TODAY - October 23, 2010
ساسة العراق يتجهون نحو دول الجوار مع تراجع النفوذ الأميركي في بلادهم
برلماني: دور السفير الإيراني أكبر من دور بايدن
بغداد
انحسر النفوذ الأميركي بدرجة بالغة في العراق على مدار الشهور الأخيرة، لدرجة أن مشرعين وقادة سياسيين عراقيين يقولون إنهم لم يعودوا يتبعون نصائح واشنطن بشأن تشكيل الحكومة. وبدلا من أميركا، يحول العراقيون أنظارهم نحو الدول المجاورة، خاصة إيران، لطلب المشورة والتوجيه، مما يلقي بالشكوك حول مستقبل الدور الأميركي في العراق.
ويقول المشرع الشيعي سامي العسكري، وهو حليف مقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي «لم يعد يستجيب السياسيون العراقيون للولايات المتحدة مثلما كان الحال من قبل. ولم نعد نوليها اهتماما كبيرا». وأضاف لوكالة «أسوشييتد برس»: «نعم، لدى الأميركيين وجهة نظر خاصة بهم حيال كيفية تشكيل حكومة عراقية، لكن هذا لا ينطبق على القوى السياسية الفاعلة على الأرض، وليس أمرا فاعلا».
من جهته، قال أسامة النجيفي، المشرع السني البارز والقيادي في القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي «هناك نفوذ أميركي في العملية السياسية وجهود تشكيل حكومة، لكنه أقل مما كان عليه سابقا. مع بدء الانسحاب العسكري الأميركي، يستغل الإيرانيون الفراغ الناشئ ويبدون استعدادهم لشغله».
بدوره، يؤكد محمود عثمان، المشرع الكردي البارز «يضطلع السفير الإيراني بدور أكبر في العراق من (نائب الرئيس الأميركي جو) بايدن». وأضاف أن الأميركيين «سيتركون العراق بمشكلاته، ولذا انحسر نفوذهم». وأشار عثمان إلى أن التأزم طويل الأمد، رغم الضغوط الأميركية الشديدة لتشكيل حكومة تضم جميع العناصر السياسية العراقية الكبرى، يكشف أن بغداد لم تعد تأبه حقا بما ترغبه واشنطن.
ودأب بايدن، المسؤول الأول في الإدارة الأميركية عن الشأن العراقي، على التواصل مع القيادات العراقية، عبر الهاتف ومن خلال ست زيارات قام بها للعراق خلال العامين الماضيين. ومع ذلك، يقدر العراقيون، بصورة عامة، النفوذ الأميركي بناء على الوجود العسكري، الذي تراجع بمقدار ثلاثة أضعاف عما كان عليه خلال ذروة الحرب ليصل إلى 50.000 جندي في أغسطس (آب). وعليه، تتجاهل بغداد الآن حث واشنطن لها على المضي قدما ببطء نحو تشكيل حكومة جديدة، بدلا من الاندفاع نحو تشكيل حكومة ربما تخدم في النهاية المصالح الإيرانية.
يذكر أن أكثر من سبعة شهور مرت منذ عقد الانتخابات البرلمانية في 7 مارس (آذار)، التي فشلت في الخروج بفائزين واضحين، ويقول سياسيون عراقيون إنهم سيختارون القادة الجدد بناء على الجدول الزمني الخاص بهم.
وفي البداية، شجع مسؤولون أميركيون العراقيين على تشكيل حكومة سريعا، لكنهم بدأوا مؤخرا في الدفع من أجل الإبطاء من وتيرة التحركات نحو تشكيل الحكومة بعدما اتضح أن الحزب الذي يتزعمه رجل الدين المعادي لواشنطن، مقتدى الصدر، مؤهل للاضطلاع بدور كبير. ومن الواضح أن واشنطن تأمل في تجميد جهود تشكيل حكومة جديدة لفترة كافية لتفكيك عرى الاتفاق بين المالكي والصدر، الذي يرتبط أنصاره الشيعة بعلاقات وثيقة مع طهران.
بيد أنه على ما يبدو، فإن عهد ممارسة واشنطن سلطة واضحة داخل العراق ولى منذ أمد بعيد، الأمر الذي يرجع في معظمه إلى عزم الرئيس باراك أوباما على تقليص الوجود العسكري الأميركي بعد أكثر من سبع سنوات من الغزو الذي أطاح بصدام حسين ونظامه الذي قاده السنة.
وقد دفع ذلك بالقادة العراقيين نحو التواصل مع جيرانهم في الشرق الأوسط سعيا للحصول على الدعم والنصيحة والاضطلاع بدور وساطة لتشكيل حكومة جديدة. إلا أن التحالف الجديد بين العراق وإيران هو ما يثير قلق الولايات المتحدة. في هذا الصدد، أعلن بي جي كراولي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أمام حشد من المراسلين في واشنطن الأسبوع الماضي، أن «قلقنا حيال إيران وتدخلها في الشؤون العراقية قائم منذ أمد بعيد، لكننا ننتظر من الحكومة العراقية العمل على صالح مواطنيها وليس لصالح دولة أخرى».
«الشرق الأوسط»