من فنادقها التي تعامل الضيوف معاملة ملكية، ومعارضها الفنية المميزة، إلى مساحاتها المفتوحة التي تعد الأشهر في أوروبا، هكذا اعتدنا أن تكون ايطاليا قبل جائحة فيروس كورونا. بالطبع هذه ليست إيطاليا كما عهدناها من قبل.
وتختلف إيطاليا في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 عن أي وقتٍ مضى في عصر السياحة الجماعية، بعد إغلاقها الثاني للحد من انتشار "كوفيد-19".
عادة ما تمتلئ نافورة تريفي بالزوار، حتى خلال المساء. والتقطت هذه الصورة للنافورة الشهيرة في 6 نوفمبر/ تشرين الثاني أي بعد حظر التجول
وعندما زارت أغنيس كروفورد، المرشدة السياحية من روما، متاحف الفاتيكان في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وجدت نفسها في كنيسة سيستينا المشهورة بازدحامها مع 10 أشخاص آخرين فقط.
وقبل عشرة أيام، قامت كروفورد برحلة إلى فلورنسا حيث، بدلاً من الوقوف في طوابير الدخول وتزاحم الحشود أمام الأعمال الفنية الشهيرة، وجدت نفسها في معارض أوفيزي الأسطورية وجهاً لوجه مع أعمال فنية لأمثال مايكل أنجلو، وبوتيتشيلي، ورافاييل.
ومع ارتفاع حالات "كوفيد-19" بشكل كبير، في 26 أكتوبر/تشرين الأول، أصدرت إيطاليا قراراً بإغلاق الحانات والمطاعم في الساعة 6 مساءً.
وقال فاليريانو أنتونيولي، الرئيس التنفيذي لمجموعة فنادق "Lungarno Collection" في فلورنسا: "لا أعتقد أن هناك فندقًا في فلورنسا يتضمن أكثر من 10 غرف مشغولة".
وفي 6 نوفمبر/ تشرين الثاني، تم تشديد القيود مرة أخرى.
نافورة تريفي في أوقات أكثر سعادة 24 يونيو/ حزيران 2019، أي قبل ظهور "كوفيد-19"
ويوجد الآن حظر تجول على مستوى البلاد بين الساعة 10 مساءً وحتى 5 صباحاً، فيما أُغلقت مراكز التسوق في عطلات نهاية الأسبوع، ووضعت وسائل النقل العام إجراءات تسمح فقط لنسبة 50% من الركاب باستخدامها.
وبالنسبة لأمثال كروفورد، أغلقت المتاحف والمعارض أيضاً، على أمل إعادة افتتاحها في 3 ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وقٌسمت البلاد أيضاً إلى "مناطق" حمراء، وبرتقالية، وصفراء، وفقاً لعدد حالات الإصابة بالفيروس، مع مزيد من القيود على المناطق الحمراء، أي الأكثر خطورة، مثل لومبارديا، وبييمونتي، وكالابريا، وفالي داوستا.
ولا يجوز للمقيمين في هذه المناطق مغادرة منازلهم إلا للعمل، أو لأسباب صحية، أو بهدف التسوق الضروري.
وهذا يعني أن بعض أشهر المواقع الإيطالية شبه مهجورة.
وعلى عكس الإغلاق خلال فترة الربيع، حيث اضطر السكان إلى البقاء في منازلهم، يستطيع أولئك الذين يعيشون خارج المناطق الحمراء، أي معظم أنحاء البلاد، الاستمتاع بمدنهم هذه المرة من خلال التواجد في الخارج.
روما
نافورة تريفي فارغة في يوم 5 نوفمبر/تشرين الثاني
وقامت كروفورد بجولات حول روما في الأيام الأخيرة، وشاركت لقطاتها لوجهات شهيرة اصبحت شبه مهجورة مثل نافورة تريفي والمدرج الروماني.
فلورنسا
جسر بونتي فيكيو في 14 سبتمبر/ أيلول الماضي
وفي فلورنسا، مهد عصر النهضة، "يُنظر إلى كل ضيف على أنه جوهرة"، وفقاً لفاليريانو أنتونيولي.
ولا يزال يُسمح للحانات ومطاعم الفنادق بخدمة الضيوف بعد الساعة 6 مساءً، ولكن تراجع السياحة يعني أن العديد منها قد أغلق حتى إشعار آخر، والبعض الآخر يعمل بعدد قليل من الغرف.
وخلال عصر ما قبل "كوفيد-19"، شهدت الأيام المشمسة ازدحاماً في فلورنسا.
وأثبت موسم الصيف أنه أفضل من المتوقع، إذ شهد معدل إشغال بنسبة 45% في أكتوبر/ تشرين الأول الشهر الماضي.
وتسبب ارتفاع عدد الحالات الإصابة المؤكدة بفيروس كورونا في جميع أنحاء أوروبا إلى فرض القيود الجديدة التي أفرغت جميع فنادق فلورنسا، وفقاً لما قاله أنتونيولي.
البندقية
يجلس السكان على مقاعد المقهى في ساحة سانت مارك خلال فترة شبه إغلاق إيطاليا الثاني،في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2020
وفي البندقية، يلتزم غالبية الزوار بمنطقتين في الهواء الطلق وهما جسر ريالتو وساحة سانت مارك، بدلاً من دخول المتاحف.
وفي الوقت الحالي يتجول السكان المحليون في ساحة سان ماركو الفارغة ويلتقطون صوراً للبازيليكا الشهيرة وقصر دوجي.
وتغلق أبواب حانات الساحة الشهيرة، المعروفة بموسيقاها الحية وأسعارها الرائعة بقدر جمالها، في الساعة 6 مساءً.
ويرى جوزيبي كالياندرو، صاحب مطعم "Antica Sacrestia" الذي يقع على مسافة قصيرة من الميدان، إن القيود التي فرضت لإغلاق الحانات والمطاعم في الساعة 6 مساءً، غيرت كل شيء.
ويقول كالياندرو: "في الصباح، لا تزال البندقية نابضة بالحياة بالرغم من وجود عدد قليل من السياح، وحركة السكان، ومع افتتاح والمتاجر والحانات في النهار، يبدو الوضع طبيعياً تقريباً".
ويتابع كالياندرو: "ولكن بدءاً من فترة ما بعد الظهر، تفرغ الشوارع تدريجياً، وفي المساء يتواجد عدد قليل للغاية من المتجولين".
ميلانو
عادةً ما تكون ساحة الكاتدرائية مركزاً للسياح الذين يزورون مدينة ميلانو
أما مدينة ميلانو، والتي تضررت بشدة من الموجة الأولى من فيروس كورونا، فقد أغلقت المتاجر والحانات والمطاعم فيها باستثناء المتاجر التي تبيع الموارد الأساسية، مثل محلات البقالة.
وقال كارلو دال أستا، الشريك المؤسس لمجموعة "Farmily Group" للحانات، إنه حتى اللحظة الأخيرة، حاول سكان ميلانو الاستمرار كالمعتاد.
وأشار أستا إلى إنه على الرغم من أن الأمور لا تبدو مختلفة كثيراً في ساعات النهار، إلا أنه بعد الساعة 6 مساءً، يبدو الوضع غريباً مع تواجد عدد أقل بكثير من الناس، وإغلاق المتاجر في منطقة نافيجلي.
وفي هذه الأثناء، أصبحت الوجهات الإيطالية الشهيرة التي كانت تعاني من أزمة السياحة المكتظة، لأول مرة منذ عقود، حصرية لسكان إيطاليا فقط.