يبلغ طول النوع الجديد المكتشف حديثا من "أم أربعة وأربعين" ما بين 46 و52 ملليمترا (زووكيز)



اكتشف فريق دولي من العلماء نوعا جديدا من الحريشة "أم أربعة وأربعين" في كهف "موفيل" في رومانيا والذي تم اكتشافه عام 1986 على بعد بضعة كيلومترات من ساحل البحر الأسود، ويشتهر بنظامه البيئي الفريد من نوعه ومياهه الجوفية منخفضة الأكسجين والغنية بكبريتيد الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون.
هذا النوع الجديد ينتمي لطائفة كثيرات الأرجل والتي سميت بهذا الاسم نظرا لاحتوائها على 44 زائدة ولكنها في الواقع تحتوي على أرجل يتراوح عددها بين 20 و300، ويبلغ طول النوع المعروف علميا باسم (Cryptops speleorex) ما بين 46 و52 ملليمترا.
ووفقا للبيان الصحفي على موقع يوريك ألرت (Eurek Alert) فقد تم وصف الأنواع الجديدة بالدراسة التي نشرت في مجلة زوكيز (ZooKeys)، بتاريخ 16 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وهي علمية مفتوحة تعتمد مراجعة الأقران، وتغطي مواضيع الحيوان وتوفر معلومات عن جميع الأصناف الجديدة المضافة إلى موسوعة الحياة.




داخل الكهف الروماني يظهر النوع المكتشف حديثا من "أم أربعة وأربعين" (ميهاي باسيو – يوريك أليرت)


الصيد ليلا

"أم أربعة وأربعين" حيوان جسمه مفلطح من أعلى إلى أسفل، ويتألف من رأس وجذع ورأس مغطى بدرع رأسية، ويحمل زائدتين طوليتين تسميان بالزبانين، ويعد الطرفان الخلفيان أطول من باقي الأطراف حيث تستخدمهما في الإمساك بفرائسها ومهاجمتهم.
تنتشر هذه الحشرة في جميع أنحاء العالم وخصوصا قارتي أميركا وأستراليا. وتوجد منها العديد من الألوان والأحجام. وتفضل الأماكن الرطبة مثل المباني وقرب الشواطئ تحت الأحجار والبيوت وفي الحدائق أسفل أوراق الأشجار وفي مخلفات القمامة، وتوجد بكثرة في البراري فصل الربيع تحت الصخور والنباتات الدائمة.
ولا تتعرض للشمس ولا تخرج للصيد إلا في الليل، وتتعرض للجفاف الشديد عند خروجها في النهار، لأنها لا تحتوي على طبقة شمعية تحمى جسدها من الجفاف وتمنع تسرب السوائل منه بالتبخر.


نظام بيئي فريد

كهف "موفيل" نظام بيئي فريد تحت الأرض، حيث يكون الأكسجين في الهواء نصف كمية ما اعتدنا عليه، ولكن الكبريت كثير، وتوجد حياة حيوانية فقط بسبب البكتيريا التخليقية الكيميائية التي تتغذى على ثاني أكسيد الكربون والميثان.
كان هذا الكهف معزولا بالفعل عن العالم الخارجي لملايين من السنين خلال عصر النيوجين، وتم فصل الحياة بالكهف عن الخارج على مدى 5.5 ملايين سنة الماضية، وهي تعتمد بالكامل على التركيب الكيميائي بدلا من التركيب الضوئي.
جذب "موفيل" انتباه العلماء منذ اكتشافه غير المتوقع عام 1986 من قبل العمال الرومانيين، ومن المثير أنه رغم الظروف المعيشية القاسية، سرعان ما تم العثور على النظام البيئي في الكهف لإيواء حيوانات متنوعة وفريدة من نوعها، تتميز بتوطن الأنواع الاستثنائي وروابط غذائية محددة.
حتى الآن، من المعروف أن الكهف يوفر موطنا للعقرب المائي، العناكب، علقات الكهف، وبالتأكيد العديد من الكائنات الأخرى التي لم يتم اكتشافها بعد. ولكن على ما يبدو فإن هذا النظام البيئي القاسي -حيث التنفس وحده قد يكون مميتا لمعظمنا- قد توج ملكا أخيرا، وهو النوع الجديد المكتشف من أم أربعة وأربعين.




العلماء يستكشفون كهف "موفيل" برومانيا الذي يشكل نظاما بيئيا فريدا تحت الأرض (ميهاي باسيو – يوريك أليرت)


ملك الكهف

كان يُعتقد منذ فترة طويلة أن هذا النظام البيئي الفريد تحت الأرض كان مأهولا أيضا بأنواع تعيش على السطح منتشرة بأوروبا، ورغم قناعتهم بأن هذا السيناريو غير مرجح إلى حد كبير، قرر الدكتور فاربو فاهتيرا من جامعة توركو في فنلندا، والبروفيسور بافيل ستويف من المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي ببلغاريا، والدكتورة نسرين أكاري من متحف التاريخ الطبيعي في فيينا بالنمسا، القيام بفحص فضولي عن سكان كهف "موفيل" العجيب.
يشرح الباحثون في ورقتهم البحثية "أكدت نتائجنا شكوكنا وكشفت أن حريش موفيل يختلف من الناحية الشكلية والوراثية، مما يشير إلى أنه قد تطور من أقرب قريب له على السطح على مدار ملايين السنين إلى تصنيف جديد تماما يتكيف بشكل أفضل مع الحياة في الظلام الذي لا ينتهي".
ويضيفون "النوع الجديد من أم أربعة وأربعين الذي وصفناه مفترس سام، وهو إلى حد بعيد أكبر الحيوانات الموصوفة سابقا من هذا الكهف. بالتفكير في المرتبة الأولى في هذا النظام الجوفي، قررنا تسمية النوع (Cryptops speleorex) والتي يمكن ترجمتها إلى ملك الكهف".