يعد التواصل هو السلاح السحري في جميع المعاملات. بدلًا من مشكلة كبيرة، يمكنك تحويل الأمر إلى فرصة للنجاح. بدلًا من التسبب في أزمة، يمكنك إنقاذ الموقف كليًا. كلها أشياء يكون البطل فيها هو التواصل الفعّال.
لذا، من الأشياء التي تساعدك في اكتساب هذه الفائدة، هي العمل على تطوير مهارات الذكاء التواصلي لديك، الذي يعد من أهم المقومات لعملية التواصل الناجحة.
ما الذي يعنيه الذكاء التواصلي؟

خرج مفهوم الذكاء التواصلي من نظرية الذكاءات المتعددة، التي تنص على وجود 8 أشكال مختلفة من الذكاء لدى الإنسان. يركّز مفهوم الذكاء التواصلي على جميع المكونات التي يحتاج إليها الإنسان في عملية التواصل، وتحتوي بداخلها على 4 من أنواع الذكاء الأخرى:
1- الذكاء الذاتي: هو القدرة على فهم الذات جيدًا، وتحديد القدرات والعوائق المحتملة للنفس، مع استخدام هذه المعلومات لتنظيم الحياة.
2- الذكاء الانفعالي: هو القدرة على التحكم في المشاعر في المواقف المختلفة، بالتالي عدم السماح لأي اندفاع أو النطق بكلمات سيئة في حق الآخرين.
3- الذكاء اللغوي: هو القدرة على استخدام الكلمات، سواءً في الكتابة أو التحدث. بالتالي فهو شخص يقدر على التعبير عمّا يريد توصيله جيدًا.
4- الذكاء الاجتماعي: هو القدرة على فهم الآخرين واستيعاب مشاعرهم في المواقف المختلفة، مما يساهم في إدارة العلاقات بالشكل السليم.
يمكن للشخص الذي يملك هذه الذكاءات الأربعة التحكم في عملية التواصل مع الآخرين، فهو شخص يقدر على التخطيط جيدًا لما يريد، ويمكنه اختيار الكلمات المناسبة للتعبير عن ذلك. كما أنّه يجيد التعامل مع الآخرين، ولا يدع مجالًا للاندفاع ليتحكم في تصرفاته، بالتالي يضمن استجابة الطرف الآخر في التواصل.
المكونات الرئيسة لعملية التواصل

حتى يمكن فهم كيفية تطوير مهارات الذكاء التواصلي، فلا بد من تعريف عملية التواصل ومكوناتها الأساسية، إذ توجد 7 مكونات مشتركة بين جميع عمليات التواصل:
1- المرسل: هو الطرف الأول في عملية التواصل، وهو الذي يبدأها بهدف توصيل رسالة معينة.
2- المستقبل: هو الشخص الذي يرغب المرسل في التواصل معه. قد يكون هناك أكثر من مستقبل، بناءً على الرسالة المطلوب إبلاغها.
3- الرسالة: هي المحتوى الذي يرغب المرسل في إيصاله إلى المستقبل. حتى يحدث هذا بالكفاءة المطلوبة، فلا بد من مراعاة مستوى الثقافة والتفكير، ومعرفة العوامل التي تؤثر في الشخص، فتجعله يفهم رسالتك بالمعنى المطلوب.
4- القناة: هي الوسيلة التي يمكن من خلالها توصيل الرسالة. قد يكون ذلك من خلال لقاء شخصي أو مكالمة تليفونية أو رسائل عبر البريد الإلكتروني. من المهم دائمًا اختيار القناة الأكثر ملاءمة للرسالة، للتأكد من وصولها بالجودة المطلوبة.
5- التغذية الراجعة "Feedback": رد الفعل من المستقبل على الرسالة. يمكن من خلالها التأكد إذا كانت الرسالة قد وصلت بالشكل السليم فعلًا، أم هناك مشكلات لا بد من حلها.
العوائق التي تقف أمام عملية التواصل

بالطبع لا تسير عملية التواصل في طريقها السليم دائمًا، إذ هناك العديد من العقبات التي تظهر وتمنع حدوث ذلك. من أهم العوائق التي تؤثر على التواصل:
1- عدم الاهتمام: قد تكون عملية التواصل واضحة تمامًا، لكن يعيقها في هذه الحالة أنّ المستقبل غير مهتم بالأساس بما يُقال. يمكنك مواجهة هذا الموقف مثلًا أثناء محاولة بيع شيء لشخص، وتجد أنّه غير مهتم بما تقول.
يمكنك التغلب على هذا الأمر من خلال سؤاله مباشرةً إذا لم يكن مهتمًا بما تريد، أو يمكنك تغيير طريقة العرض الخاصة بك، واختيار كلمات أخرى مناسبة لجذب الشخص.
2- نقص الثقة: في الكثير من الأحيان تكون مشكلة التواصل بعيدة عن العملية ذاتها، إذ ربما هي مشكلة ثقة من الطرفين. في هذه الحالة، حتى مع وضوح الرسالة، فببساطة لا يصدقها الشخص من الأساس، فلا يتعامل معها إلّا بالتشكيك.
في هذه الحالة لا يمكنك المتابعة في عملية التواصل، بل تحتاج إلى الوقوف ومحاولة فهم الأسباب التي أدت إلى نقص الثقة، وإعادة بناء روابط الثقة من جديد، ثم بعد ذلك بدء التواصل مرة أخرى.
3- عدم القدرة على الاستماع للأفراد: يلعب الاستماع الفعّال دورًا مؤثرًا في عملية التواصل. لذا، إن لم تكن قادرًا على الاستماع للأطراف الأخرى من حولك، والتعاطف معهم فيما يقولونه لك، فهم سيظهرون لك نفس الرد عندما تبدأ التواصل معهم.
يمكن علاج هذا الأمر من خلال تعلّم الاستماع الفعّال للأفراد، والتركيز على احتياجاتهم والتعاطف معهم وإظهار هذا لهم بصورة واضحة. عندما يحدث هذا، سيبدأ الأشخاص في الاستماع إليك أيضًا.
4- اختلاف أسلوب التواصل: ماذا إن كنت تستخدم أسلوبًا في التواصل لا يناسب الطرف الآخر؟ في هذه اللحظة من المحتمل أن يحدث بعض الخلل في التواصل. فإذا كان الشخص مثلًا يُفضل التواصل اللفظي عن التواصل المكتوب، فهو بالتأكيد سيواجه درجة من الصعوبة في فهم ما تريد.
مثلما ترغب في التواصل مع الأفراد بطريقة معينة، عليك الحرص على فعل العكس أيضًا. قبل التواصل مع الأفراد، تأكد من أنّك تستخدم أسلوبًا مناسبًا لهم، وإن ظهر لك رغبتهم في تغيير الأسلوب، فافعل ذلك إذا كانت هناك إمكانية. إن لم يكن ذلك ممكنًا، فحاول بذل مجهود أكبر في التواصل، للتأكد من وصول الرسالة.
5- اختلافات في الثقافة واللغة: لا يوجد اختلاف على تأثيرات الثقافة واللغة على عملية التواصل. إذ ربما تستخدم كلمة معينة، في ثقافة الطرف الآخر تعني شيئًا مغايرًا لما تقصده، وبالتالي تتأثر الرسالة التي ترغب في نقلها سلبًا.
لذا، قبل التواصل مع الآخرين، تأكد من أنّك تفهم جيدًا ثقافتهم واللغة المناسبة لهم، واستخدم الذكاء اللغوي في انتقاء الألفاظ الأكثر تعبيرًا عما تريد قوله، بما يتوافق مع كل شخص من الموجودين.
كيف يمكنك اكتساب وتطوير الذكاء التواصلي؟

على الرغم من وجود الكثير من العوائق في عملية التواصل، إلّا أنّ جميعها يمكن التغلّب عليه بواسطة الذكاء التواصلي، واستخدام الأنواع المختلفة للذكاء الموجودة معه. حتى يمكنك اكتساب وتطوير الذكاء التواصلي، فأنت بحاجة إلى اتّباع الخطوات التالية:
1- اهتم بتقييم تواصلك مع الآخرين: لن يمكنك معرفة إذا كانت هناك مشكلات في تواصلك مع الآخرين، إلّا بالاهتمام بالتقييم والتعامل مع ردود أفعالهم بشكل صحيح. بدلًا من رفض وجود مشكلة، عليك التعرّف على العيوب التي ظهرت. من خلال ذلك ستقدر على تطوير الذكاء التواصلي معهم.
2- تعلّم الاستماع الفعّال: عندما تتعلّم الاستماع الفعّال إلى الآخرين، سيكون بإمكانك فهمهم جيدًا والتعاطف معهم، وستقدر على التحكم في ردود أفعالك جيدًا. هذا وحده يفتح لك المجال لتطوير الذكاء الانفعالي والذكاء الاجتماعي بمجرد تعلّم الاستماع.
كما أنّ الاستماع يعد كحل سحري في التفاعل مع الآخرين، يجعلهم أكثر تقبلًا لك ولرسالتك، بالتالي توظّف الذكاء التواصلي معهم بالشكل الأمثل.
3- استخدام الأنواع المختلفة للتواصل: بالطبع قد يكون لديك أسلوب تفضله في التواصل، لكن من الطرق التي تساعدك في تطوير الذكاء التواصلي أن تعمل على تعلّم مختلف الأساليب الأخرى في التواصل. كما أنّ ذلك يمنحك فرصة لنجاح التواصل مع أي شخص مهما اختلف أسلوبه في التواصل.
تذكّر في النهاية أنّ عملية التواصل تعتمد على طرفين، لذا أنت بحاجة إلى التركيز على الطرف الآخر في العملية، لهذا أنت تحتاج إلى استخدام الذكاء التواصلي طوال الوقت. يمكنك العمل على تطوير الذكاء التواصلي، واستخدام مختلف أساليب التواصل، هذا سيساعدك في الحصول على عملية تواصل ناجحة.