❞ غرض الكتاب
بقلم مصطفى صادق الرافعي
هذه مقالة صرفت فيها وجه الحديث إلى القمر وبعثت إلى الكون في أشعة الفجر كلماتها.
ولقد كان القمر بضيائه كأنه ينبوع يتفجر في نفسي، فكنت أشعر بمعاني هذا الحديث كما يشعر الظمآن للهِف قد بلغ الرِّيَّ وتندى الماء كبده فأحس بروحه تتراجع كأنما تحدرها قطرات الماء.
ونشرتُ على خيوط القمر ليلًا من ليالي الجمال دونه شباب الشاعر الغزِل يمتد مع ألحاظ فاتنتِه الحسناء كلما استطار في آفاقه ابتسامها.
وكنت أرى الطبيعة وقد شفت لعيني كأنها أخرجت حقائقها لتغسلها من ظنون الناس وأوهامهم بهذا ❝
❞ ياء الساكن المرتعد كأنه عَرَقٌ يرفض من جبين السماء وقد تخشَّعت من جلال الله وخشيته إذ يَتَجَلى عليها، فما فرغتُ من تصوير الأثر الذي تركتْه تلك الرؤية في نفسي حتى رأيت هذه المقالة في يدي وكأني أحملها رسالة تعزية من الطبيعة إلى العالم.
كتبتها وأنا أرجو أن تكون الطبيعة قد أوحت إليَّ بقطعة من مناجاة الأنبياء التي كانت تستهل في سكون الليل فيَعِيها كأنه ذاكرة الدهر، وأن تكون قد بثت في ألفاظي صَدَى من تلك النغمات الأولى التي كان يتغنى بها أطفال الإنسانية فتخرج من أفواههم ممزوجة بحلاوة الإيمان الفطري، وتذهب في السماء متهادبة كأنها طائرة بروح من اطمئنان قلوبهم، وتسيل في ضوء الصباح وظل الشمس ونور القمر كأنها في جمال الطبيعة أفكار طيور مغرِّدة تدور على ألسنتها …
… وكتبتها وأنا آمل أن تكون الطبيعة قد ألقت في معانيها بذورًا من عناصر التحول الأخلاقي تزكو في ❝