من أهل الدار
تاريخ التسجيل: November-2020
الدولة: بغداد
الجنس: ذكر
المشاركات: 36,693 المواضيع: 10,647
مزاجي: متفائل دائماً
المهنة: موظف حكومي
أكلتي المفضلة: البرياني
موبايلي: غالاكسي
آخر نشاط: منذ ساعة واحدة
ملتقى أول للقصة القصيرة جدا بصنعاء.. 100 مثقف يمني يناقشون فن القص المختصر
القاصة ابتسام القاسمي أثناء قراءة نصوصها في فعاليات الملتقى الأول للقصة القصيرة جدا بصنعاء (مواقع التواصل الاجتماعي)
في ظل غياب كامل لنشاط المؤسسات الثقافية الرسمية المنشغلة بأدبيات الحرب نجحت مبادرة للرابطة اليمنية للقصة القصيرة جدا في اليمن في إقامة "الملتقى الأول للقصة القصيرة جدا في اليمن" تحت شعار "ملامح التشكل وواقع التلقي"، وذلك في رواق بيت الثقافة بالعاصمة اليمنية صنعاء.
وتمزج "القصة القصيرة جدا" بين الاقتصاد اللغوي والتكثيف الدلالي والقوة الإيحائية والتوتر الدرامي والحبكة، وتنتعش -إضافة إلى اليمن- في المغرب وبلاد الشام، وتمتاز بحجمها القصير واقتضابها، ورغم أنها تبدو جنسا أبديا واعدا في زمن السرعة والعجلة فإن النقاد يشتكون من واقع الاستسهال في كتابتها.
وعلى مدار يومي 20 و21 يناير/كانون الثاني الجاري التأم الملتقى بجهود طوعية وبمشاركة ما يزيد على 100 من الكتاب والنقاد والمهتمين بفن السرد اليمني.
ووفقا للقاص والكاتب خلدون الدالي رئيس رابطة القصة القصيرة جدا رئيس الملتقى، فإن الملتقى يؤكد على أهمية الأدب والفن في تغيير الوعي وتوطين قيم السلام والجمال والتمكين للكلمة المبدعة.
وفي حديثه للجزيرة نت يلفت الدالي إلى أن الملتقى "يلقي الضوء على جنس أدبي مهم هو القصة القصيرة جدا، أو ما باتت تعرف بالـ"ق ق ج" وأهميتها كتعبير جمالي ودلالي"، موضحا أنه بعيدا عن صراع الأشكال الكتابية يأمل كتاب هذا الصنف الأدبي المغمور أن ينظر إليه كجنس أدبي له مبدعوه وله خصائصه الفنية والجمالية.
نصوص الغائبين
لم يتمكن قرابة ثلثي كتاب القصة القصيرة جدا المدعوين من حضور الملتقى بسبب ظروف الحرب وانقطاع المرتبات وتصحر المشهد الثقافي نتيجة لذلك، مما دفع القائمين على الملتقى لاستحداث فقرة في برنامج القراءات باسم "ق ق ج الغائبين"، حيث قرئت بالنيابة مشاركة نحو 40 كاتبا وكاتبة ممن هم خارج مدينة صنعاء، فيما ألقى نحو 20 كاتبا وكاتبة مشاركاتهم على هامش الملتقى.
وتقول القاصة انتصار السري للجزيرة نت إن هذا الصنف الأدبي ليس تطورا أو اختصارا للقصة القصيرة، بل فن سردي مستقل "ومن هنا فإن الملتقى جاء ليعرف بالـ"ق ق ج" وهو الأول من نوعه" حسب قولها.
"تابوت"
"في صالة المغادرة جلست أترقب تأشيرة سفري إلى خارج الوطن، صوت هرج وبكاء يكتسح المكان، بفضول استرقت النظر نحو وجه الجثة القادمة بجوف تابوت، تفرست ملامحها، كانت جثتي..".
هذه واحدة من نماذج القصة القصيرة جدا، وهي للكاتبة انتصار السري التي صدرت لها عدة مجاميع قصصية، وهي حائزة على جائزة رئيس الجمهورية للشباب قبل سنوات.
وتوصف انتصار بأنها كاتبة مقروءة في المشهد القصصي اليمني بوصفها كاتبة قصة قصيرة، وفي الوقت نفسه تكتب "القصيرة جدا".من رسائل الكتّاب العرب إلى:#الملتقى_الأول_للقصة_ال صيرة_جدا_اليمنصنعاء يناير2021—————د. مريم بغيبغ- الجزائزأ. جمعة الفاخري- ليبياأ. الأديب عبد المجيد بطالي- المغربأ. زكية الحداد- المغرب
"من القاتل"؟
وتعتبر القاصة السري أن القصة القصيرة جدا كمصطلح حاضرة منذ سبعينيات القرن الـ20، وأول من كتبها في اليمن الأديب والإعلامي محمد المساح عام 1972.
واستمر أدباء اليمن في كتابة الـ"ق ق ج" في الثمانينيات والتسعينيات وما بعد عام 2000، ثم تجلت خصائصها بوضوح بعد عام 2010 عندما نشرت مجاميع تحوي قصصا قصيرة وقصصا قصيرة جدا، وبعد 2015 يمكن القول إن القصة اليمنية القصيرة جدا وصلت إلى نطاق عربي، والآن أصبحت تنافس عربيا.
"شارد الذهن"
"كان يرنو إلى الملعقة وهي تعلو ممسكا بها بأصابعه، وبلهفة الوصول سقطت الملعقة إلى الأرض.. عجز الجوع داخله عن النطق، وعاوده الانتباه، وقد استقرت يده في الفراغ معلقة، كان شارد الذهن"، نص قصصي قصير جدا للكاتب الكبير محمد المساح صاحب أهم الأعمدة الصحفية في اليمن، مثل "لحظة يا زمن"، وهي الزاوية التي شغف بها القراء على الصفحة الأخيرة في صحيفة الثورة الرسمية الصادرة من صنعاء.
وهنا يزاوج المساح بين السرد والنثر والغيم والدهشة والالتقاطة العابرة، مقدما أنموذجا لكتابة لا يمكن تصنيفها في المجمل، غير أن سمتها الأقرب هي "ق ق ج" كما يذهب المهتمون بهذا الفن القصصي الخاطف جدا.
"تناهيد" ألف ميل
"أحتاج لألف ألف ميل، لأتنهد حسرتي على فراقك ملء المدى، ولا أحتاج سوى مترين في العمق كي أعلن حبي وأجهر بخطيئة قول الحق، لذا أسافر في المستحيل كيلا أموت متخما بالبلاد".
من يقرأ هذا النص للكاتب زين السقاف للوهلة الأولى سيضعه في خانة الكتابة النثرية، غير أن الناقد اليمني علي أحمد عبده قاسم يرى أنه أنموذج للقصة القصيرة جدا التي تكتب في اليمن.من فعاليات الملتقى الأول للقصة القصيرة جدا في اليمن اليوم الثاني
ارتباك البدايات
من جهته، قال الناقد علي أحمد عبده قاسم للجزيرة نت إنه لا يمكن أبدا تحديد تأريخ بعينه للقصة القصيرة أو الريادة، لكنه يحيل إلى كتابه الصادر في العام 2020 "القصة القصيرة جدا في اليمن.. ارتباك البدايات وملامح النضج" الذي قال إنه تقصى فيه الكتابات القصيرة جدا في ثنايا مجموعات وكتب صادرة.
وتابع قاسم "كان أول شكل لـ"ق ق ج" وليس بكامل خصائصه في سنة 1957 للكاتب صالح الدحان حينما ضمن مجموعته "أنت شيوعي" شكلا للقصة القصيرة بنص عنوانه "شيء اسمه النفاق"، ولا يعد ذلك نصا بل أشبه بحكمة.
ويضيف الناقد قاسم أنه بعد صالح الدحان يأتي الكاتب حسن اللوزي، ففي مجموعته الصادرة عام 1977 بعنوان "المرأة التي ركضت وراء الشمس" كتب أقصوصة وليس "ق ق ج"، فهناك فوارق بين الـ"ق ق ج" والأقصوصة، ويأتي بعد ذلك الشاعر والقاص زين السقاف الذي كتب نصا بعنوان" أقصودة" في فترة التسعينيات وضمنها كتابه "عمر من ورق"، وتلك النصوص هي خلط بين الومضة الشعرية والقصة القصيرة جدا، وهي أقرب للومضة الشعرية.
وخزات
"القصة القصيرة جدا عبارة عن وخزات سريعة لاذعة تخترق المألوف وتتجرأ عليه محاولة إعادة صياغة الحياة بنورانية وقيمية إنسانية بعيدا عن الإسهاب والوصف والتطويل"، هكذا يعرفها الناقد قاسم، مبينا أنه "دائما في حالة الضعف السياسي يكون الأدب في أقوى مستوياته، وليست تلك القوة نتاج يوم أو عام، بل إنها تراكمات سنين من التلاقح الأدبي العربي اليمني ونتيحة لجهود مبدعين حاولوا أن ينافسوا بقوة".
خوارزمية التكثيف
من جهته، يقول الأديب محمد الشميري -وهو أحد مؤسسي الملتقى- في حديث للجزيرة نت إن الملتقى جمع ما تفرق، و"لملم بعضا مما بعثرته الحرب ورياح النزوح: بدأ فكرة في الفضاء الإلكتروني، ثم نقاشا عبر محادثات الماسنجر، وفي ما يشبه التسارع المجنون في عالم اليوم قررنا -بمجهودات ذاتية- أن نقيمه في بيت الثقافة".
ويعزو الشميري الحاجة إلى ملتقيات تعرف بالـ" ق ق ج" ومحاولة وضع قدمها برفقة أجناس أخرى إلى ارتباط الناس -والأدباء خصوصا- بالفضاء الإلكتروني ووسائط الاتصال كمساحة للتعبير، مما "جعلهم يكيفون كتاباتهم وفق خوارزمية التكثيف، وهذا في رأيي أحد أهم أسباب الإقبال على كتابة الأدب الوجيز، ومنه القصة القصيرة جدا".
وغير بعيد، لا يستبعد الشميري "أسبابا أخرى، نفسية واقتصادية وطبيعة التواصل بين الناس التي تميل نحو الاختزال".
"قفلة احترافية"
من ناحيته، يقول القاص اليمني حامد الجماعي إن نجاح تنظيم أول ملتقى للقصة القصيرة جدا بجهود طوعية جعله يتطلع بفخر إلى مستقبل أكثر إشراقا لهذا الجنس الأدبي الوجيز.
وأشار إلى أن الاتجاه إلى كتابة القصة القصيرة جدا يبقى لغزا عصيا على التفسير، فهي كتابة "تشييد المبالغة واختزال الحدث وتنسيق قفلة احترافية" على حد قوله.
أما القاصة ايمان أحمد المزيجي -وهي إحدى المشاركات في الملتقى- فتقول للجزيرة نت "إنها توجهت لكتابة الـ"ق ق ج"، لأنها وجدتها تختزل قصة طويلة وحدثا قيما ونهاية مدهشة في سطور قليلة "تحتاج لمعرفة تامة بشروط هذا النوع الأدبي، وتستمد جمالياتها من ذكاء كاتب ونظرة ثاقبة من القارئ الذي هو شريك في العملية الإبداعية".
وأضافت المزيجي أن "الملتقى أثبت أن الإرهابيين مفخخون بالقنابل، ونحن مفخخون بالـ"ق ق ج"، هم يصنعون الحرب، ونحن نصنع بالحرف سلاما"، بحسب تعبيرها.
وختمت "ككاتبة كان هذا أفضل حدث تناول أعمالنا الأدبية في هذا المجال".
وافتتحت القاصة انتصار السري الملتقى بقراءة قصص قصيرة جدا للكاتب الكبير محمد المساح (من جيل السبعينيات) وأول من كتب قصة قصيرة جدا في اليمن عام 1972 وكان عنوانها "من القاتل"، وتم توثيقها في كتاب "لحظة.. يا زمن محمد المساح" الصادر مؤخرا والذي أعدته السري بمشاركة باحث يمني من جامعة الحديدة.
وتضمن برامج القراءات شهادة عن الكاتب الراحل محمد سعيد سيف الذي عرف أدبيا باسم "عصفور"، والذي غيبه الموت أواخر العام الماضي، وتضمنت الشهادة حديثا عن تجربته الإبداعية من نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات بعنوان "عصفور الذي أحببته" قدمها الشاعر والكاتب محمد عبد الوهاب الشيباني.
بدوره، قدم الكاتب محمد البكري قراءة بعنوان "من أنماط المفارقة في القصة القصيرة جدا.. قراءة في نماذج كتابية يمنية"، ثم شهادة للقاص والأديب نبيل سيف الكميم عن تجربة التسعينيين.
وقدم الناقد علي أحمد عبده قاسم "لمحة في تأريخ القصة القصيرة جدا في اليمن والصعوبات التي واجهت كتابتها".
واستعرض عبد الوهاب سنين "معايير القصة القصيرة جدا"، أما الباحث صفوان الشويطر فتطرق للحديث عن "قوانين الإنتاج وآليات التلقي"، وقارب الأكاديمي سعد العتابي موضوع "التجريب في القصة القصيرة جدا".
بدورها، تعرضت هاجر السامعي في قراءة نقدية لمجموعة من نصوص القصة القصيرة جدا بعنوان "توق إلى الحرية"، أما عبد الفتاح إسماعيل فاستعرض "السمات والدلالات".
ولم يغب جيل التسعينيات، إذ استعيدت نصوص لكتاب هذا الجيل قرأها الأديبان محمد عبد الوكيل جازم ومها صلاح.
وتعبيرا عن الوفاء لكتاب بعيدين في مناطق يمنية متناثرة لم يتمكنوا من الحضور قرئت نصوص لهم بالنيابة عنهم، ومن بينهم القاص مروان الشريفي صاحب كتاب "أحذية ورمال"، وآخرون.