*بنور فاطمة عليها السلام اهتديت*
يقولُ المستبصرُ السوداني المحامي عبد المنعم حسن، قبل استبصاري وبعد تخرُّجي من الجامعة كنتُ عند أحد اقاربي فسمعتُ عنده شريط كاسيت كان الخطيب يقرأ فيه خطاباً لمولانا فاطمة بنت النبي (صلى الله عليه وآله)، لم أسمعه ولم أقرأه من قبل ، قالت فيه مخاطبةً المسلمين :
*(أفحكمَ الجاهليةِ تبغون ؟ ومن أحسنُ من اللهِ حُكماً لقومٍ يُوقنون ؟ أفلا تعلمون ؟ بلى قد تجلَّى لكم كالشمسِ الضاحية أني ابنتُهُ.*
*أيها المسلمون !! أأغلب إرثي؟ يا بنَ أبي قحافة ! أفي كتابِ اللهِ ترثَ أباكَ ولا أرث أبي لقد جئتَ شيئاً فرياً؟ أفعلى عمدٍ تركتم كتابَ اللهِ ونبذتموه وراء ظهوركم ؟ إذ يقول : ( وورثَ سليمانُ داوودَ ) وقال فيما اقتص من خبر زكريا – إذ قال ( فهبّ لي من لدنك ولياً يرثُني ويرثُ من آل يعقوب ) وقال ( وأولو الأرحامِ بعضُهُم أولى ببعضٍ في كتابِ الله ) وقال ( إن تركَ خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين ) وزعمتم أن لا حظوةَ لي ولا إرثَ من أبي أفخصَّكم اللهُ بآيةٍ أخرجَ أبي منها ؟ أم تقولونَ إنَّا أهلُ ملتينِ لا يتوارثان ؟ أو ليسَ أنا وأبي من أهل ملةٍ واحدة ؟ أم أنتم أعلمُ بخصوصِ القرآنِ وعمومهِ من أبي وابن عمي ؟ فدونكها مخطومةً مرحولةً تلقاكَ يومَ حشرك، ونعم الحكمُ اللهُ والزعيمُ محمد والموعدُ القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون ولا ينفعكم إذ تندمون).*
فكانت هذه الكلمات كالسهم نفذت إلى أعماقي فتحت جرحاً لا أظنه يندمل بسهولةٍ ويسر، غالبتُ دموعي وحاولتُ منعها من الانحدار ما استطعت !
ولكنها انهمرت وكأنها تُصرُّ على أن تغسل عار التاريخ في قلبي، فكان التصميم للرحيل عبر محطات التاريخ للتعرف على مأساة الأمة وتلك كانت هي البداية لتحديد هوية السير والانتقال عبر فضاء المعتقدات والتاريخ والميل مع الدليل .
تبيّن لي أن مثل هذه الكلمات لا تخرج من شخص عادي حتى ولو كان عالماً مفهوماً درس آلاف السنين، بل هي في حد ذاتها معجزة. كلمات بليغة... عبارات رصينة، حجج دامغة وتعبير قوي.. تركت نفسي لها واستمعت إليها بكل كياني وعندما بلغت خطبتها الكلمات التي ذكرتُها، لم أتمالك نفسي وزاد انهمار دموعي، وتعجّبتُ من هذه الكلمات القوية الموجهة إلى خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله ) ومما زاد في حيرتي أنها ابنة رسول الله فماذا حدث؟
ولماذا... وكيف؟!! ومع من كان الحق؟ وقبل هذا هل هذا الاختلاف حدث حقيقة ؟ وفي الواقع لم أكن أعلم صدق هذه الخطبة ولكن اهتزت مشاعري حينها وقررت الخوض في غمار البحث بجدية مع أول دمعة نزلت من آماقي.
وهكذا بحمد الله تعالى ركبتُ سفينة التشيع عن بحثٍ وقناعة.
✍ كتاب (بنور فاطمة اهتديت) للمستبصر السوداني المحامي عبد المنعم حسن. مطبوع سنة 1999 م
بستان اللغة والأدب