الثقوب السوداء هائلة الحجم يقدر حجمها بين 100 مليار و1 كوينتيليون (أي 18 صفرا) كتلة شمسية (غيتي إيميجز)
يصنف علماء الفلك الثقوب السوداء الكبيرة إلى ثقوب سوداء هائلة الكتلة (supermassive) وثقوب سوداء فائقة الكتلة (ultramassive). ولكن هل من الممكن أن توجد فئة حجم جديدة تتفوق على كتلة الثقوب السوداء الفائقة التي تصل إلى ملايين ومليارات الكتل الشمسية؟
ووفقا لآخر البحوث التي قام بها علماء الفلك، فإن الإجابة نعم. ففي ورقتهم البحثية الجديدة التي تنشر في عدد فبراير/شباط المقبل من دورية "ذا رويال أسترونوميكال سوسيتي" (the Royal Astronomical Society) توصل الباحثون إلى وجود فئة حجم جديد للثقوب السوداء.
أُطلق على هذه الفئة اسم "سلابس" (SLABs) وهو اختصار يرمز إلى (Stupendously LArge Black holeS) أي "الثقوب السوداء هائلة الحجم" أو الثقوب السوداء كبيرة الحجم بشكل هائل. وقد تم تقدير كتلة هذه الثقوب السوداء الافتراضية بأنها تزيد على 100 مليار مرة كتلة الشمس.
الثقوب الكبيرة وأحجامها
وفقا لعالم الفلك برنارد كار الباحث بالدراسة من جامعة كوين ماري بلندن (Queen Mary University of London)، والتي أصدرت بيانا صحفيا حول الدراسة، فإننا نعلم بالفعل بوجود الثقوب السوداء ذات الكتلة الهائلة، مثل الثقب الأسود بحجم 4 ملايين كتلة شمسية، والذي يقبع في مركز مجرتنا درب التبانة.
يقول كار إنه رغم عدم توفر دليل حاليا على وجود "الثقوب السوداء هائلة الحجم" (SLABs) فمن الممكن تصور وجودها وقد تكون موجودة أيضا خارج المجرات، في الفضاء بين المجرات. فهناك ثقوب سوداء ذات كتلة نجمية. وهي تلك الثقوب السوداء التي تدور حول كتلة نجم، وتصل إلى حوالي 100 كتلة شمسية.
الفئة التالية هي تلك الثقوب السوداء ذات الكتلة المتوسطة، والتي يختلف حجمها وفقا للعلماء، يقول البعض إنها تقدر بألف كتلة شمسية، والبعض يقول 100 ألف كتلة شمسية، وآخرون يقولون: مليون. ولكن مهما كان الحد الأقصى، يبدو أنها نادرة جدا. أما الثقوب السوداء الهائلة (SMBHs Supermassive black holes) فهي أكبر بكثير، في حدود ملايين إلى مليارات من الكتل الشمسية.
ويشمل هذا النوع الثقب الأسود هائل الكتلة في قلب مجرة درب التبانة (Sagittarius A*) والذي يصل إلى 4 ملايين كتلة شمسية، أما الثقب الأسود الأكثر روعة والذي يصل حجمه إلى 6.5 مليارات كتلة شمسية، فهو موجود في مركز مجرة إهليلجية عملاقة تسمى "M87".
أما أقسى الثقوب السوداء التي اكتشفها البشر، وهي ضخمة للغاية، فهي الثقوب السوداء الفائقة (ultramassive) كتلة تزيد على 10 مليارات كتلة الشمس، لكنها أقل من 100 مليار كتلة شمسية. ويتضمن هذا النوع من الثقوب السوداء الثقب الأسود الذي سجل 40 مليار كتلة شمسية، ويقع في مركز مجرة تدعى "Holmberg 15A".
الثقب الأسود الأكثر روعة يصل حجمه إلى 6.5 مليارات كتلة شمسية ويوجد في مركز مجرة M87
كيف تتشكل SLABs؟
يقول كار إن من المدهش أن فكرة الثقوب السوداء هائلة الحجم "SLABs" تم إهمالها إلى حد كبير حتى الآن "لقد اقترحنا خيارات لكيفية تشكل SLABs" هذه، و"نأمل أن يبدأ عملنا في تحفيز المناقشات بين المجتمع العلمي".
المشكلة أن العلماء لا يعرفون تماما كيف تتشكل الثقوب السوداء الكبيرة وتنمو. أحد الاحتمالات أنها تتشكل في مجرتهم المضيفة، ثم تنمو بشكل أكبر وأكبر عن طريق التهام عدد كبير من النجوم والغاز والغبار، وتصطدم بالثقوب السوداء الأخرى عندما تندمج المجرات.
ويحتوي هذا النموذج على حد أعلى يبلغ حوالي 50 مليار كتلة شمسية، ولكن هناك مشكلة كبيرة، فقد تم العثور على ثقوب سوداء فائقة الكتلة في بدايات الكون عند كتل أكبر من أن تنمو بهذه العملية البطيئة نسبيا في الوقت منذ الانفجار العظيم. الاحتمال الآخر هو ما يسمى الثقوب السوداء البدائية (primordial black holes) والذي تم اقتراحه لأول مرة عام 1966.
وتذهب النظرية إلى أن الكثافة المتغيرة للكون المبكر كان من الممكن أن تكون قد أنتجت جيوبا كثيفة للغاية، مما أدى إلى انهيارها بالثقوب السوداء. وهذه لن تخضع لقيود حجم الثقوب السوداء من النجوم المنهارة، ويمكن أن تكون صغيرة جدا أو كبيرة جدا.
بناء على نموذج الثقب الأسود البدائي، قام فريق البحث بالدراسة، بحساب مدى ضخامة هذه الثقوب السوداء، والذي قدر بين 100 مليار و1 كوينتيليون (أي 18 صفرا) كتلة شمسية. يقول كار: لم نتمكن من مقاومة حساب حجم ثقب أسود بحجم 1 كوينتيليون كتلة شمسية، والذي سينتهي أفق الحدث الخاص به بأكثر من 620 ألف سنة ضوئية. وهو شيء مذهل.
كيف يمكن الكشف عنها؟
يقول الباحثون إن الغرض من ورقتهم البحثية هو النظر في تأثير مثل هذه الثقوب السوداء على الفضاء المحيط بها. قد لا نكون قادرين على رؤية "SLABs" بشكل مباشر، لأن الضوء لا يستطيع الهروب من جاذبيتها، ولكن لا يزال من الممكن اكتشاف الأجسام الضخمة غير المرئية بناء على الطريقة التي يتصرف بها الفضاء من حولهم.
ويمكن ملاحظة عامل الجاذبية، على سبيل المثال، والذي يعمل على انحناء الزمكان (الزمان المكاني) مما يتسبب في انتقال الضوء في مسار منحني خلال تلك المناطق، وهو ما يطلق عليه العلماء عدسة الجاذبية، ويمكن استخدام هذا التأثير للكشف عن "SLABs" في الفضاء بين المجرات.