لا تزال قضية السلالة الجديدة من فيروس كورونا تثير القلق في العالم، خصوصاً في ظل نقص في الدراسات المرتبطة بها، وانتشارها إلى خارج بريطانيا حيث شُخّصت للمرة الأولى، في ظل أحاديث عن أنها أسرع انتشاراً، أو أكثر فتكاً.
ولمعرفة المزيد عن هذه السلالة، توجهت "الشرق" بمجموعة من الأسئلة لثلاثة خبراء في مجال مكافحة الفيروسات، للوقوف على تأثير تلك السلالة على الوضع الوبائي في العالم.
ما الذي نعرفه؟
يقول ماتيس موناور الباحث في "مركز هيلموتيز للأمراض المعدية" في ألمانيا، إن السلطات الصحية في المملكة المتحدة رصدت عبر إعادة فحص جينوم فيروس كورونا المستجد، أكثر من 20 طفرة جديدة، تُضاف إلى الطفرات العديدة التي غيرت من التركيب الجيني للفيروس خلال العام الماضي، والتي يُقدر عددها بنحو 13 ألف طفرة.
وتحدث الطفرات بشكل طبيعي في الفيروسات طيلة الوقت. فانتقال الفيروس من الحيوانات إلى الإنسان جاء في الأساس نتيجة طفرة. ومعظم تلك الطفرات لا تؤثر على قابلية الفيروس على الانتشار، ولا تجعله أكثر عدائية، "إلا أن الأمور السيئة قد تحدث في بعض الأحيان"، وفق قول موناور في تصريحه لـ"الشرق".
ولفت إلى أن الطفرة التي رصدتها السلطات الصحية البريطانية، مرتبطة بقدرة الفيروس على الالتصاق بالخلية، مشيراً إلى أن نحو نصف عدد الطفرات التي رصدتها السلطات الصحية البريطانية موجودة في بروتين "سبايك"، وهو البروتين المسؤول عن غزو الفيروسات للخلايا البشرية.
تأثير الطفرة على الفيروس
تقول إيما واطسون من مركز "جامعة غلاكسو لأبحاث الفيروسات" في تصريحات لـ"الشرق"، إن البيانات المبكرة تُشير إلى انتشار بمعدلات أعلى في المملكة المتحدة جراء تلك الطفرة، "لكن لا يُمكن بالطبع الوصول إلى بيانات موثوقة من دون إجراء مزيد من الدراسات".
وأضافت أنه "لا يُمكن في تلك الحالة ربط الزيادة في الإصابات، بطفرة حدثت في الفيروس. فربما تكون تلك الزيادة ناجمة عن عدم اتباع إرشادات الوقاية؛ أو الاختيار الخاطئ للتدخلات، وغيرها من الأمور التي يُمكن أن تحدث وتتسبب في زيادة معدلات الإصابة".
وتابعت: "هناك فارق كبير بين انتشار السلالة الفيروسية الجديدة، وقابلية الفيروس نفسه على الانتشار، ففي المدن المزدحمة؛ تكون معدلات نقل الفيروس عالية للغاية؛ ما يسمح للفيروس بنسخ نفسه والانتشار بسرعة".
وتصف واطسون الوضع الحالي بعبارة: "الكثير من التكهنات والقليل من المعلومات".
أكثر فتكاً؟
يقول كليب لارو من كلية الطب في "جامعة ستانفورد" في تصريحه لـ"الشرق"، إن الطفرة الجديدة "لم تُغير من شدة الفيروس"، ولكنه يؤكد أن "لا شيء مستبعداً على الإطلاق".
ويرى لارو أن العالم عليه الانتظار. "لكن؛ وحتى الآن؛ لا يوجد أيّ دليل على أن الطفرات -سواء الإنجليزية أو غيرها- غيرت من معدلات الوفاة أو من خطورة الأعراض". وأضاف أن "معظم الطفرات تضعف الفيروسات ولا تقويها".
وشبّه لارو الطفرة "بالورم السرطاني"، موضحاً أنه "حين تحدث الطفرات عند البشر، ينجم عنها الإصابة بالعديد من الأمراض كالسرطان، وهو أمر يحدث بشكل ما في حالة الفيروسات".
ولفت إلى أنه "في المناطق الساحلية بجنوب إفريقيا اكتسب فيروس كورونا المستجد طفرة تجعل المصابين به يحملون تركيزاً أعلى من الفيروسات في الجهاز التنفسي العلوي"، مضيفاً أن "ذلك الأمر لا يزال تكهناً هو الآخر، فالدراسات لا تزال في بدايتها".
التأثير على اللقاحات
"لا أحد يستطيع الإجابة عن ذلك السؤال"، وفقاً لإيما واطسون، مضيفة أن "التأثير يظل أمراً وارد الحدوث".
وكان رئيس شركة "بيونتيك" التي شاركت في تطوير لقاح "فايزر" أوغور شاهين، قال في تصريحات سابقة، إن "العلم يُخبرنا بفاعلية اللقاح الحالي ضد السلالة الجديدة من الفيروس". لكنه عاد وأكد إمكانية "هندسة لقاح جديد خلال ستة أسابيع يتعامل مع الطفرة الجديدة".
وتعتبر واطسون أن الشركات تملك القدرة على اشتقاق لقاح جديد من اللقاحات القديمة، تكون فعالة مع السلالة الجديدة، لكن "لا يُمكن الشروع في العمل قبل التوصل للنتائج".
وتقول واطسون: "نطور لقاحات دورية لفيروسات أخرى.. الدليل الحالي يُشير إلى فاعلية اللقاحات الحالية ضد السلالة.. لكن المستقبل قد يضطرنا لتعديل اللقاحات بشكل مستمر للقضاء على الفيروسات التي قد تتطفر بشكل موسمي".
مرتبطة بطفرات أخرى؟
ويقول لارو إنه قبل أسابيع ظهرت طفرات المنك في بضع الدول الأوروبية، مستبعداً أن تكون الطفرة الإنجليزية مرتبطة بالطفرات الأخرى، "فمعظم الطفرات تحدث في مجموعات منفصلة، ويميز كل مجموعة نمط مُحدد".
وأوضح أنه "لا يُمكن ربط تلك المجموعة -التي تتميز باحتمالية قدرتها على زيادة الانتشارية- بمجموعة أخرى لها نمط متعلق بالانتقال بين الحيوانات".
حماية أنفسنا
يقول لارو إن الطفرة الجديدة لا تعني إجراءات جديدة بالنسبة للحماية الشخصية. فعلى كل شخص الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وارتداء كمامة الوجه، وغسل اليد باستمرار، وعدم التواجد في التجمعات.
Google News تابعوا أخبار الشرق عبر
Google News
Unexpected