طبع الجدل حول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وفيروس كورونا الحديث على وسائل التواصل في عام 2020، وربما يشهد 2021 بعض الهزات الارتدادية، ولكن هذه المرة حول إدارة أكبر وسائل التواصل الاجتماعي.
فمع تعرض شركات الإنترنت الكبرى لمزيد من التدقيق التنظيمي في جميع أنحاء العالم، وخاصة فيسبوك (Facebook) وغوغل (Google)، ستكون هذه السنة صعبة خصوصا على مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لفيسبوك.
ويقول الصحفي روبيرت إكس. كرينغيلى أحد كتاب التكنولوجيا في الصحيفة الأسبوعية إنفو ورلد (infoworld) في مدونته، إنه على الرغم من أنه لا يتوقع أن يتخلى زوكربيرغ عن منصبه رئيسا تنفيذيا هذا العام، فإنه سيفعل ذلك في النهاية، وذلك ببساطة لأنه لم يعد مقنعا بقدر ما كان عليه من قبل، وستأتي لحظة (ربما في عام 2022) يترك حينها الإدارة العليا ليساعد فيسبوك على الاستمرار.
التحديات التي تواجهها الإدارة في فيسبوك صعبة وغير مسبوقة، فمثلا هناك أحاديث جارية الآن مفادها أن هناك روبوتا يعمل على تليغرام (Telegram) يبيع المعلومات الشخصية بمبلغ 20 دولارا أو أقل، بما في ذلك أرقام هواتف 500 مليون مستخدم فيسبوك فردي.
ماذا كان ردّ الشركة المنطقي على جدل من هذا القبيل؟ لا يوجد أحد في الإدارة العليا لديه الخبرة للتعامل مع هذه المواقف، خصوصا أنها مواقف جديدة لم تتعرض لها أغلب شركات التقنية.
وفي الواقع، لا أحد يعرف الكثير عن إدارة شركات كبيرة مثل فيسبوك، حيث تغزو الشبكة الاجتماعية حياتنا بشكل أكبر. فمعظم خبرات الإدارة تتولد من نسخ سلوكيات معينة من قدوات كانت قبلها في نفس الشركة أو شركات أخرى، ولكن لسوء حظ زوكربيرغ لا يوجد شخص واجه ما يواجهه اليوم، مما يعني عدم وجود نظام دعم نفسي خاص به.
لا توجد شركة إنترنت تجسد مؤسسها أكثر من فيسبوك، فهو يمتلك حرفيا جميع مفاصل الشركة، لذا فإن أي شيء يحدث -سواء كان جيدا أو سيئا- لا يمكن إلقاء اللوم فيه على أي شخص آخر غير زوكربيرغ.
ستيف جوبز (يسار) مؤسس آبل وبيل غيتس مؤسس مايكروسوفت، كانت لهما طرق خاصة في إدارة شركاتهم
ومع أنه كان لزوكربيرغ الكثير من القدوات في شركات عرفت بأسماء مؤسسيها خلال سنوات مثل ستيف جوبز وبيل غيتس ولاري بيغ، فإن أن كلا منهم صاغ طرقا مختلفة للإدارة من خلال الهيمنة.
فقد كان ستيف يدير كطاغية محبوب، بينما حاول بيل الهيمنة من الناحية الفنية من خلال ادعاء قدرته على تحديد البرمجية السيئة من بعد، أما لاري فكان دائما ما يختبئ وراء الخوارزمية ويلقي اللوم عليها في كل شيء، من خدمة العملاء غير الموجودة إلى عدم المساواة في دخل الموظفين.
الشخصية الفريدة الوحيدة المعتمدة على ذاتها في هذه المجموعة كان ستيف جوبز، وقد توفي ستيف، بينما أصبح الآخرون جميعا أثرياء للغاية، وتم استيعابهم بطريقة أخرى للالتزام بالعمل اليومي للشركة، وقبلوا بهذا الدور، ربما هم قد كبروا أخيرا أو أنهم تعلموا من الآخرين.
اعلان
فقد تعلم غيتس من جون شيرلي الذي عمل في إدارة شركة "آي بي إم" (IBM)، بينما اتبع بيغ المسار الذي أطلقه جيري يانغ ووجهه المخضرم إيريك شميدت خبير التكنولوجيا، بينما كان ستيف جوبز أيضا الاستثناء هنا فقد كان الوحيد الذي تعلم بنفسه ومن المصاعب التي واجهها أثناء تأسيسه آبل.
لكن لم يواجه أي من هؤلاء الرجال ما يواجهه زوكربيرغ اليوم، حيث تلقى جميع الطلقات وقام بجميع المكالمات الصعبة بنفسه، وهو من المؤكد أمر مرهق للغاية.
نعم، شيريل ساندبرغ هي أيضا مديرة العمليات في فيسبوك، وصحيح أنها على دراية كبيرة بإدارة الأمور، لكن زوكربيرغ يظل هو الرئيس.
ويقول الكاتب إنه لا يدعو لزوال فيسبوك الذي لا يزال يتمتع بقبضة جيدة على جمهوره من خلال كونه أكثر من مجرد موقع تواصل، لكن سوق وسائل التواصل الاجتماعي يمر بمرحلة انتقالية كبيرة، وأكبر شاهد على ذلك -كما يقول الكاتب- هو عدم وجود حسابات لأطفاله على فيسبوك، فهم يتجهون لمنصات أخرى، فحتى فيسبوك له مدة صلاحية.
وهكذا فإن فيسبوك -وفق الكاتب- سيخرج من عام 2021 مطعونا وخاضعا للضرائب والتنظيم، وربما حتى ممزقا. وقد تكون غوغل كذلك، لكن فيسبوك بصراحة أقل أهمية وأكثر عرضة للخطر.
ستكون الطريقة التي يستجيب بها زوكربيرغ هي التي تحدد مصير الشركة، وتحدد كونه إداريا متميزا مثل ستيف جوبز.