بينما يعيش بقية العالم في صراع مستميت مع جائحة فيروس كورونا، تمكنت القارة المتجمدة من البقاء خالية كلياً من العدوى، وهي الوحيدة وسط قارات العالم. وفي الوقت الحالي، تعتبر القارة القطبية الجنوبية، أو أنتارتيكا، وهي أبرد مكان على وجه الأرض، بمثابة "أكثر الأماكن أماناً في العالم"، مع تسجيل صفر حالات إصابة بفيروس كورونا.
تقول كيري نيلسون ، المقيمة في محطة بالمر في جزيرة أنفيرس، إنها ممتنة لكونها بعيدة عن الفيروس، ولكنها تشعر بالذنب لابتعادها عن أصدقائها وعائلتها خلال هذه الفترة الحرجة Credit: Keri Nelson
وكاد فيروس "كوفيد-19" أن يلحق بالقارة المتجمدة عندما ضربت الجائحة السفن السياحية لهذا الموسم، ومع ذلك لم يتمكن الفيروس من الوصول إلى شواطئها المتجمدة.
ورغم من عدم وجود سكان أصليين هنا، يقيم في أنتارتيكا حالياً حوالي 5 آلاف شخص، ومعظمهم من العلماء والباحثين في 80 قاعدة ومركز أبحاث.
وتعد المنسقة الإدارية في محطة بالمر، وهي محطة أبحاث أمريكية في جزيرة أنفير، كيري نيلسون من بينهم، وقالت نيلسون إنها لا تظن أن هناك من لا يشعر بالإمتنان لوجوده هنا في مأمن.
أصبحت رحلات مشاهدة البطاريق نشاطاً رائجاً للزوار، إلى جانب رحلات لزيارة محطات الأبحاث
وأشارت نيلسون إلى أن الجميع يقدر للغاية العيش في مكان يغيب عنه المرض وجميع التداعيات المترتبة عليه.
وبينما تنفصل نيلسون عن الجائحة جغرافياً، والتي أعلنها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس بـ"الأزمة الأكثر تحدياً" في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، فإن نيلسون وفريقها يواكبان التطورات باستمرار.
وتضيف نيلسون، التي عملت في القارة خلال مواسم الشتاء والصيف منذ عام 2007، أنها قرأت بما يكفي عن "ديناميكيات هذا الوضع".
يقول روبرت تايلور، الذي يعمل كمرشد ميداني في محطة أبحاث روثيرا إن الأمر يشبه التواجد على سطح القمر والنظر إلى أسفل. إذ يمكننا أن نرى ما يحدث، ولكنه بعيد للغاية عنا
ويتمركز روبرت تايلور في محطة "Rothera" للأبحاث، وهي قاعدة بريطانية لمسح أنتاركتيكا في جزيرة أديليد قبالة الساحل الغربي لشبه الجزيرة القطبية الجنوبية.
ويعمل تايلور كدليل ميداني، حيث يقدم المساعدة لزملاء له من العلماء الذين يقومون بالبحث.
وبينما كان يتابع تايلور الأزمة عن كثب منذ البداية، فإن بعده عن الأحداث يعني أنه لم يدرك جدية الوضع لفترة من الوقت.
كان من المتوقع وصول حوالي 78 ألف و500 سائح إلى القارة القطبية الجنوبية هذا الموسم، ولكن تم وضع قيود في وقت مبكر بسبب أزمة فيروس كورونا
وازدهرت السياحة في أنتاركتيكا خلال السنوات الأخيرة، حيث أصبحت الرحلات البحرية في القطب الشمالي أكثر شيوعأً.
وبحسب بيانات الرابطة الدولية لمنظمي الرحلات السياحية في أنتاركتيكا، زار ما يقارب 56 ألف و168 مسافر القارة المتجمدة خلال موسم 2018 إلى 2019 ، مما يمثل زيادة بنسبة 40 % عن العام السابق.
وكان من المتوقع وصول حوالي 78 ألأف و500 مسافر خلال موسم 2019 أي بين نوفمبر / تشرين الثاني إلى أواخر مارس/أيار.
ومع ذلك، بدأت المحطات في وضع قيود على الزيارات السياحية في وقت مبكر من العام، إذ بدأ الفيروس في الانتشار في جميع أنحاء العالم، وتم إغلاق المنطقة في وقت لاحق وإلغاء جميع الزيارات السياحية.
وتقول نيلسون إن المحطة رحبت بآلاف الأشخاص العام الماضي ولكن الأرقام انخفضت هذا الموسم بسبب الأزمة.
وتشرح نيلسون قائلة إن عدة سفن تتوقف بجولات في المحطة، ونحن أيضًا نسافر إلى سفن أكبر لإلقاء محاضرات والقيام ببعض التوعية التعليمية".
استقبلت محطة بالمر آلاف الأشخاص في الموسم الماضي، ولكن تقول نيلسون إن الأرقام انخفضت هذا العام بسبب جائحة كورونا
وفي أواخر كانون الثاني /يناير ، وبعد الأحداث التي شهدتها عدة دول حول العالم، توقفت المحطة عن استضافة الزيارات والسفر إلى السفن الكبيرة ، لذلك كان هناك عدد أقل من الزوار إلى" محطة بالمر" هذا الصيف."
ومن الصعب تحديد التأثير الذي يمكن أن يحدثه غياب الزوار، على قطاع السياحة في أنتاركتيكا على المدى الطويل.
ويبقى عدد الزوار الذين يصلون إلى هنا منخفض نسبياً من أجل حماية البيئة البكر للقارة البيضاء.
ولا يسمح للرابطة الدولية لمنظمي الرحلات السياحية في أنتاركتيكا بأن يتواجد أكثر من 500 راكب على متن السفينة، وينسق الجميع مع بعضهم البعض لضمان وجود سفينة واحدة فقط في أي وقت.