذا الأمر فكان أن الصين قد طالبت بالفعل أن تنضم إلى المحطة الفضائية الدولية قبل نحو عقدين من الزمان، لكنها مُنعت من ذلك بسبب اعتراض أميركي يحاول ضمان عدم وجود أي التقاء للصينيين بالتكنولوجيا الأميركية، ستخرج المحطة الفضائية الدولية من الخدمة سنة 2024 وعندها ستكون المحطة الصينية هي الوحيدة التي لا تزال في الخدمة!
بل ويمتد الأمر لنطاقات الصراعات الجيوسياسية مع الولايات المتحدة الأميركية، خذ مثلا نظام بايدو للملاحة(13) بالأقمار الصناعية (Beidou)، احتفلت الصين قبل شهر واحد فقط باكتمال هذه المنظومة، 35 قمرا صناعيا في أنواع مختلفة من المدارات حول الأرض بدقة (مُعلنة) لتحديد الموقع على الأرض في نطاق يصل إلى نحو 2.6 متر (تصل إلى عشرة سنتيمترات بحسب بعض التكهنات)، يجعل هذا النظام الصين الدولة الرابعة في العالم التي لديها التكنولوجيا الكاملة في هذا النطاق بعد الولايات المتحدة (المالكة لنظام تحديد المواقع "GPS").
لدى هذه المنظومة المتقدمة من الأقمار الصناعية عدة وظائف أساسية، فهي تُقدِّم خدمات بحثية لها علاقة برحلات الفضاء، وكذلك خدمات مدنية مثل تحديد الموقع الشخصي والخدمات الخاصة بالنقل (الطائرات والسفن)، لكن الأهم من ذلك هو الخدمات العسكرية بالطبع، لأن إحدى القدرات الرئيسية الداعمة بالنسبة للجيوش الحديثة هي منظومة ملاحة عالمية مُحدَّثة باستمرار، وكانت باكستان(14) أول دولة تستخدم هذه المنظومة لأغراض عسكرية في 2019، هذا يُمثِّل تهديدا سياسيا واضحا للولايات المتحدة الأميركية، لأن أعداءها ليسوا بالضرورة أعداء الصين، في الواقع عادة ما ستجد أنهم أصدقاؤها.





إذا قرّرت أن تتأمل منجزات الولايات المتحدة الأميركية في نطاق تكنولوجيا الفضاء الآن فإنك لا شك ستلاحظ فارقا كبيرا لصالح الأميركيين، فالبنية التحتية التي بدأت في الخمسينيات لا تزال قادرة على دفع المشرع الفضائي بقوة وإعطائه الكثير من الزخم، لكن المشكلة أن منجزات الصين في مشاريع الفضاء تتسارع بشكل يُشير إلى تفوُّق مستقبلي واضح على الولايات المتحدة الأميركية، لفهم تلك الفكرة دعنا نتأمل عدد الإطلاقات الصاروخية الصينية.

لكي تصل الصين(15) إلى 100 إطلاق صاروخي احتاجت إلى 37 سنة بداية من لحظة صعود القمر الصناعي الصيني الأول سنة 1970 ووصولا إلى العام 2007، لكن لتحقيق مئة إطلاق أخرى فإن الصين احتاجت فقط إلى سبع سنوات ونصف (عام 2014)، وفي أوائل عام 2019 أطلقت الصين صاروخها رقم 300 إلى الفضاء، ما يعني أنها احتاجت إلى أربع سنوات فقط لإطلاق مئة صاروخ، إنه تسارع هائل!
لذلك، فإن إطلالة بسيطة على مشاريع الفضاء خلال السنوات الخمس القادمة فقط ستُعطينا فكرة واضحة عن تفوُّق واضح للصين التي بالفعل حقّقت مؤخرا أكبر عدد من الإطلاقات الفضائية (39 مقابل 31 للولايات المتحدة)، ويُعتقد(16) أنه بحلول العام 2025 قد تكون الصين هي أول دولة في العالم تشرع في بناء محطة بحثية على سطح القمر.
هذه بالطبع رسالة سياسية واضحة، إنها الرسالة نفسها التي وجّهها الأميركيون للاتحاد السوفيتي في الحرب الباردة، فبينما كان الأخير مُتقدِّما بفارق واضح في تطوير الصواريخ لأغراض الصعود للفضاء، إذ بالولايات المتحدة -في نحو عشر سنوات- تحسم المعركة بطريقة "القادمون من الخلف"، فتُحرز تقدُّما غير مسبوق في هذا النطاق سريعا لتتخطى مجرد الصعود للفضاء وصولا بأول إنسان إلى القمر.
الصين الآن تحاول لعب الدور نفسه ضد أميركا، وهناك مشكلتان كبيرتان تواجهان الولايات المتحدة الأميركية في هذا السباق، أولاهما هو المنافسة الشديدة في سوق العمل. على سبيل المثال، تفخر الصين بالإشارة المستمرة إلى أن تكلفة إنشاء المحطة الفضائية الخاصة كانت فقط 5 مليارات دولار، بينما كلّفت المحطة الفضائية الدولية 100 مليار دولار، هناك فارق بالطبع بين المحطتين، لكن ذلك يعطي الصين قدرة أكبر على عمل عروض أرخص لزبائن تكنولوجيا الفضاء حول العالم.






تطمح الإدارة الصينية مثلا إلى أن تصل القيمة السوقية لمنظومة بايدو للملاحة بالأقمار الصناعية إلى 46.5 مليار دولار، وفي سبيل جذب العملاء لسوق الفضاء الخاص بها فإنها تُقدِّم منظومة صاروخية، صينية الابتكار والصنع، مرنة جدا ومتنوعة القدرة على الحمل بحيث تتمكّن من خدمة الزبائن بكل الصور الممكنة، وبحسب تقرير لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية(17) فإن التحسينات الصينية الأخيرة لمنظومة الصواريخ الخاصة بها تختصر الجداول الزمنية للإطلاق بشكل واضح، مع ارتفاع لدرجات الأمان والكفاءة، وتخفيض كبير لتكاليف الرحلات.

أما المشكلة الأخرى الأكثر أهمية فتتعلّق بمدى الترابط والتناغم بين الإدارة السياسية الصينية وإدارة المشروع الفضائي الصيني(18)، حيث لا يتعلّق الأمر فقط بحجم الإنفاق الهائل والمفتوح على هذا المشروع، لأغراض سياسية واقتصادية، بل أيضا توجد هذه الرؤية الواضحة والمتّسقة بين الجانبين، الأمر الذي يُسهِّل اتخاذ القرارات ويضمن نوعا من الأمان والسيطرة للعاملين في نطاق الفضاء، أضف إلى ذلك أن برنامج الفضاء الصيني هو مصدر فخر وطني شديد ويلقى كل الدعم من الجميع، قارن ذلك بحالة البلبلة في الإدارة الأميركية حول هذا الصدد.





بداية من اللحظة التي وضع نيل أرمسترونج فيها أقدامه على سطح القمر قائلا إنها خطوة واحدة لإنسان لكنها خطوة عظيمة للبشرية كلّها، أعلنت الولايات المتحدة الأميركية سيطرتها الكاملة على نطاق علوم الفضاء، والعلم كلّه. يمكن أن نرى جذور ذلك في الخمسينيات من القرن الفائت حينما قال الرئيس الأميركي هاري ترومان في أثناء توقيع فاتورة إنشاء المؤسسة الوطنية للعلوم(19): "لقد أدركنا أن قدرتنا على البقاء والنمو ترتبط إلى حدٍّ كبير باعتمادنا على تقدُّمنا العلمي" مضيفا أنه: "علاوة على ذلك، لا يكفي ببساطة مواكبة بقية العالم في المسائل العلمية، يجب أن نحافظ على قيادتنا للعالم في هذا المجال".

الآن دعنا نقارن هذا التصريح مع آخر صدر(20) عن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني في أكتوبر/تشرين الأول 2017، والذي أوضح فيه أن خطة الصين القادمة، والتي تنقسم إلى مرحلتين أساسيتين بداية من 2022 إلى 2050، تتضمّن دفع الصين بقوة لتصبح "قوة عظمى في مجال العلوم والتكنولوجيا، خاصة في مجالات علوم الفضاء والتكنولوجيا الرقمية"، موضحا أن الصين تتبع إستراتيجية للتنمية مدفوعة بالابتكار البحثي وتسعى إلى تحصيل أكبر استفادة ممكنة من الإنترنت والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي.





قبل عدة سنوات فقط بدأ العمل في التلسكوب الصيني الراديوي الأكبر في التاريخ(21) بقُطر 500 متر "فاست" (FAST)، كان التلسكوب أريسيبو (ARECIBO) الأميركي هو الأضخم قبل ظهور التلسكوب الصيني، يأمل الصينيون أن يتمكّن "فاست" من تحقيق هدف البشرية الأكبر بالتقاط رسائل من حضارات ذكية تبعد عنا مليارات التريليونات من الكيلومترات في الفضاء الواسع.

يعني ذلك رسالة عالمية جديدة. على سبيل المثال، في كل أفلام الكائنات الفضائية التي تلقى رواجا عالميا، كان الأميركيون هم أول مَن يستقبل إشارات الحضارات البعيدة وأول مَن يتعامل مع المشكلة باستخدام بطل يحمي كل العالم من خطر محدق، سواء كان هذا البطل هو رئيس الولايات المتحدة الأميركية نفسه -في فيلم "يوم الاستقلال 1996"- أو أيًّا من الكائنات الخارقة في مجموعة أفلام "أفينجرز" بقيادة السيد "كابتن أميركا"، بنى ذلك نفسه على قوة علمية أميركية حقيقية.

لكننا الآن نعرف أن الصين تمتلك تلسكوبا، وجوقة كاملة من التكنولوجيا الفضائية المتقدمة للغاية، بإمكانها أن تسبق الولايات المتحدة الأميركية، يؤثر ذلك بقوة على رسالة الهيمنة الأميركية الناعمة التي طالما تخلّلت كل بلاد العالم، يبدلها بأخرى جديدة تقول إن البطل الخارق الجديد ضيّق العينين بعض الشيء، يتحدث الصينية، يرتدي ملابس مصبوغة باللون الأحمر، وقد نُطلق عليه يوما ما اسم "كابتن تشاينا".