تقرير الحرة :
"دفء حقيقي واتصال بين الشعبين"..
الدبلوماسية الرقمية الإسرائيلية تغازل العراقيين بلهجتهم .
تعتمد الصفحة التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية على فيسبوك "إسرائيل باللهجة العراقية" على تاريخ العراق اليهودي الثري، بينما تتساءل صحيفة "هاآرتس" عما إذا يمكن أن يساعد ذلك في تأمين أكثر اتفاق "غير محتمل" للتطبيع؟
وفي الوقت الذي تواجه فيه الحكومة الإسرائيلية انتقادات لفشلها في تضمين اللغة العربية على اللافتات والمواقع الرسمية، فإنها تستخدمها، على نحو متزايد، على وسائل التواصل الاجتماعي.
في 2011، أطلقت وزارة الخارجية صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية". وجمعت منذ ذلك الحين 422 ألف متابع على تويتر و2.8 مليون متابع على فيسبوك، حسبما تقول هاآرتس.
وفي 2013 أطلقت صفحة "إسرائيل في الخليج"، والتي ركزت إلى حد كبير على المصالح المشتركة في المجالات الجيوسياسية والاقتصادية بين إسرائيل ودول الخليج مثل الإمارات والبحرين.
لكن الصفحة الجديدة التي أطلقتها الوزارة عام 2018، "إسرائيل باللهجة العراقية"، اتخذ نبرة مختلفة تماما.
وقالت ليندا مينوهين، مديرة الصفحة ومستشارة الإعلام الرقمي العربي في الوزارة، والمولودة في بغداد عام 1950، لصحيفة "هاآرتس" إنها أطلقت هذه المبادرة بعد ردود فعل إيجابية من العراقيين على صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية".
وتقول إن العراقيين كانوا ثاني أكبر مجموعة تستخدم الصفحة، ولم يكونوا يرددون التعليقات المتشككة والمسيئة كتلك التي يستخدمها مواطنو الدول العربية الأخرى.
كما أشارت مينوهين إلى استطلاع أجرته الصفحة، بعد وقت قصير من إطلاقها، جاء فيه أن 43 في المائة من العراقيين يريدون الاعتراف بإسرائيل. وهي تعتقد أن هذا الرقم سيكون أعلى من ذلك اليوم.
ورغم استمرار العداء تجاه إسرائيل في صفحة "إسرائيل باللهجة العراقية"، تؤيد شبكة البارومتر العربي للبحوث، التي أجرت بعضا من أكبر استطلاعات الرأي العام في الشرق الأوسط، كلام مينوهين.
وخلص استطلاع للشبكة في 2019 إلى أنه بينما كان 79 في المائة من اللبنانيين ينظرون إلى إسرائيل باعتبارها أكبر عدو لهم، كان 21 في المائة فقط من العراقيين يشاركونهم هذا الشعور، وهي واحدة من أدنى النسب في جميع الدول العربية.
وترجع صحيفة هاآرتس سبب ذلك إلى "التاريخ اليهودي الغني للعراق وما يمثله ذلك لشعب العراق".
وترى مينوهين أن الحنين إلى الجالية اليهودية يعكس رغبة العراقيين لاستقرار وازدهار العصر الذهبي لبلدهم في النصف الأول من القرن العشرين، على عكس الواقع الحديث لبلد يعاني من مشاكل جمة، وعقود من الحكم الوحشي لصدام حسين والتدخل الأميركي، والحرب الأهلية، ثم داعش.
وتقول هاآرتس: "على الرغم من مرور عقود على مغادرة الجالية اليهودية للعراق عقب تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، لا تزال الذكريات اليهودية لبغداد حية".
وفي محاولة لجذب العراقيين، تعرض الصفحة على فيسبوك، تاريخ اليهود في بغداد أوائل القرن العشرين، وتقاليد مجتمعاتهم، والأحياء التي سكنوها.
وتضيف الصحيفة أنه رغم تطبيع العلاقات مع السودان والمغرب والإمارات والبحرين، فإن شعوب هذه الدول تبادل الإسرائيليين "قليلا من الحب" باستثناء الإمارات.
وقالت مينوهين لصحيفة "هآرتس": "الوضع مختلف بالنسبة للعراقيين، فالسلام الذي نحاول تحقيقه هو من القاعدة إلى القمة: هناك دفء حقيقي واتصال بين الشعبين"، وقد سرعت حملات وسائل التواصل الاجتماعي الإسرائيلية هذا الدفء، كما تقول.
وأدى ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وسقوط نظام صدام حسين عام 2003، إلى فتح قنوات اتصال جديدة بين الشعوب التي لا تزال دولها من الناحية الفنية في حالة حرب، مثل تلك بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
وأضافت الصحيفة "في ظل غياب العلاقات الدبلوماسية، سعى البعض إلى إعادة الاتصال بأصدقائهم وجيرانهم القدامى".
وكمثال على هذا التواصل، أشارت هاآرتس إلى مجموعة "الحفاظ على اللغة العراقية" على فيسبوك التي تضم 72 ألف شخص، وتركز على الهوية العراقية بين الإسرائيليين، وكذلك جمعية الصداقة العراقية اليهودية التي تضم 12 ألف عضوا يتحدثون باللغة العربية، إلى جانب مجموعات واتساب أخرى.
وتقول مينوهين إن هذا التحول "لم يكن ليتحقق بدون التكنولوجيا".
وقال رونين زيدل، المتخصص في شؤون العراق في مركز موشيه دايان لدراسات الشرق الأوسط وأفريقيا، لصحيفة هآرتس: "يضيفني العراقيون على فيسبوك كل يوم تقريبا، وننخرط في المحادثات. لقد اكتسبت بعض الأصدقاء الجيدين عبر ذلك".
وأشارت هاآرتس إلى أن إسرائيل سعت إلى الاستفادة من هذه الفرصة التكنولوجية، حتى أصبح ما يقرب من نصف مليون شخص يتابع صفحة "إسرائيل باللهجة العراقية" على فيسبوك، مضيفة أن معظم الفضل في ذلك يعود لمينوهين.
م