التقديرات تشير إلى أن مليوني سائح يذهبون سنويا إلى متحف اللوفر في باريس لمشاهدة الموناليزا (مواقع التواصل)
تستقطب لوحة الموناليزا في متحف اللوفر بالعاصمة الفرنسية باريس عددا هائلا من الزوار والسياح من شتى أنحاء العالم، مما يجعل قيمتها المادية لا تقدر بثمن، إضافة إلى قيمتها المعنوية والرمزية.
ومع الصعوبات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه قطاع الثقافة في فرنسا في ظل تفشي جائحة كورونا، أطلق المستشار الرقمي الفرنسي ستيفان ديستنغان مقترحا غير مسبوق لبيع اللوحة، وقال في حواره مع صحيفة كوريري ديلا سيرا الإيطالية "إنها الحل الوحيد لإنقاذ نظام منكسر".
ويقول ديستنغان -وهو رائد أعمال وناشط فرنسي معروف باهتمامه بالصناعات الرقمية والثقافية والإبداعية- إن الموناليزا أشبه بتراث يكبل الإبداع الجديد، وإنها تحجب مئات الروائع الفنية الأخرى مثل لوحة "الزواج في قانا الجليل" لفنان عصر النهضة الإيطالي باولو فيرونيزي المعلقة في مكان قريب ولا يلاحظها أحد.
وتثير اللوحة بين الفينة والأخرى سجالات بين الفرنسيين والإيطاليين الذي يصرخون بشكل تلقائي مع كل توتر دبلوماسي "أعيدوا لنا الموناليزا!".
ويعتبر ديستنغان (مواليد 1973) أن وجود تلك اللوحة في متحف اللوفر بمثابة افتخار قديم يجب أن ينتهي في وقت تحتاج فرنسا للكمامات والسدادات القطينة لإجراء فحوصات طبية، ولهذه الأسباب وغيرها يقول المستشار الرقمي ستيفان إنه حان الوقت لبيع تلك اللوحة.
ويقول ديستنغان "دعونا نبيعها بما لا يقل عن 50 مليار يورو لأمير عربي، أو لنجعلها ضمانا لعملة افتراضية جديدة، أو لنرسلها في جولة في إقليم بوليا بإيطاليا لإحياء السياحة".
وأطلق ديستنغان مؤسس شركة فابرنوفيل المتخصصة في استشارات الابتكار الرقمي دعوته التي أثارت ردود فعل واسعة في فرنسا، وقال في حواره مع المجلة الفرنسية "أعتقد أنها يمكن أن تكون صفقة جيدة من وجهة نظر اقتصادية وثقافية، في الظروف غير العادية لا بد من ردود غير مسبوقة".
وتابع أن "الوباء والحجر الصحي يجيزان جرأة جديدة، قطاع الثقافة تحطم، ومن المرجح أن ينهار الاستثناء الثقافي الفرنسي الشهير، والطرف الوحيد الذي يملك الوسائل للمقاومة وإصدار بعض بعض ردود الفعل هم العمالقة الأميركيون مثل نتفليكس التي كانت تعرض لعدة أيام أفلام المخرج الفرنسي تريفو".
وأضاف "نبيع جوهرة العائلة، بالتأكيد ليس لكسب المال ولكن لتمويل إحياء عالم من الثقافة الذي بات مهددا بالاندثار بسبب أزمة كورونا".
ستيفان ديستنغان رائد أعمال وناشط فرنسي معروف باهتمامه بالصناعات الرقمية والثقافية والإبداعية (مواقع التواصل)
الموناليزا لمن؟
وأشار ديستنغان إلى ردود الفعل المتنوعة على دعوته "ممن يحنون إلى النظام الملكي الذين يشعرون بالذعر، وإلى المحافظين الذين يهزون رؤوسهم ويؤكدون أن التراث هو هوية الشعب، وإلى التقدميين الذين يفهمون رغبتي في التطلع إلى المستقبل".
وأضاف أن له أصدقاء إيطاليين يكررون القول إن "الموناليزا ملكنا" على الرغم من أنه على عكس الكنوز الأخرى في المتاحف الفرنسية أو الإنجليزية فإن الموناليزا ليست غنيمة حرب ولا نتيجة سرقة، كما هو معروف فقد اشتراها الملك الفرنسي فرانسوا الأول.
وسألت المجلة ديستنغان عما إذا كانت دعوته تشبه بيع لوحة "مخلص العالم" لليوناردو دا فينشي لملياردير سعودي (في إشارة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان) فأجاب "لن أقول إن هناك معايير محددة للمغامرة بالسعر، دعنا نطلب ما لا يقل عن خمسين مليار، أو مئة مرة سعر لوحة "مخلص العالم".
وتشير التقديرات إلى أن مليوني سائح يذهبون سنويا إلى متحف اللوفر لمشاهدة الموناليزا، ويرى ديستنغان أن الموناليزا تجلب مباشرة إلى متحف اللوفر وبشكل غير مباشر إلى الاقتصاد الفرنسي ما يقارب ثلاثة مليارات يورو سنويا، وقال رائد الأعمال والناشط الثقافي الفرنسي "يبدو لي الطرح الأولي في المزاد بسعر 50 مليار معقولا".
وبسؤاله عن المشتري المحتمل للموناليزا، قال ديستنغان "أعتقد أن المشترين سيكونون كثيرين، أنفق جيف بيزوس أقل قليلا على طلاقه الأخير، أو يمكننا التفكير في رعايته للوحة، كما يمكن استعمال الموناليزا كضمان لعملة رقمية جديدة، باختصار ستظهر الكثير من وجهات النظر بمجرد قبول مبدأ استغلال قيمة الموناليزا بطريقة مختلفة وأكثر حداثة".
واعترف ديستنغان بأنه لا يحب لوحة الموناليزا، ويجدها مزعجة بعض الشيء، وقال "لا أحب حتى العاطفة القومية التي أثارتها دائما، بدون الرغبة في تحليل نفسي سخيف لا بد من القول إن اللوحة تكتسي بعض قيمتها من موضوعها المتمثل في المرأة، هناك دائما مشكلة حول ملكية "الموناليزا"، دعونا نتخلص منها ونستخدم ثمنها للتفكير في مستقبل الثقافة والفن".