كلمة "أقاويل" جمعٌ للجَمعِ، فهي جمعُ أقوال، مثل أباييت في أبياتٍ، وأناعيم في أنعامٍ. وإنَّما بَنيتَ هذا البناء حين أردتَ أن تكثَّر وتبالغَ في ذلك، كما تَقول: قطّعه وكسّره حين تكثِّر عمله.
وكذلك أجربة تقول فيها: أجارب؛ لأنَّهم قد كسَّروا هذا المثال وهو جميع، وقالوا: في الأَسقية: أساقٍ.
[ذكَرَه سيبويه في موضعيْن من كتابِه ، أحدهُما: باب ما لا يكسَّر مما كُسّر للجَمع، والثاني: باب ما لفظ به ممّا هو مثنًّى]
وتبعَ سيبويه في هذا المذهَبِ أغلبُ علماءِ العربيّة. ولكنّي ذهبتُ في لَفظِ الأقاويلِ مَذهباً زَعمتُ فيه أنّه جمع لـ"أُقْوولَة" بضمّ الهمزة، وسكون القاف، وضمّ الواو الممدودة، وفتح اللام،
وذلك مثل أغرودة وأغاريد وأنشودَة وأناشيد وأكذوبَة وأكاذيب وأسطورَة وأساطير... وكدتُ أنصرفُ عنه لولا أنّي وجدتُ مَن يذكُرُه؛ فقد ذكرَ الزَّبيدي في "تاج العَروس" أنّ قوماً ذهَبوا إلى أنّه
جمع أقوولة كأضحوكة، وإذا ثبَت فالقياسُ لا يأباه.
والذي يُرجّحُ عندي أنّ "أقاويل" جمعٌ لأقْوُولَة أنّها جاءت في سياقِ الدّلالة على الشّيء المُفْتَرى مثل إسطورَة وأكذوبَة وأمثولَة وأعجوبَة، وكذلك الأقوال المفتراة هي "أقاويل" كَما وَرَدَ في الآيَة:
«وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ»، الحاقة44، وقول الشّاعر:
واحذَرْ أقاويلَ العُداةِ النُّزَّغِ
فالفعلُ له مصدرُه وهو التّقوُّل: تقَوَّل تقوُّلاً، لأنّ الذي يُناسبُ هذا الفعلَ هو مصدرُه التّقوّل؛ أمّا الجمع فلا يجوزُ جمعُ المصادرِ -على مذهب البصريين- إلاّ إذا نُقِلت من المصدريّة إلى الاسميّة؛
فلا نقول تقوّل تقوُّلاتٍ، وهو ما لم يَرِدْ في الآية، بل جاء في الآية ما يُناسبُ الفعلَ ولكن من الأسماء لا من المصادِر: تقوَّلَ أقاويلَ . أمّا مُفردُ الأقاويلِ فهو الأُقْوولَة. و هذا من بابِ مُناسَبَة اللّفظ
لمَعْناه الدّقيق؛ و هو السّمْتُ الذي ورَدَ به كتابُ الله تَعالى في أعْلى صُوَرِه