سادة الحرب، عظماء المسلمين
إن للدين رجالًا مجهولون في الأرض معروفون في السماء اصطفاهم المولى جل وعلا، واختارهم من بين خلقه، فتحيا الأمة على يديهم ويعود مجدها وتتربع عزتها على قمم الجبال فهم أسود الوغى إذا كثرت الذئاب، فرسان الحق إذا سُلِب. فهؤلاء سطّروا الملاحم الإسلامية الخالدة، لرفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله لتظل خفاقة وتسترد للأمة بشرى النصر ومجدها التليد بعدما باعت نفسها بثمن بخس!
انبرى هؤلاء العمالقة لكي يقوموا بدورهم الذي خُلقوا من أجله لكي يصبح الواحد منهم بطلاً كأبطال الصحابة يوم بدر وأحد، وهم تيجان رؤوسنا وأبطالنا الذين نرفع رؤوسنا بهم في علياء السماء. وأخذوا زمام أمرهم ووضعوا تلك الآية في أذهانهم {إنا لننصر رسلنا والذين أمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد} (غافر 51)، فإن النصر مع الصبر وســـاح الــجهـاد مــتوجـًا بوســـــام الحق. فلن يحيدوا عن خطى الإيمان فدربهم درب قويم بالهدى القرآني. ولمن يريد أن يعرفهم فاسألوا ذات الصواري واسألوا عنهم الصحاري.
من عظماء قادة المسلمين
- طارق بن زياد
فمنهم طارق بن زياد الذي لم يبق له همة ولا غاية في الحياة إلا لخدمة الإسلام ونشره بين الناس مع موسى بن نصير; ففتح الله على يديهم الأندلس.
“أدركنا يا لوذريق…. فإنه قد نزل علينا قومٌ لا ندري أهم من أهل الأرض أم من أهل السماء”
مقولة قالها قائد القوات القوطية في حق طارق بن زياد ومن معه من فرسان الإسلام، فاتحوا الأندلس عام 92 من الهجرة عندما رآهم يقاتلون كالأسود المفترسة، ولكن شتان بين جيشين، فئة تقاتل للأرض وفئة تقاتل لله؛ فمن يموت من أجل الأرض فلن ينل سوى متر من التراب ليدفن فيه، ومن يموت في سبيل الله فله ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وتستقبلهم ملائكة الرحمن على حدبة الجنان.
وكثير من الأكاذيب قيلت في حق ذلك البطل، وقد قالها المستشرقون “البحر من خلفكم والعدو من أمامكم”. والحقيقة أن هذه الرواية ما هي إلا رواية كاذبة ومزورة وضعها المستشرقون ليبررِّوا هزيمة 100 ألفًا من النصارى أمام 12 ألفًا من المسلمين. أولئك المستشرقين أرادوا إيهامنا أن المسلمين انتصروا يومًا بكثرة العدد، ولعل أولئك المستشرقين لم يفهموا بعد أن المسلمين يبحثون عن الشهادة بحثًا، فهؤلاء يقاتلون لأن يوم الشهادة نصر مجيد.
- عقبة بن نافع
عقبة بن نافع هو من هو، فاتح بلاد المغرب، ومؤسس القيروان لتثبيت أقدام المسلمين والدعوة الإسلامية هناك فلم يهزم في معركة قط لأن النصــــــــر وعــدٌ صادق من الله، وهو الانتصار الحق.
- المتوكل بن الأفطس
ومنهم المتوكل بن الأفطس وهو البطل الإسلامي البربري، وهو ملك ظهر في زمن ملوك الطوائف، وهي فترة من فترات الضعف والتفرق في الأندلس.
“ليس بيننا وبينك يا ألفونسو إلا السيوف، تشهد بحدّها رقاب قومك”
قالها ذلك البطل لملك قشتالة (ألفونسو السادس) عندما كان يأخذ الجزية من ملوك المسلمين في زمان الضعف والفرقة.
- محمد الفاتح
وأبرز هؤلاء محمد الفاتح الذي لم يكن قد تجاوز الثالثة والعشرين من عمره عندما فتح القسطنطينية، إننا نتحدث عن رجل لم يفتح مدينة عادية من مدن العالم، إننا نتحدث عن رجل فتح القسطنطينية! تلك المدينة التي كتب عنها (نابليون بونابرت) في مذكراته من منفاه في جزيرة “سانت هيلينا” إنها عاصمة العالم بأسره إذا ما كان العالم دولةً واحدة.
ولم يكن محمد الفاتح رحمه الله هو الفاتح الفعلي للقسطنطينية ولكن سبقه إليها يزيد بن معاوية وأبو أيوب الأنصاري حيث قال سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-: “أول جيش يغزو مدينة قيصر مغفور له”.
وعند أسوار القسطنطينية صاح محمد الفاتح بأعلى صوته: “لقد وجدته! لقد وجدت قبر الرجل الأسطورة، لقد وجدت قبر صاحب رسول الله! لقد وجدت قبر أبى أيوب الأنصاري، وكان يزيد بن معاوية رحمه الله قام بدفن أبى أيوب على أسوار القسطنطينية بناءً على وصيته.
فهؤلاء الرجال تفوح منهم رائحة النصر، فهم محطّمي الجبابرة، وقاصمي ظهور الأكاسرة والقياصرة فاسألوا جند الصليب، واسألوا جند التتار عنهم، ومنهم الكثير والكثير، فيا شمس لا تغربي قبل أن تشهدي أنهم وضعوا إكليل الخلود في معاركهم.
فأين شباب الإسلام من هؤلاء إذا حمى الوطيس؟! فيا ليت الشباب يعود لمنهج الأولين؟ وليت اللحى الصامتة المبررة تصير خيولاً؟، فقد فاضت سوريا بالأوجاع واكتست شوارعها بالدماء، وامتلأ باطن جوفها شُهداء، فحلب تموت وبغداد ذهبت وصنعاء رحلت ولم نتحرك لنجدتهم، فتلك أراضينا والشوق فيها يترنّم.