الباحثون استخدموا تقنيات تلسكوب هابل لتحفيز جيل جديد من العلماء المواطنين لمراقبة قرش الحوت (براد نورمان – جامعة مردوخ)
مع التطور التكنولوجي المتسارع تشهد علوم المواطنين (citizen science) نقلة نوعية من خلال استخدام تقنيات البرمجة والذكاء الصناعي لإشراكها في مجتمع بحثي يعتمد بشكل كامل على النقاش ما بين العلماء والمواطنين على حد سواء.
وأعلنت جامعة مردوخ (Murdoch University) الأسترالية في بيان صحفي بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن تمكن الباحثين في معهد هاري بتلر في الجامعة من تطوير مشروع "منصة ويل شارك" (Whale shark)، ليصبح أحد أكبر برامج علوم المواطنين في مراقبة أسماك قرش الحوت في العالم ويسمى "ذي وايلد بووك فور ويل شارك" (The Wildbook for Whale Sharks).
وقد استخدم الباحثون التقنيات المقتبسة من علماء "تلسكوب هابل التابع لناسا" (Nasa’s Hubble Telescope) بهدف تشجيع وتحفيز جيل جديد من المتطوعين ضمن علوم المواطنين، وذلك للمساعدة في مراقبة وتمييز قرش الحوت حول العالم.
علوم المواطنين وقرش الحوت
اعتمد دكتور براد نورمان، زميل باحث في "معهد هاري بتلر" (Harry Butler Institute) في بداية الأمر على التقاط صور لأسماك قرش الحوت في ساحل نينغالو الواقع في المنطقة الساحلية الشمالية الغربية من غرب أستراليا، إلا أن العمل بات يتطلب انخراط عدد أكبر من الباحثين والعمل لفترات زمنية طويلة ومستمرة.
وبالنظر إلى أن السياح كانوا يسبحون باستمرار مع أسماك قرش الحوت هناك، فكر نورمان في طلب مساعدتهم. وتعاون نورمان مع اثنين من العلماء وهما خبير البرمجيات جيسون هولمبرغ وعالم الفيزياء الفلكية زافين أرزومانيان في ناسا، وذلك لتطوير قاعدة بيانات سهلة الاستخدام يمكن لأي شخص في العالم تحميل صوره الخاصة بأسماك قرش الحوت.
قاعدة البيانات سهلة الاستخدام ويمكن لأي شخص في العالم تحميل صوره الخاصة بقرش الحوت (براد نورمان – جامعة مردوخ)
كما استخدم الدكتور نورمان والفريق أيضا نظاما بسيطا لوضع العلامات على الصور، وربط علامات القمر الصناعي بالزعنفة الظهرية لسمك قرش الحوت، وذلك لتحديد مكان وجود القرش الموسوم في أي وقت وفي أي مكان من العالم.
وبفضل ذلك، حدد برنامج المراقبة العالمي أكثر من 11 ألف سمكة قرش حوت في أكثر من 50 دولة، مما ساهم بتوفير بيانات مهمة ستستخدم في المشاريع البحثية على مستوى العالم.
ويعظم نورمان هذا البحث من حيث دوره في مراقبة أعداد أسماك قرش الحوت وتوفير معلومات قيمة عن دورات حياة أسماك قرش الحوت وأنماط حركتها. ومن ثم ستتم فلترة كافة المعلومات وتفعيلها لتطوير ممارسات فعالة للحفاظ على هذا النوع -أكبر أسماك المحيط- من الانقراض الوشيك.
وأوضح نورمان أن كل قرش حوت له علامات مميزة بحيث يمكن تشبيه الخطوط والبقع الموجودة على جلده ببصمة الإصبع لدى بني البشر، مما يعني أنه يمكن اعتمادها كصفة خاصة تميز كل قرش حوت عن الآخر.
وقد ركز فريق نورمان على تصوير المنطقة التي تقع خلف الخياشيم في قرش الحوت بحيث تستخدم كمنطقة مرجعية للمقارنة بين أسماك قرش الحوت.
برنامج المراقبة العالمي حدد أكثر من 11 ألف سمكة قرش حوت في أكثر من 50 دولة (براد نورمان – جامعة ميردوخ)
إعداد علماء المستقبل
وبالشراكة مع منظمة قرش الحوت غير الربحية (ECOCEAN Inc)، طوّر نورمان وزملاؤه برنامجا بحثيا يهدف إلى إشراك المدارس في العالم ضمن الأبحاث الهادفة إلى دعم علوم المحيطات وعلم الأحياء والبيئة والطقس والإلكترونيات وغيرها.
وهكذا يمكّن هذا البرنامج من انخراط الأطفال الذين هم علماء محيطات المستقبل في مراقبة قرش الحوت والحفاظ عليه، كما يهدف أيضا إلى تعزيز دور العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.
وبالفعل أصبح بمقدور طلبة المدارس المشاركة في علوم المواطنين ضمن متابعي أسماك القرش حول العالم ومقارنة مشاهداتهم عن أسماك قرش الحوت مع غيرهم من المدارس الأخرى.