الإطارات الفارغة بمتحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر (مواقع التواصل)
لطالما كانت السرقات الفنية تجارة كبيرة، إذ لا تتم تلك العمليات ببساطة، ويتطلب الأمر تخطيطا دقيقا ومعرفة بآليات عمل أجهزة الإنذار داخل المتحف أو قاعة العرض، بالإضافة إلى شبكة من المتخصصين في بيع الأعمال الفنية المسروقة في السوق السوداء.
وعلى الرغم من أن معظم المتاحف لديها حراسة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، فإن حوادث سرقة الأعمال الفنية لم تتوقف. وبعض السرقات يتم اكتشاف مرتكبيها فتعود الأعمال لمقرها الأصلي، بينما لا تزال بعض السرقات عالقة لم تحل حتى الآن، مثل السرقة الشهيرة لمتحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر.
سرقة لم تحل حتى الآن
حدثت السرقة في صباح 18 مارس/آذار 1990، ببساطة لا يمكن أن يتوقعها أحد. ففي مشهد يشبه المشاهد السينمائية، توجّه لصان يرتديان ملابس ضباط شرطة إلى رجال الأمن في متحف إيزابيلا ستيوارت غاردنر (Isabella Stewart Gardner Museum) بمدينة نيويورك، مدعيين تلقي بلاغ باضطرابات ستحدث داخل المتحف. انتهك رجال الأمن بروتوكول الحراسة، وسمحوا لهم بالدخول، فقام اللصوص بتقييد أيدي الحراس وحبسهم في منطقة منفصلة في الطابق السفلي.
سرق اللصوص لوحات بقيمة 500 مليون دولار، ولم يتم فك لغز السرقة ولا الوصول إلى اللوحات حتى الآن، ومن بين اللوحات المسروقة:
- عاصفة على بحيرة طبريا، لرامبرانت التي رسمت في 1633.
- الحفلة، لفيرمير (1660-1685).
- 5 أعمال على الورق، لديغا.
- تشز تورتوني (Chez tortoni)، لإدوارد مانيه (1878-1880).
عرض المتحف عام 2018 مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل أي معلومة تؤدي إلى عودة اللوحات، لكن القضية لا تزال عالقة حتى الآن، والإطارات الفارغة لا تزال معلقة على الجدران.
الملاحظة التي تركها لصوص متحف ويتوورث تقول: لم تكن نيتنا السرقة بل تسليط الضوء على ثغرات الأمن (مواقع التواصل)
لوحة الصرخة لإدفارد مونك 1893
وبالنظر إلى سوق الفن، نجد أن اللوحات الشهيرة والأعمال الفنية القيمة، لا تفيد السارق، إذ لا يشتري أحد عملا فنيا مسروقا، لأنه لن يتمكن من إعادة بيعه. لذلك فإن من المعروف أن لصوص الأعمال الفنية، يسرقون الأعمال الشهيرة مقابل فدية من المتحف أو شركات التأمين على اللوحات.
حدث هذا مع لوحة الصرخة (The Scream) للفنان النرويجي إدفارد مونك (Edvard Munch)، فقد نقل المتحف الوطني النرويجي اللوحة إلى مكان جديد في الطابق الأرضي بالتزامن مع انطلاق الألعاب الأولمبية الشتوية عام 1994، كجزء من معرض حول الثقافة النرويجية.
انطلق إنذار المتحف في صباح يوم 12 فبراير/شباط، وفي أقل من دقيقة تسلق اللصوص سلما، وكسروا نافذة، وسرقوا اللوحة وتمكنوا من الهروب، وتركوا ملاحظة تقول "شكرا لسوء الأمن".
ونظرا لأنها كانت واحدة من أشهر اللوحات في العالم، لم يتمكن اللصوص من إعادة بيعها، وبعد شهر واحد، تلقى المتحف الوطني رسالة تطالب بفدية قدرها مليون دولار لإعادة اللوحة. وبالتعاون مع الشرطة البريطانية تم التوصل إلى اللصوص، واعتقال 4 رجال من بينهم لص الفنون الشهير "بال إنغر" (Pal Enger).
الموناليزا.. السرقة من أجل الوطن
غالبا ما يكون المكسب المالي هو الدافع وراء السرقات الفنية، لكنه ليس الدافع الوحيد. هناك سرقات تتم لأغراض سياسية أو لأسباب شخصية أو للسببين معا. ومن أشهر تلك السرقات: السرقة الشهيرة للوحة موناليزا من متحف اللوفر، والتي أعادت اللوحة إلى دائرة الضوء الدولية.
كان ذلك في صباح 22 أغسطس/آب 1911، عندما دخل فنانان إلى المتحف لحضور جلسة نقاشية حول أعمال الفنانين القدامى، ولاحظا أن اللوحة مفقودة. بدت السرقة غير منطقية، لأنه لا أحد يمكنه بيع الموناليزا، اللوحة الأشهر في تاريخ الفن.
الموناليزا عند استعادتها في متحف اللوفر (مواقع التواصل)
اشتُبِه بالشاعر الفرنسي الطليعي غيوم أبولينير، وألقي القبض عليه، فأشار إلى أن صديقه بيكاسو ربما كانت له علاقة بالجريمة. وفي النهاية أطلق سراحهما لعدم وجود ما يدينهما.
بعد ذلك بعامين، قبض على اللص الحقيقي أثناء محاولته بيع اللوحة لصاحب معرض فني في فلورنسا بإيطاليا، واتضح أنه الإيطالي فينتشنزو بيروجيا، العامل السابق في متحف اللوفر. زعم بيروجيا أنه كان يريد إعادة اللوحة إلى موطنها الأصلي في إيطاليا، وتوقع مكافأة على وطنيته لإعادة اللوحة إلى الوطن.
اعترف بيروجيا أنه قرأ قائمة اللوحات الإيطالية التي جلبها نابليون بونابرت إلى فرنسا، وقرر إعادة واحدة منها إلى إيطاليا، واختار الموناليزا نظرا لصغر حجمها. لكن الواقع أن اللوحة وصلت إلى فرنسا قبل نابليون بفترة طويلة، منذ أن أحضرها ليوناردو دافنشي بنفسه إلى فرنسا عام 1517 هدية إلى بلاط الملك فرانسيس الأول.
السرقة من أجل الفن
وفي عام 2003، استولى لصوص على أعمال لغوغان وفان غوخ وبيكاسو من معرض ويتوورث للفنون في مانشستر بإنجلترا. وبعد وقت قصير، اكتُشفت اللوحات في حمام لا يبعد كثيرا عن موقع المتحف، مع ملاحظة مكتوبة بخط اليد تقول "لم تكن نيتنا السرقة، بل تسليط الضوء على ثغرات الأمن في المتحف".
وبالرغم من شكوك الشرطة في نوايا اللصوص وفي صدق رسالتهم، فإن المتحف اتخذ بالفعل خطوات لتحسين شبكة الأمن وأجهزة الإنذار الخاصة به.