هو عز الدين أبو الحسن علي، صاحب كتاب (الكامل في التاريخ)، وطبعه تورنبرج tornberg في ليدن في 120 مجلدًا، منها مجلدان للفهارس.
عاش ابن الأثير في الفترة (555- 630هـ/1160- 1234م)، واستقرت أسرته في مدينة الموصل العراقية. وهو أوسط الإخوة الثلاثة الذين نبغوا في ميادين العربية والإسلامية.
كان ابن الاثير حافظًا للتواريخ المتقدمة والمتأخرة، وخبيرًا بأنساب العرب وأيامهم ووقائعهم؛ ولذا كان أكثر ما اشتهر به دارسة التاريخ.
ويعتبر كتاب (الكامل في التاريخ) أهم مؤلفات ابن الأثير في هذا المجال، إذ تناول فيه دراسة التاريخ العام للعالم الإسلامي، ابتداءً بالخليقة على عادة جُلّ أهل التاريخ الإسلامي، وانتهى عند آخر سنة 628هـ، ويعتبر (الكامل في التاريخ) من أهم الكتب في التاريخ الإسلامي. والتزم المؤلف في نهجه التوازن بين أقاليم العالم الإسلامي، ومقارنة ما يقع من الأحداث في كلٍّ منها، عامًا بعد عام. واعتمد على المتخصصين في تاريخ كل إقليم.
وتجلت مواهب ابن الأثير في طريقة عرض للحقائق، إذ حذف التفاصيل التي لا تدعو الحاجة إليها، وأمعن في فحص المصادر واختار من النصوص ما يناسب الحقائق، وألّف في كل ذلك خلاصة لكل ما وقع من الأحداث في السَّنَة.
ولكتاب ابن الأثير ابتداء من الجزء العاشر أهمية خاصة؛ نظرًا لأنه يؤرِّخ لأحداث قريبة العهد من زمنه، سمع بها وشارك فيها، وعالج في هذه الفترة الممتدة من سنة 450هـ ما وقع صدام من بين الغرب المسيحي والعالم العربي، فيما يُعرف باسم الحروب الصليبية.
وما يلفت النظر في كتابة ابن الأثير، ما كان من اهتمامه البالغ بأخبار الدولة الأتابكية بالموصل حتى سنة 607هـ/1211م، وامتداد سلطان التركيين إلى حلب ودمشق، ثم انحسار ملكهم حتى أصبح مقصورًا على الموصل العراقية.
أما رواياته عن البطل المسلم الناصر صلاح الدين الأيوبي فهي غريبة؛ لأنها تنطوي على كراهية له، برغم الإشادة ببطولته، فصوَّره ابن الأثير على أنه بطل سخَّر كل مواهبه العسكرية لإشباع أطماع أسرته وإقامة إمبراطورية، والواضح أن هذا الحكم تأثر بما كان يربط ابن الأثير من الولاء للترتكيين. ويُتابع ابن الاثير أخبار المسلمين في المشرق والمغرب بعد رحيل صلاح الدين الأيوبي، وما آل إليه أمرهم من تفكك، وما ترتب على ذلك من تعرض لأخطار الصليبيين والتتار.
ويعتبر كتاب ابن الأثير من المصادر الأصلية للحروب الصليبية، وقد قام المستشرق دي سلان de shane بنشر كل ما أورده ابن الأثير مع ترجمة فرنسية في مجموعة الحروب الصليبية، الجزآن الأول والثاني من مجموعة المؤرخين الشرقيين.
ومنه طبعة في بولاق في 12 جزءًا سنة 1290هـ/1872م، كما نشرته دار الكتب العلمية في بيروت محققًا في عشرة مجلدات سنة 1986م.
وللكتاب طبعات أخرى.
المصدر: كتاب (معجم المؤرخين المسلمين حتى القرن الثاني عشر الهجري).
يسري عبد الغني