الخاتم هو نمط «محدود» من المجوهرات، يتم تحديد أبعاده وفق حجم الإصبع ما يلزم المصنع بالعمل ضمن مقاسات محدودة. وعلى الرغم من المقاسات المقيدة والصارمة المرتبطة بالخاتم فإن تنوع التصاميم عبر العصور أكبر دليل على الخيال والإبداع الفني للبشر.
وخلافاً لجميع أنواع المجوهرات لم يعتمد الخاتم على نمط موضة محددة ولم يتطور وفق تطور خطوط الموضة الأخرى، فهو كان يسير وفق مساره الخاص والتصاميم الخاصة به كانت انعاكسا مباشرا للتراث ولأنماط الفنون الرائجة في تلك الفترة.
الشكل الدائري الذي يحيط بالإصبع بلا نهاية أو بداية أحاطته العديد من المعتقدات والخرافات عبر التاريخ. الخواتم عبر العصور كانت رمزاً للثروة والقوة والنفوذ والحب وكانت تقدم في مناسبات خاصة ترمز إلى مراحل مختلفة من حياة مرتديها. لكل خاتم حكاية يرويها وحقبة يرتبط بها. فما هي حكاية الخاتم؟
الخواتم في الحضارة السومرية
قد تكون الخواتم وجدت منذ وجود الإنسان ولكن العديد من المواد العضوية التي استخدمت في عصور ما قبل التاريخ كالعظام والأصداف والنباتات جعل تلك الخواتم تتحلل وتختفي إلى الأبد. النظرية هذه بطبيعة الحال لا يمكن تأكيدها أو نفيها بحكم أنه لا يوجد دليل يحسمها.
أقدم النماذج المعروفة والمثبتة تعود إلى الحضارة السومرية في بلاد ما بين النهرين خلال الألفية الثالثة قبل الميلاد.
الخواتم الذهبية المزخرفة والمزينة باللازود أو العقيق كانت نادرة جداً خلال تلك الفترة وكانت الأختام الإسطوانية في الشرق الأدنى هي الأكثر شيوعاً وكانت مصنوعة من الحجر مع غطاء ذهبي من الجهتين وأطواق دوارة. هذه الأختام تعد الشكل الأول الذي أدى إلى ظهور خواتم الإصبع وكان كان لها غاية هامة حينها في مجال الملكية والتجارة وذلك لأن الكتابة لم تكن منتشرة على نطاق واسع.
الفراعنة ودائرة الحياة
في الألفية الثانية قبل الميلاد وفي مصر القديمة تطورت الأختام الأسطوانية لتصبح دائرية الشكل ولتصبح النمط الذي سيزين أصابع المصريين لعقود طويلة.
الشكل الدائري الذي لا بداية له أو نهاية كان يرمز للحياة والحب وارتباط حياة ما قبل الموت بما بعده. زينت خواتم الفراعنة بالخنفساء التي كانت تحفر على الأحجار الكريمة مثل اللازورد واليشب والسج وكان يتم تمرير سلك من الذهب من خلال ثقب في الحجر الكريم وكان هذا السلك يلتف حول الإصبع.
لاحقاً ستتطور الأسلاك التي تطوق الإصبع وستصبح أكثر تعقيداً ولكن الشكل الأساسي سيبقى على حاله، حجر كريم منقوش يمكن إدارته للناحية كف اليد ليتم استخدامه كختم.
كانت الخواتم «الأخاتم» المزينة بالخنفساء واسم مالكها كالفرعون أو الكاهن، يتم اعتمادها لخصائصها السحرية، إذ كان يعتقد بأنها تجلب الحظ الجيد لمن يرتديها. الفراعنة أيضاً هم من استخدموا الخواتم كرمز للحب والزواج والإخلاص.
الإغريق: قوة الآلهة في الخواتم
قام كل من الفينيقيين والإتروسكان والإغريق بتقليد النمط الفرعوني «للخواتم الختم» المزينة بالحجر بنقش الجعران. ولكن الشكل تم تعديله من قبل اليونانيين وبدأت الأشكال تصبح أكثر تنوعاً مع زخرفات مختلفة.
الإطار خلال هذه الحقبة كان من الذهب أو الفضة أو البرونز وكان يزين بأحجار كريمة تنقش عليها مشاهد أسطورية ووحوش الغاية منها نقل سمات الآلهة أو قوة الحيوانات والوحوش لمن يرتديها.
خلال الفترة الهلنستية أصبحت الحلقات منمقة بشكل أكبر وبات الذهب يستخدم بشكل أكثر تعقيداً مع استخدامات متنوعة للأحجار الكريمة، ومع هذا التحول بدأت الغاية من الخواتم تتحول لتصبح للزينة.
الرومان وعشق الأحجار الكريمة
طرق التجارة المفتوحة جعلت الأحجار الكريمة تتوفر بكثرة وبالتالي بات استخدامها لتزيين الخواتم معتمدا على نطاق واسع.
في روما القديمة باتت الأحجار الكريمة جزءاً أساسياً من الخواتم، وكانت الزخارف والنقوش التي تمثل الأساطير والمستوحاة من الأدب والمسرح والحياة اليومية تستخدم للمناسبات الخاصة أو لتوفير الحظ الجيد لحاملها.
الخواتم في روما كانت ترمز للمكانة الاجتماعية رغم أنه خلال الحقبة الأولى كانت الحلقات الحديدية شائعة بين جميع الطبقات، ولكنها لاحقاً باتت محصورة فقط بفئات معنية مثل الأرستقراطيين أو الذين يشغلون مناصب رفيعة.
بحلول القرن الثالث قبل الميلاد بدأ الفرسان يرتدون الخواتم، ولاحقاً وبعد سنوات عديدة سمح للجميع بارتداء الخواتم الذهبية باستثناء العبيد.
العصور الوسطى الأوروبية
خلال العطور الوسطى في أوروبا كان للخواتم أهمية كبرى لدى الكنيسة وفي المعاملات القانونية والتجارية. كانت الكنيسة الكاثولوكية تمنح الأساقفة المعينين حديثاً «خواتم الأسقفية» وكانت الخواتم البابوية تمنح من البابا الى الكرادلة.
أما البابا فكان يستخدم خاتماً مصنوعاً من البرونز ومزينا بصورة للقديس بطرس وكان يستخدم لختم الوثائق البابوية.
ولكن الخواتم لم تكن حكراً على الكنيسة بل كان هناك عدة خواتم رائجة منها الخواتم التذكارية التي كان ينقش عليها اسم وتاريخ وفاة الشخص، وحتى إن بعض الخواتم كانت تحمل صورة الشخص المتوفى. راجت في أوروبا أيضاً خواتم عرفت باسم «خواتم بوسي» والتي كانت تحمل أبياتاً من الشعر المنقوشة عليها.
وبطبيعة الحال كان هناك خواتم مصنوعة من حلقات متعددة ترتبط بالخرافات والتعويذات وحتى أن بعض الخواتم إستخدمت للقتل أو الانتحار إذ كانت بعض الحلقات تحتوي على السم.
خواتم الملوك
خواتم الملوك عبر التاريخ كانت تصمما لغاية واحدة وهي التمكن من استخدامها لختم الوثائق وعليه كانت تصمم بدقة بالغة كي لا يتمكن أي شخص من تقليدها.
كل خاتم كان فريداً من نوعه ويتضمن شعار العائلة بالإضافة إلى علامات خاصة تحدد وتعرف عن شخصية حامله.
التصميم كان يتم بهندسة عكسية لضمان ظهور الختم بشكل صحيح عند استخدامه كختم والتفاصيل الدقيقة والعديدة كانت تجعل تقليد الختم صعب للغاية.
الخواتم الخاصة بالملوك والنبلاء كانت تدمر فوراً بعد وفاة الشخص ثم يصار إلى منح المعين حديثاً خاتماً جديداً بتفاصيل مختلفة وجديدة.
القرن الثاني عشر إلى التاسع عشر
لم تعد الخواتم حكراً على أي طبقة اجتماعية بحلول القرن الثاني عشر ولكن استخدام الذهب أو الفضة أو الأحجار الكريمة كان مقيداً بقوانين كل دولة.
وبما أن عمليات النهب ونشاط القراصنة تعاظم منذ منتصف القرن الثاني عشر فإن الخواتم خصوصاً الثمينة جداً تم المتاجرة بها ونقلها من مكان لآخر ما جعلها تفقد الغاية منها. كثرت خلال هذه الفترة الخواتم التي تحمل صور القديسيين أو الشخصيات المقدسة لأنه كان هناك قناعة بأنها تحمل قوى وقائية وعلاجية.
خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر باتت الخواتم أكبر حجماً وأكثر ضخامة وعبارة عن حلقتين لا حلقة واحدة لأن النمط الشائع كان تزيينها برموز مثل الهياكل العظمية أو الساعات الرملية أو رموز الموت وذلك كي يتذكر الناس دائماً بأنهم عليهم الاتعاظ لأنهم سيموتون يوماً ما.
من القرن التاسع عشر حتى يومنا هذا
بحلول القرن التاسع عشر اختفت كلياً الفروقات بين الخواتم ولم تعد ترتبط بطبقة دون غيرها وهذا ما فسح المجال لظهور موديلات مستوحاة من الأنماط السابقة والتي اعتمدها الجميع من دون استثناء.
ومع التطور في الصناعة باتت الخواتم تصنع وبكثرة من الذهب والفضة وترصع بأحجار كريمة وباتت الغاية منها للزينة لا أكثر وارتبطت بشكل كبير بالحب والزواج. خلال هذه الفترة راجت مجدداً خواتم «الحداد» التي كانت تحمل صورة المتوفى وبالتالي شهدنا على مرحلة استخدام الزجاج في الخواتم.
القرن العشرون نسف تصاميم امتدت لآلاف السنين، فخلال الحقبات التاريخية السابقة كانت الخواتم عبارة عن طوق يلتف حول الإصبع مع شكل دائري أو بيضاوي أو أي شكل هندسي يزينه، ولكن خلال الفترة هذه بات الخاتم مجرد حلقة تلتف حول الإصبع. ورغم أن ترصيع الخواتم بالأحجار الكريمة ما زال معتمداً ولكن النمط هذا لم يعد الأساس.
رمزية الخواتم: الحب والإخلاص والتدين
من الفراعنة فالرومان واليونانيين كان للشكل الدائري للخاتم رمزية خاصة. فالدوائر تمثل الكلية والكمال والوحدة، فالدائرة لا تنتهي وبالتالي هي تمثل الخلود. الفراعنة قدموا الخواتم كرمز للحب عند الزواج وبات يمثل الحب الأبدي الذي يموت.
الخواتم أيضاً كان لها رمزية دينية، فكانت تمثل حب الله. في جميع الديانات وحتى في الأساطير القديمة كان الشكل المثالي للدائرة وبالتالي الوجود الذي لا ينتفي يرمز الى الحب الذي لا ينتفي الى الله.
أفضل ماركات الخواتم
مون بلان- Montblanc
الماركة الألمانية العريقة المعروفة بأقلامها الفاخرة تملك مجموعة خلابة من الإكسسوارات للرجال ومن ضمنها الخواتم. التصاميم تتنوع بين البسيط والأكثر تعقيداً وبالتالي تناسب جميع الأذواق. مون بلان تحرص على استخدام أفضل المواد كما أنها تقدم خيارات مختلفة وخارجة عن المألوف ضمن مجموعتها كالجلد مثلاً.
أرمنتا- Armenta
الماركة الإسبانية مميزة للغاية لناحية التصاميم. أميلي أرمينتا تستمد إلهامها من الشاعر الإسباني لوركا ومن أنماط العمارة الإسبانية والمغربية القديمة. الخواتم المصنعة يدوياً تبدو وكأنها من زمن مختلف ساحر ورومانسي وقديم.
كارتييه - Cartier
الشركة الفرنسية العريقة الفاخرة التي يعشقها أفراد العائلات الملكية حول العالم والمشاهير توفر تصاميم متنوعة تتناسب مع جميع الأذواق، من البسيط الى المعقد، من الذهبي أو الفضي الى المرصع بالأحجار الكريمة.
بوشيلاتي-Buccellati
بوشيلاتي الماركة الإيطالية العريقة تملك تاريخها الطويل الذي يتجاوز العقد من الزمن. الماركة هذه معروفة بحرفيتها العالية فكل قطعة مجوهرات تصنع يدوياً كما أنها، رغم كل التطور في الصناعة، ما تزال تعتمد على التقينات القديمة لصناعة الخواتم والحفر عليها.
ميزون مارتن مارجيلا- Maison Margiela
الشركة الفرنسية معروفة بتصاميمها الخارجة عن المألوف واستخدامها المواد غير التقيلدية. يمكن تمييز خواتم ميزون مارجيلا من بين مئات الخواتم وذلك لأنها تمكنت من جعل هويتها الفريدة من نوعها معروفة وبارزة. مجموعتها واسعة جداً وتناسب مختلف الأذوق والمناسبات والفئات العمرية.