الموضوع:
الزوار من محركات البحث: 14 المشاهدات : 470 الردود: 0
-
صديق فعال
تاريخ التسجيل: June-2018
الجنس: ذكر
المشاركات: 770 المواضيع: 645
صوتيات:
42
سوالف عراقية:
0
آخر نشاط: منذ 3 أسابيع
بيان حقيقة العصمة والطهارة والإمامة + حقيقة مرض الإمام السجاد يوم واقعة الطف
عصمة النبي محمد وعترته
وطهارتهم من رِّجس النجاسة الماديّة والمعنويّة
*
قَالَ تَعَالَى :
﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ - [سُّورَةُ الرَّحْمَنِ : 1 - 2.]
إنَّ الرَّحْمَن اسمٌ مِنْ اسْمَاءِ اللَّهِ تعالى .
قَالَ تَعَالَى : ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ - [سُّورَةُ الْإِسْرَاءِ : 110.]
والقُرْآنُ هو اسْمٌ من اسْمَاءِ النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :
1- قَالَ تَعَالَى : ﴿الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُّبِينٍ﴾ - [سُّورَةُ الْحِجْرِ : 1.]
2- قَالَ تَعَالَى : ﴿وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ﴾ - [سُّورَةُ يس : 69.]
ومن الواضح من الآيات أنّها قد فرقت بين آيات الكتاب وبين القرآن المبين .
والتي دلّت على أنّ رسول الله هو الذِكر والقُرآن النَاطِقُ المُبين .
والدليل على أنّ النبي هو القرآن المُعلَّم :
قَالَ تَعَالَى : ﴿عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى﴾ - [سُّورَةُ النَّجْمِ : 5.]
عَنْ الْإِمَامِ الرِّضَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
﴿الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآنَ﴾ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : اللَّهُ عَلَّمَ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) .
المصدر :
(تفسير علي بن ابراهيم : ص658و659.)
(البحار : ج24، ص67. وج57، ص283.)
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ أَيْضاً سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ :
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : ذَلِكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ،
عَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيَانَ كُلِّ شَيْءٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ النَّاسُ .
المصدر : (البحار : ج36، ص164.)
فأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه) أيضاً قُرآن الله الناطق المُبين . وكيف لا يكون ذلك وهو ابن عمِّ نبي الله وأخاه بل نفسه بنص آية المباهلة المباركة : قَالَ تَعَالَى : ﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ - [سُّورَةُ آلَ عِمْرَانَ : 61.]
وهو القائل (صلوات الله عليه) : أَنَا دَمِي دَمُ رَسُولِ اللَّهِ ، وَلَحْمِي لَحْمُهُ ، وَعَظْمِي عَظْمُهُ ، وَعِلْمِي عِلْمُهُ ، وَحَرْبِي حَرْبُهُ ، وَسِلْمِي سِلْمُهُ ، وَأَصْلِي أَصْلُهُ ، وَفَرْعِي فَرْعُهُ ، وَبَحْرِي بَحْرُهُ ، وَجَدِّي جَدُّهُ . أَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ كَالضَّوْءِ مِنَ الضَّوْءِ . أَنَا دَاعِيكُمْ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ رَبِّكُمْ ، وَمُرْسِلُكُمْ إِلَى فَرَائِضِ دِينِكُمْ ، وَدَلِيلُكُمْ إِلَى مَا يُنْجِيكُمْ . أَنَا خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فِيكُمْ ، وَمُقِيمُكُمْ عَلَى حُدُودِ دِينِكُمْ (وَنَبِيِّكُمْ) ، وَدَاعِيكُمْ إِلَى جَنَّةِ الْمَأْوَى . أَنَا صِنْوُ رَسُولِ اللَّهِ ، وَالسَّابِقُ إِلَى الْإِسْلَامِ ، وَكَاسِرُ الْأَصْنَامِ وَمُجَاهِدُ الْكُفَّارِ ، وَقَامِعُ الْأَضْدَادِ . أَنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ وَمَعِي عِتْرَتَهُ عَلَى الْحَوْضِ ، فَلْيَأْخُذْ أَحَدُكُمْ بِقَوْلِنَا وَلِيَعْمَلْ بِعَمَلِنَا . أَنَا صَاحِبُ عِلْمِهِ وَالْمُفْنِي عَنْهُ غَمَّهُ . أَنَا الْمُنَفِّسُ عَنْهُ كَرْبَهُ . أَنَا زَوْجُ فَاطِمَةَ بِنْتِ مُحَمَّدٍ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ . أَنَا أَبُو شَبَّرَ وَشَبِيرٍ . أَنَا غَاسِلُ رَسُولِ اللَّهِ وَمُدْرِجُهُ فِي الْأَكْفَانِ وَدَافِنُهُ . (عيون الحكم والمواعظ لعلي بن محمد الليثي الواسطي : ص165، عن كتاب غُرَرُ الحِكم ودُرَرُ الكلِم.)
عَلِيٌّ الَّذِي ضَرَبَ بِسَيْفَيْنِ وَطَعَنَ بِرُمْحَيْنِ وَصَلَّى الْقِبْلَتَيْنِ وَبَايَعَ الْبَيْعَتَيْنِ وَهَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ وَلَمْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ . هُوَ مَوْلَى صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ وَوَارِثِ النَّبِيِّينَ وَخَيْرِ الْوَصِيِّينَ وَأَكْبَرِ الْمُسْلِمِينَ وَيَعْسُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَنُورِ الْمُجَاهِدِينَ وَرَئِيسِ الْبَكَّاءِينَ وَزَيْنِ الْعَابِدِينَ وَسِرَاجِ الْمَاضِينَ وَضَوْءِ الْقَائِمِينَ وَأَفْضَلِ الْقَانِتِينَ وَلِسَانِ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَوَّلِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ آلِ يس . الْمُؤَيَّدِ بِجَبْرَئِيلَ الْأَمِينِ وَالْمَنْصُورِ بِمِيكَائِيلَ الْمَتِينِ وَالْمَحْمُودِ عِنْدَ أَهْلِ السَّمَاءِ أَجْمَعِينَ . سَيِّدِ الْمُسْلِمِينَ وَالسَّابِقِينَ وَقَاتِلِ النَّاكِثِينَ وَالْمَارِقِينَ وَالْقَاسِطِينَ وَالْمُحَامِي عَنْ حَرَمِ الْمُسْلِمِينَ . مُجَاهِدِ أَعْدَائِهِ النَّاصِبِينَ وَمُطْفِئِ نَارِ الْمُوقِدِينَ وَأَفْخَرِ مَنْ مَشَى مِنْ قُرَيْشٍ أَجْمَعِينَ وَأَوَّلِ مَنْ أَجَابَ وَاسْتَجَابَ لِلَّهِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ . وَصِيِّ نَبِيِّهِ فِي الْعَالَمِينَ وَأَمِينِهِ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ وَخَلِيفَةِ مَنْ بُعِثَ إِلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ... (البحار : ج42، ص133، عن الإختصاص. مُقتبس من أوصاف قنبر (رضي الله عنه) مولى أمير المؤمنين علي عليه السلام.)
-------
ولكثرة العِلْمِ وشِدَّتِه الذي علّمه الله تعالى لحبيبه المصطفى ؛
صار النبيُّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) راسخاً في العلْمِ :
قَالَ تَعَالَى : ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ - [سُّورَةُ آلَ عِمْرَانَ : 7.]
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : يَعْنِي تَأْوِيلَ الْقُرْآنِ كُلِّهِ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ، فَرَسُولُ اللَّهِ أَفْضَلُ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ ، قَدْ عَلَّمَهُ اللَّهُ جَمِيعَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنْزِيلِ وَالتَّأْوِيلِ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُنْزِلًا عَلَيْهِ شَيْئاً لَمْ يُعَلِّمْهُ تَأْوِيلَهُ ، وَأَوْصِيَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ يَعْلَمُونَهُ كُلَّهُ . فَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مَا نَقُولُ إِذَا لَمْ نَعْلَمْ تَأْوِيلَهُ ، فَأَجَابَهُمُ اللَّهُ : ﴿يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدَ رَبِّنا﴾ . وَالْقُرْآنُ لَهُ خَاصٌّ وَعَامٌّ وَنَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ وَمُحْكَمٌ وَمُتَشَابِهٌ ، فَالرَّاسِخُونُ فِي الْعِلْمِ يَعْلَمُونَهُ .
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّمَا نَحْنُ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَعَدُوُّنَا الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، وَشِيعَتُنَا أُولُو الْأَلْبَابِ .
وَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ :
﴿بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ .
وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
نَحْنُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ .
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) ،
وَالْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) .
المصدر :
(الكافي : ج1، ص213،212.)
و(البحار : ج89, ص92.)
-------
فالنبي محمدٌ وعترته (صلّى الله عليهم وسلّم) لا ينسون أبداً ؛ لأنّ الرسوخ نقيضٌ للنسيان . أما بالنسبة لهذه الآية : ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ﴾ ، فهذه لا تنطبق على شخص النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أبداً ، وإنّما تنطبق فقط على أُمّة النبي محمد أي تنطبق على المسلمين والمؤمنين ؛ لأنّ النبي محمد وعترته راسخون ، وإنّ معنى الرسوخ الثبات ، أي ثبت الشيء في الذهن ؛ ولأنّ القرآن الكريم كتاب تذكرة للمتقين : ﴿وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ﴾ - [سُّورَةُ الْحَاقَّةِ : 48.] وَقَالَ تَعَالَى : ﴿كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ - [سُّورَةُ الْأَعْرَافِ : 2.]
وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ نَبِيَّهُ بِإِيَّاكِ أَعْنِي وَاسْمَعِي يَا جَارَهْ .
المصدر : (البحار : ج17، ص83.)
فالخطاب وإن كان موجهاً للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ،
إلّا أنّ المقصود منه الأُمة أي المسلمين يخاطبهم الله تعالى .
قَالَ تَعَالَى : ﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾ - [سُّورَةُ الزُّمَرِ : 23.] المقصود بـ(كِتَابًا مُتَشَابِهًا) : يعني يشبه بعضه بعضاً ويصدّق بعضه بعضاً ويدلّ بعضه على بعض . والمقصود بـ(مَثَانِيَ) : يعني تُثنى فيه الأنباء والأخبار والقضاء والأحكام والحجج .
عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) قَالَ : تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ ، وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ ، وَأَحْسِنُوا تِلَاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَصِ . وَإِنَّ الْعَالِمَ الْعَامِلَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ كَالْجَاهِلِ الْحَائِرِ الَّذِي لَا يَسْتَفِيقُ مِنْ جَهْلِهِ ! بَلِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِ أَعْظَمُ وَالْحَسْرَةُ لَهُ أَلْزَمُ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ أَلْوَمُ .
المصدر : (نهج البلاغة : ص164.)
وَعَنْهُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) قَالَ :
نَزَلَ الْقُرْآنُ أَثْلَاثاً .
ثُلُثٌ فِينَا وَفِي عَدُوِّنَا ،
وَثُلُثٌ سُنَنٌ وَأَمْثَالٌ ،
وَثُلُثٌ فَرَائِضُ وَأَحْكَامٌ .
وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ .
رُبُعٌ حَلَالٌ وَرُبُعٌ حَرَامٌ ،
وَرُبُعٌ سُنَنٌ وَأَحْكَامٌ ،
وَرُبُعٌ خَبَرُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ وَنَبَأُ مَا يَكُونُ بَعْدَكُمْ وَفَصْلُ مَا بَيْنِكُمْ .
المصدر : (الكافي : ج2, ص627.)
*
أما الدليل على عِصمتهم (صلّى الله عليهم وسلّم) :-
العصمة تعني الحِفظ والوقاية ؛ لأنّ عَصَمَ تعني حَفِظَ ووقى .
بالنسبة إلى مفهوم "الحِفظ" من معنى العِصمة :
يعني أنّ المعصوم قد وصل إلى مرتبة من العلم لا يقع فيه اختلاف وعصم نفسه به عن الخطأ وعن معصية الله ، وقد علم حقيقة المعصية وما يوجب سخط الله بها ، وهي ثابتة لا تتغيّر لديه ، وهي معنى الرسوخ .
قَالَ تَعَالَى : ﴿وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى * عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى﴾ - [سُّورَةُ النَّجْمِ : 1 - 18.]
فنبينا محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يضلّ أبداً عن جادّة الصواب ولم ينحرف أبداً عن طريق الحق وما حادّ عن أوامر السماء وما صار غويًّا ولم يتكلم بما لا يرضي الله أبداً وفؤاد قلبه لم يكذب قط ! بل قد نزل الروح الأمين على قلبه : ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ - [سُّورَةُ الشُّعَرَاءِ : 193 - 194.] وقد قاب النبيُّ قوسين أو أدنى من الدرجات العاليّة الرفيعة الإلهية وأوطأه الله مشارق الأرض ومغاربها وعرج به إلى السماوات عند سدرة المنتهى . فما زاغ قلبه عن الحقّ قط ، إن هو إلّا رشيدٌ راسخٌ مُعلّمٌ من شديد القوى يوحى إليه كل شيء ، وذكرٌ وقرآنٌ ناطقٌ مبينٌ .
أما بالنسبة إلى مفهوم "الوقاية" من معنى العِصمة :
تعني صيانة وحماية نظام الدين ، والمتجسدة كُليًّا في الرسول وولي الأمر .
قَالَ تَعَالَى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ - [سُّورَةُ النِّسَاءِ : 59.]
فلقد ساوت هذه الآية الكريمة طاعة ولي الأمر بالرسول وطاعة الرسول بالله تعالى .
وهذا يعني أنّ الله تعالى يأمر المسلمين باتباع الرسول وأولي الأمر من بعدهم ، ولا يجوز أبداً أن يوجب الله طاعة أحد على الإطلاق إلّا من ثبتت عصمته وعلم أنّ باطنه كظاهره وأمن منه الغلط والأمر بالقبيح . فلو كان ولي الأمر غير معصوماً لكان غير راسخاً في العلم ولصدرت منه الهفوات والزلّات والمنكرات ، وحاشا لله تعالى أن يأمر الناس باتباع ولي أمرٍ جائرٍ مشكوكٍ في أمره . وقد يقول قائل أنّ الله تعالى لم يذكر الرجوع إلى ولي الأمر عند الاختلاف ، فنجيبه : قَالَ تَعَالَى : ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ﴾ - [سُّورَةُ النِّسَاءِ : 83.]
قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) :
فَرَضَ تَعَالَى عَلَى الْأُمَّةِ طَاعَةَ وُلَاةِ أَمْرِهِ الْقُوَّامِ لِدِينِهِ ، كَمَا فَرَضَ عَلَيْهِمْ طَاعَةَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَ : ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ . ثُمَّ بَيْنَ مَحَلَّ وُلَاةِ أَمْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِتَأْوِيلِ كِتَابِهِ فَقَالَ عَزَّ وَجَلَ : ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ ، وَعَجْزَ كُلِّ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ عَنْ مَعْرِفَةِ تَأْوِيلِ كِتَابِهِ غَيْرِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ هُمُ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ الْمَأْمُونُونَ عَلَى تَأْوِيلِ التَّنْزِيلِ . (البحار : ج90, ص23.)
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) قَالَ :
احْذَرُوا عَلَى دِينِكُمْ ثَلَاثَةً ، رَجُلًا قَرَأَ الْقُرْآنَ حَتَّى إِذَا رَأَيْتَ عَلَيْهِ بَهْجَتَهُ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ عَلَى جَارِهِ وَرَمَاهُ بِالشِّرْكِ .
فَقِيلَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيُّهُمَا أَوْلَى بِالشِّرْكِ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) : الرَّامِي .
وَرَجُلًا اسْتَخَفَّتْهُ الْأَكَاذِيبُ ، كُلَّمَا أَحْدَثَ أُحْدُوثَةَ كَذِبٍ مَدَّهَا بِأَطْوَلَ مِنْهَا . وَرَجُلًا آتَاهُ اللَّهُ سُلْطَاناً ، فَزَعَمَ أَنَّ طَاعَتَهُ طَاعَةُ اللَّهِ وَمَعْصِيَتَهُ مَعْصِيَةُ اللَّهِ ، وَكَذَبَ لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ . لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَخْلُوقُ حُبُّهُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَلَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَتِهِ وَلَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِوُلَاةِ الْأَمْرِ (عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) ، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَةِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ مُطَهَّرٌ لَا يَأْمُرُ بِمَعْصِيَتِهِ ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِطَاعَةِ أُولِي الْأَمْرِ لِأَنَّهُمْ مَعْصُومُونَ مُطَهَّرُونَ لَا يَأْمُرُونَ بِمَعْصِيَتِهِ .
المصدر : (الوسائل : ج27، ص129. عن الخصال.)
وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
يَا مَعْشَرَ الْأَحْدَاثِ ، اتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَأْتُوا الرُّؤَسَاءَ دَعُوهُمْ حَتَّى يَصِيرُوا أَذْنَاباً ..
لَا تَتَّخِذُوا الرِّجَالَ وَلَائِجَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ..
أَنَا وَاللَّهِ أَنَا وَاللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْهُمْ .!
ثُمَّ ضَرَبَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ .
المصدر : (الغيبة للنعماني : ص246، عن تفسير العياشي.)
المصدر : (الكافي : ج1، ص53.)
وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
﴿أَطِيعُوا اللّٰهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : أُولِي الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ .
فَقِيلَ : أَخَاصٌّ أَوْ عَامٌّ ؟ قَالَ خَاصٌّ لَنَا .
المصدر : (الوسائل : ج27، ص136.)
وَعَنْ الْإِمَامِ الْكَاظِمِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :
﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ﴾ ؟
قَالَ : يَعْنِي مَنِ اتَّخَذَ دِينَهُ رَأْيَهُ بِغَيْرِ إِمَامٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْهُدَى .
المصدر : (الكافي : ج1، ص374.)
-------
يتبيّن أنّ الله تعالى قد أمر الله بطاعة أولي الأمر بعد الرسول ،
وهم عترة النبي محمد (صلّى الله عليهم وسلّم) الذين أمر الله بطاعتهم .
والذين قد أوصى النبي باتباعهم في حياته وقبل استشهاده عندما طلب صحيفة ودواة ليكتب للأُمّة كتاباً لا تضل بعده أبداً والتي لو طُبِقتْ لانتعشت الأُمّة وانتصرت نصراً عظيماً وعاشت حياةً طيبة رغيدة و﴿لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ - [سُّورَةُ الْمَائِدَةِ : 66.] ولكن عمر بن الخطاب أبى عن أمر الرسول وقال (إنّه ليهجر!) .
ذَلِكَ لأنّ الوصيّة عقيدة قرآنية أمر الله تعالى عباده أن يكتبوها إذا حضرت وفاتهم :
قَالَ تَعَالَى : ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ - [سُّورَةُ الْبَقَرَةِ : 180.] وَقَالَ تَعَالَى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ﴾ - [سُّورَةُ الْمَائِدَةِ : 106.]
وهي من كمال الأعمال الصالحة المُهِمّة بعد الوفاة وحاشا للنبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أن لا يكتب وصيّة بعد وفاته ، فإنّ من صفات المنافقين عدم الاعتراف وكتابة الوصيّة بعد موتهم ، وذلك لقوله تعالى : ﴿فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ - [سُّورَةُ يس : 50.]
حديث وصية اتباع الأئمة الاثنا عشر :-
1- صحيح البخاري - كتاب الأحكام - باب الاستخلاف - الجزء : ( 8 ) - رقم الصفحة : ( 127 ) : 6796 - حدثني : محمد بن المثنى ، حدثنا : غندر ، حدثنا : شعبة ، عن عبد الملك : سمعت جابر ابن سمرة ، قال : سمعت النبي (ص) ، يقول : يكون اثنا عشر أميرا ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : أنه قال : كلهم من قريش.
2- صحيح مسلم - كتاب الإمارة - باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش - الجزء : ( 6 ) - رقم الصفحة : ( 3 ) : 1821 - حدثنا : قتيبه بن سعيد ، حدثنا : جرير ، عن حصين ، عن جابر ابن سمرة ، قال : سمعت النبي (ص) ، يقول ، ح وحدثنا : رفاعة بن الهيثم الواسطي ، واللفظ له ، حدثنا : خالد - يعني ابن عبد الله الطحان - عن حصين ، عن جابر ابن سمرة ، قال : دخلت مع أبي على النبي (ص) فسمعته ، يقول : إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة ، قال : ثم تكلم بكلام خفي علي ، قال : فقلت لأبي : ما قال : قال : كلهم من قريش.
3- أحمد بن حنبل - مسند الامام أحمد بن حنبل - مسند المكثرين من الصحابة - مسند عبد الله بن مسعود (ر) - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 398 ) : 3772 - حدثنا : حسن بن موسى ، حدثنا : حماد بن زيد ، عن المجالد ، عن الشعبي ، عن مسروق ، قال : كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله (ص) كم تملك هذه الأمة من خليفة ، فقال عبد الله بن مسعود : ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ، ثم قال : نعم ، ولقد سألنا رسول الله (ص) ، فقال : اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل.
حديث وصية اتباع الأئمة الاثنا عشر من كتب الشيعة :-
4- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قِيلَ لَهُ : يَا مُحَمَّدُ فَأَخْبِرْنِي عَنْ وَصِيِّكَ مَنْ هُوَ ؟ فَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَلَهُ وَصِيٌّ وَإِنَّ نَبِيَّنَا مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ أَوْصَى إِلَى يُوشَعَ بْنِ نُونٍ .
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : نَعَمْ ! إِنَّ وَصِيِّي وَالْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَبَعْدَهُ سِبْطَايَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ تَتْلُوهُ تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ أَئِمَّةٌ أَبْرَارٌ .
فَقِيلَ : يَا مُحَمَّدُ فَسَمِّهِمْ لِي !
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : نَعَمْ ! إِذَا مَضَى الْحُسَيْنُ فَابْنُهُ عَلِيٌّ ، فَإِذَا مَضَى عَلِيٌّ فَابْنُهُ مُحَمَّدٌ ، فَإِذَا مَضَى مُحَمَّدٌ فَابْنُهُ جَعْفَرٌ ، فَإِذَا مَضَى جَعْفَرٌ فَابْنُهُ مُوسَى ، فَإِذَا مَضَى مُوسَى فَابْنُهُ عَلِيٌّ ، فَإِذَا مَضَى عَلِيٌّ فَابْنُهُ مُحَمَّدٌ ، فَإِذَا مَضَى مُحَمَّدٌ فَابْنُهُ عَلِيٌّ ، فَإِذَا مَضَى عَلِيٌّ فَابْنُهُ الْحَسَنُ ، فَإِذَا مَضَى الْحَسَنُ فَبَعْدَهُ ابْنُهُ الْحُجَّةُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، فَهَذِهِ اثْنَا عَشَرَ إِمَاماً عَلَى عَدَدِ نُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ .
فَقِيلَ : فَأَيْنَ مَكَانُهُمْ فِي الْجَنَّةِ ؟
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : مَعِي فِي دَرَجَتِي .
5- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) يَقُولُ :
الْأَئِمَّةُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ ، تِسْعَةٌ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ وَالتَّاسِعُ مَهْدِيُّهُمْ .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى اطَّلَعَ إِلَى الْأَرْضِ اطِّلَاعَةً ، فَاخْتَارَنِي مِنْهَا فَجَعَلَنِي نَبِيّاً , ثُمَّ اطَّلَعَ الثَّانِيَةَ فَاخْتَارَ مِنْهَا عَلِيّاً فَجَعَلَهُ إِمَاماً , ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَتَّخِذَهُ أَخاً وَوَصِيّاً وَخَلِيفَةً وَوَزِيراً , فَعَلِيٌّ مِنِّي وَأَنَا مِنْ عَلِيٍّ , وَهُوَ زَوْجُ ابْنَتِي وَأَبُو سِبْطَيَّ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ، أَلَا وَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَنِي وَإِيَّاهُمْ حُجَجاً عَلَى عِبَادِهِ ، وَجَعَلَ مِنْ صُلْبِ الْحُسَيْنِ أَئِمَّةً يَقُومُونَ بِأَمْرِي وَيَحْفَظُونَ وَصِيَّتِي ، التَّاسِعُ مِنْهُمْ قَائِمُ أَهْلِ بَيْتِي وَمَهْدِيُّ أُمَّتِي ، أَشْبَهُ النَّاسِ بِي فِي شَمَائِلِهِ وَأَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ ، لَيَظْهَرُ بَعْدَ غَيْبَةٍ طَوِيلَةٍ وَحَيْرَةٍ مُضِلَّةٍ ، فَيُعْلِي أَمْرَ اللَّهِ وَيُظْهِرُ دِينَ اللَّهِ وَيُؤَيَّدُ بِنَصْرِ اللَّهِ وَيُنْصَرُ بِمَلَائِكَةِ اللَّهِ ، فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلًا كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً .
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ :
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَمِ الْأَئِمَّةُ بَعْدَكَ ؟
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : بِعَدَدِ حَوَارِيِّ عِيسَى وَأَسْبَاطِ مُوسَى وَنُقَبَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَمْ كَانُوا ؟ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ . وَالْأَئِمَّةُ بَعْدِي اثْنَا عَشَرَ ، أَوَّلُهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَبَعْدَهُ سِبْطَايَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ ، فَإِذَا انْقَضَى الْحُسَيْنُ فَابْنُهُ عَلِيٌّ ، فَإِذَا مَضَى عَلِيٌّ فَابْنُهُ مُحَمَّدٌ ، فَإِذَا انْقَضَى مُحَمَّدٌ فَابْنُهُ جَعْفَرٌ ، فَإِذَا انْقَضَى جَعْفَرٌ فَابْنُهُ مُوسَى ، فَإِذَا انْقَضَى مُوسَى فَابْنُهُ عَلِيٌّ ، فَإِذَا انْقَضَى عَلِيٌّ فَابْنُهُ مُحَمَّدٌ ، فَإِذَا انْقَضَى مُحَمَّدٌ فَابْنُهُ عَلِيٌّ ، فَإِذَا انْقَضَى عَلِيٌّ فَابْنُهُ الْحَسَنُ ، فَإِذَا انْقَضَى الْحَسَنُ فَابْنُهُ الْحُجَّةُ .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَسَامِي مَا أَسْمَعُ بِهِمْ قَطُّ !
قَالَ لِي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، هُمُ الْأَئِمَّةُ بَعْدِي ، وَإِنِ قُهِرُوا أُمَنَاءُ مَعْصُومُونَ نُجَبَاءُ أَخْيَارُ . يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، مَنْ أَتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَارِفاً بِحَقِّهِمْ أَخَذْتُ بِيَدِهِ فَأُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ . يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، مَنْ أَنْكَرَهُمْ أَوْ رَدَّ وَاحِداً مِنْهُمْ فَكَأَنَّمَا قَدْ أَنْكَرَنِي وَرَدَّنِي ، وَمَنْ أَنْكَرَنِي وَرَدَّنِي فَكَأَنَّمَا أَنْكَرَ اللَّهَ وَرَدَّهُ . يَا ابْنَ عَبَّاسٍ ، سَوْفَ يَأْخُذُ النَّاسُ يَمِيناً وَشِمَالًا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَاتَّبِعْ عَلِيّاً وَحِزْبَهُ ، فَإِنَّهُ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَهُ وَلَا يَفْتَرِقَانِ حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الْحَوْضَ . يَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَلَايَتُهُمْ وَلَايَتِي وَوَلَايَتِي وَلَايَةُ اللَّهِ ، وَحَرْبُهُمْ حَرْبِي وَحَرْبِي حَرْبُ اللَّهِ ، وَسِلْمُهُمْ سِلْمِي وَسِلْمِي سِلْمُ اللَّهِ . ثُمَّ قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : ﴿يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ﴾ .
المصدر : (البحار : ج36، ص282-284، عن كفاية الأثر.)
-------
ولقد أوصى النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قبلها في يوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة المصادف يوم الخميس ، لدى رجوع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حجة الوداع في مكان يسمى بـ"غدير خم" . حيث أمر الله تعالى أن يخبر الناس بولاية ابن عمه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ، فتخوّف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقولوا حابى ابن عمه وأن يطعنوا في ذلك عليه .
فأوحى الله تعالى إليه :
قَالَ تَعَالَى : ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾ - [سُّورَةُ الْمَائِدَةِ : 67.]
فقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذ بيده وقال :
« مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ
وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ » .
وبدوره أوصى الإمام علي (أمير المؤمنين) باتباع الإمام الحسن ،
وأوصى الإمام الحسن (المجتبى) باتباع الإمام الحسين (الشهيد) .
وأوصى الإمام الحسين باتباع الإمام علي (السجاد) .
وأوصى علي (السجاد) باتباع الإمام محمد (الباقر) .
وأوصى محمد (الباقر) باتباع الإمام جعفر (الصادق) .
وأوصى جعفر (الصادق) باتباع الإمام موسى (الكاظم) .
وأوصى موسى (الكاظم) باتباع الإمام علي (الرضا) .
وأوصى علي (الرضا) باتباع الإمام محمد (الجواد) .
وأوصى محمد (الجواد) باتباع الإمام علي (الهادي) .
وأوصى علي (الهادي) باتباع الإمام الحسن (العسكري) .
وأوصى الحسن (العسكري) باتباع الإمام محمد (المهدي) .
هذا ومن يقول أنّه لا توجد حُجّة بعد الرسل ، فنجيبه : بغض النظر عن تنصيب النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) صهره وابن عمّه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) "حُجَّةً" وخليفةً للناس في غدير خُم ونزول آية الولاية والطهارة والتبليغ وغيرها ...
إلّا أنَّ معنى الحُجَّة التي ذكرتها الآية 165 من سورة النساء :
﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ .
ليست بمعناها الحُجّة الماديّة ! وإنّما تعني هذه الأمور :
1- دليل وبُرْهان .
2- رأيٌ مدعوم بالأَدِلَّة لإثبات صحَّته .
3- سبب للتَّخلُّص من واجِب ، عُذر .
فالله تعالى ارسل الرُّسل مبشرين ومنذرين حتى لا يكون للناس حُجَّة أو عُذر للتهرب من الواجبات الإلهية وحتى لا يحتجّون على الله تعالى يوم القيامة ، فقطع تعالى عُذرهم واعتذارهم بإرساله إليهم رسله .
والدليل على ذلك هذه الآية الكريمة | قَالَ تَعَالَى :
﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي﴾ .
[سُّورَةُ الْبَقَرَةِ : 150.]
-------
هذا ومن لا يعرف الأئمة من بعد النبي محمد
يموت ميتة جاهلية ويكون مُنكِراً لدين الله تعالى .
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال :
من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية . (مسند أحمد : ج4 ص 96 ح 16922 (ح 16434) ، ومجمع الزوائد للهيثمي : ج5 ص 218 ، والإحسان بترتيب صحيح إبن حبان : ج7 ص 49 ، وحلية الأولياء : ج3 ص 224 ، ومسند الطياليسي : ج1 ص 259 ح 1913 ، وكنز العمال : ج1 ص 103 ح 464 ، وكتاب السنة للألباني ص 489 حديث 1057 إسناده حسن ورجاله ثقة) .
وأنّ هذا الحديث الشريف يوافق القرآن الكريم :
قَالَ تَعَالَى : ﴿يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا * وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلًا﴾ - [سُّورَةُ الإسْرَاءِ : الآيَات : مِنْ 71 إِلَى 72.] وقد يحاول بعض الناس حمل الإمام في الآية الشريفة على النبي وأنّ المراد أن أُمة كل نبي تُدعى معه ، لكنه مخالف لظاهر إطلاق الإمام في الآية الكريمة ، فإنّ الإمام في عرف المسلمين من يأتم الإنسان به في أمر دينه ودنياه ويطيعه في أموره ، والنبي إمام لأهل زمانه من أمته ، أما بعد وفاته فلابد من شخص آخر يكون لهم إماماً مطاعاً فيهم . وبالخصوص أنه تعالى توعد لمن تخلف عن إمام زمانه بموت الجاهلية وبالضلال والعمى في الآخرة .
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
لَمَّا أُنْزِلَتْ ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ﴾ قَالَ الْمُسْلِمُونَ :
يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَسْتَ إِمَامَ النَّاسِ كُلِّهِمْ أَجْمَعِينَ ؟
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ أَجْمَعِينَ ، وَلَكِنْ سَيَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي مِنَ اللَّهِ ، يَقُومُونَ فِي النَّاسِ فَيُكَذِّبُونَهُمْ وَيَظْلِمُهُمْ أَئِمَّةُ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ وَأَشْيَاعُهُمْ ، أَلَا فَمَنْ وَالاهُمْ وَاتَّبَعَهُمْ وَصَدَّقَهُمْ فَهُوَ مِنِّي وَمَعِي وَسَيَلْقَانِي ، أَلَا وَمَنْ ظَلَمَهُمْ وَأَعَانَ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَكَذَّبَهُمْ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَا مَعِي وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ .
وَعَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَعَلِيٌّ إِمَامُكُمْ ، وَكَمْ مِنْ إِمَامٍ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَلْعَنُ أَصْحَابَهُ وَيَلْعَنُونَهُ . نَحْنُ ذُرِّيَّةُ مُحَمَّدٍ وَأُمُّنَا فَاطِمَةُ (صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِا) ، وَمَا آتَى اللَّهُ أَحَداً مِنَ الْمُرْسَلِينَ شَيْئاً إِلَّا وَقَدْ آتَاهُ مُحَمَّداً (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كَمَا آتَى مَنْ قَبْلَهُ .
ثُمَّ تَلَا : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً﴾ .
المصدر : (البحار : ج24، ص265. عن المحاسن.)
-------
حيث أنّه لا سلطان لإبليس اللعين في التحكم بالمعصوم مُطلقاً : قَالَ تَعَالَى : ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾ - [سُّورَةُ ص : 82 - 83.]
فالنبي محمد وعترته قد أخلصوا نفوسهم وعقولهم وأرواحهم وأجسامهم لله تعالى ، فلم يتركوا مجالاً لإبليس اللعين يتلاعب بمشاعرهم ومداركهم وقلوبهم وعقولهم وأجسامهم طيلة حياتهم ومن دون انقطاعٍ أو تراخٍ .وبشهادة المسلمين وحتى الكثير من النصارى واليهود الكفار اعترفوا أنّ النبي محمداً وعترته كانوا أئمةً عُلماءَ حُلماءَ عُظماءَ لا تأخذهم الأهواء ولا يتبعون الشهوات .
فلابُدّ من الاعتقاد المُطلق بعصمة النبي محمد ؛ لأنّه القرآن الناطق الأمين على القرآن الصامت المكتوب ، فضلاً عن أنّهُ طاهرٌ مطهّرٌ من الرجس تطهيراً وكذلك عترته (صَلّى الله عليهم وسلّم) ، والرِّجسُ هو أقذر وأخسُّ النجاسات الماديّة والمعنويّة ، وبشهادة القاسي والداني من المسلمين وحتى الكثير من اليهود والنصارى اعترفوا بأحقيّة النبي محمد وعترته (صَلّى الله عليهم وسلّم) ، وأنّهم كانوا أئمةً عُلماءَ حُلماءَ لا تأخذهم الأهواء ولا يتبعون الشهوات . ولو كانت في القرآن الناطق المُبين خلّة أو زلّة أو ذنبٌ (وحاشاه النبي الأعظم من ذلك) لانتفت عصمة القرآن الصامت المكتوب وصار محرفاً وناقصاً .
قَالَ تَعَالَى : ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ - [سُّورَةُ الْوَاقِعَةِ : 77 - 79.]
والمس أعمُّ من لمس المتوضئ لكلمات القرآن بيده ؛ بل المسّ يشمل الإطلاع الكامل على حقيقة معانيه وأسراره وهو أمرٌ لا يتيسر إلّا للنبي محمد وعترته لأنّهم طاهرون مُطهرون من الرّجس تطهيراً . ومن الأدلة على ذلك هي آية التطهير المباركة : قَالَ تَعَالَى : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ - [سُّورَةُ الْأَحْزَابِ : 33.]
حيث نفت هذه الآية الرجس عنهم بشكل مبالغ جداً وذلك بوجوهٍ عدّة :
1- (إنّما) الدال على الحصر والتأكيد .
2- لام التأكيد في (ليذهب) .
3- لفظ (الإذهاب) الدال على الإزالة بالكلية .
4- التعريف بلام الجنس الذي يستلزم نفيه نفي جميع جزئياته .
5- الإتيان بالمضارع الدال على الاستمرار .
6- تقديم الظرف على المفعول الدال على كمال العناية والاختصاص .
7- النداء على وجه الاختصاص والإتيان بالمصدر تأكيداً .
جاء في صحيح مسلم (ج4، ص1883، ح2424، طبعة بيروت) بالإسناد إلى صفية بنت شيبة قالت : خرج النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) غداة وعليه مِرْط (كساء من صوف أو خزّ أو كتان يؤتزر به ) مرحّل (ضرب من برود اليمن) من شعر أسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ، ثم جاء الحسين فدخل معه ، ثم جاءت فاطمة فأدخلها ، ثم جاء علي فأدخله ، ثم قال : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ .
وفي مسند أحمد بن حنبل ، عن أم سلمة أن النبي (صلَّى الله عليه وآله وسلّم) كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة فيها خزيرة (حساء من لحم ودقيق) فدخلت بها عليه فقال لها : إدعي زوجك وابنيك ، قالت : فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء خيبري - قالت - وأنا أصلي في الحجرة ، فأنزل الله عَزَّ وجَلَّ هذه الآية : ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ، ثم أخرج يده فألوى بها السماء ثم قال :
اللَّهمَّ هَؤلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي ، فَأذْهِبْ عَنْهمُ الرِّجسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيراَ .
قالت أمُّ سلمةَ : وأنا معَهُم يا نبيَّ اللَّهِ ؟
قالَ (ص) : أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ على خيرٍ .
وهناك أحاديث عديدة بصيغٍ مختلفة بهذا المضمون حول آية التطهير :
الترمذي : أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة المتوفى سنة : 279 هجرية في صحيحه : 4 / 351 حديث 3205 ، طبعة : دار الكتاب العربي/ بيروت . والحاكم الحسكاني : عبيد الله بن عبد الله بن أحمد ، من أعلام القرن الخامس الهجري ، في كتابه شواهد التنزيل : 2 / 13 ، طبعة : منشورات الأعلمي بيروت . والحاكم النيسابوري : أبو عبد الله محمد بن محمد المتوفى سنة : 405 هجرية في كتابه المستدرك على الصحيحين : 3 / 146 و147 ، طبعة : دار المعرفة / بيروت . وابن الأثير : عز الدين بن الأثير أبي الحسن علي بن محمد الجزري المتوفى سنة : 630 هجرية في كتابه أسد الغابة : 7 / 343 ، طبعة دار الكتب العلمية / بيروت . والواحدي : أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري المتوفى سنة : 468 هجرية في كتابه : أسباب النزول : 203 ، طبعة المكتبة الثقافية / بيروت . والعسقلاني : ابن حجر المتوفى سنة : 852 هجرية في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة : 4 /568 ، طبعة دار الجيل / بيروت .
-------
ولقد ذُكِرَ "الرجس" فِي القُرآن الكريم 9 مرات في مواضع مختلفة من الآيات :
مضمونها الخمر وهو كل مسكر . والأنصاب وهي أشياء كانوا في الجاهلية ينصبونها يذبحون عندها لأصنامهم . والأزلام وهي أشياء كانوا في الجاهلية يستقسمون بها لحاجاتهم يكتب عليها : افعل لا تفعل غفل ، وهي كالنرد تماماً . والميسر فهو القمار المعروف . وضيق الصدر عن الإيمان والضيق عن العلم واليقين . والحيوانات الميتة والمسفوحة والدم ولحم الخنزير وما أُهِلَ به لغير الله وكل طعام حرام . والغضب الإلهي والعذاب . وجهنم . والأصنام وعبادة الأوثان. والآثام والخطايا ومن الخبائث في البواطن والاعتقاد . ومرض القلوب . والكفر وميتتة الكفر . وقول الزور . والبغي بغير الحق . والفواحش ما ظهر منها وما بطن .
وهذا يعني أنّ الله تعالى قد أذهب عنهم جميع تلك الأفعال والصفات الخاصة بــ"الرجس" . لقد خصّهم الله هؤلاء الخمسة (عليهم السلام) دون غيرهم بهذه المكانة العاليّة الرفيعة ، وهذا الاختصاص ليس عفويّاً وإنّما هو تعبير عن إعداد إلهي هادف لبيان الوجود الإمتدادي للرسالة المحمديّة ، وحيث أنّهم سادّة أهل الجنَّة كالنبي محمد وعلي قسيما الجنّة والنار والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وفاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين (عليهم الصلاة والسلام) .
لقد أكرمهم الله تعالى ببدنٍ طاهرٍ بكل أجزائه وتفاصيله وأفاض عليهم من أنوار قُدْسه وعظمة شأنه ، كلُّ جزءٍ من أجزاء أبدانهم الشريفة هي نورٌ يسبح لله تبارك وتعالى . جاء في زياراتهم الشريفة منها الزيارة الجامعة الكبيرة : « وَأَشْهَدُ أَنَّكُمُ الْأَئِمَّةُ الرَّاشِدُونَ الْمَهْدِيُّونَ الْمَعْصُومُونَ الْمُكَرَّمُونَ الْمُقَرَّبُونَ الْمُتَّقُونَ الصَّادِقُونَ الْمُصْطَفَوْنَ ، الْمُطِيعُونَ لِلَّهِ الْقَوَّامُونَ بِأَمْرِهِ الْعَامِلُونَ بِإِرَادَتِهِ الْفَائِزُونَ بِكَرَامَتِهِ » . ومنها : « وَأَنَّ أَرْوَاحَكُمْ وَنُورَكُمْ وَطِينَتَكُمْ وَاحِدَةٌ ، طَابَتْ وَطَهُرَتْ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ . خَلَقَكُمُ اللَّهُ أَنْوَاراً فَجَعَلَكُمْ بِعَرْشِهِ مُحْدِقِينَ حَتَّى مَنَّ عَلَيْنَا بِكُمْ ، فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ، وَجَعَلَ صَلَوَاتِنَا عَلَيْكُمْ وَمَا خَصَّنَا بِهِ مِنْ وَلَايَتِكُمْ طِيباً لِخَلْقِنَا وَطَهَارَةً لِأَنْفُسِنَا وَتَزْكِيَةً لَنَا وَكَفَّارَةً لِذُنُوبِنَا . فَكُنَّا عِنْدَهُ مُسَلِّمِينَ بِفَضْلِكُمْ وَمَعْرُوفِينَ بِتَصْدِيقِنَا إِيَّاكُمْ ، فَبَلَغَ اللَّهُ بِكُمْ أَشْرَفَ مَحَلِّ الْمُكَرَّمِينَ وَأَعْلَى مَنَازِلِ الْمُقَرَّبِينَ وَأَرْفَعَ دَرَجَاتِ الْمُرْسَلِينَ » . ومنها : « فَأَنَا أُشْهِدُ اللَّهَ خَالِقِي وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتَهُ وَأَنْبِيَاءَهُ وَأُشْهِدُكُمْ يَا مَوَالِيَّ ، أَنِّي مُؤْمِنٌ بِوَلَايَتِكُمْ مُعْتَقِدٌ لِإِمَامَتِكُمْ مُقِرٌّ بِخِلَافَتِكُمْ عَارِفٌ بِمَنْزِلَتِكُمْ مُوقِنٌ بِعِصْمَتِكُمْ خَاضِعٌ لِوَلَايَتِكُمْ ، مُتَقَرِّبٌ إِلَى اللَّهِ بِحُبِّكُمْ وَبِالْبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكُمْ ، عَالِمٌ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ طَهَّرَكُمْ مِنَ الْفَوَاحِشِ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ ، وَمِنْ كُلِّ رِيبَةٍ وَنَجَاسَةٍ وَدَنِيَّةٍ وَرَجَاسَةٍ » .
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ : لِلْإِمَامِ عَشْرُ عَلَامَاتٍ :
يُولَدُ مُطَهَّراً مَخْتُوناً ، وَإِذَا وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ وَقَعَ عَلَى رَاحَتِهِ رَافِعاً صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ ، وَلَا يُجْنِبُ وَتَنَامُ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ ، وَلَا يَتَثَاءَبُ وَلَا يَتَمَطَّى وَيَرَى مِنْ خَلْفِهِ كَمَا يَرَى مِنْ أَمَامِهِ ، وَنَجْوُهُ كَرَائِحَةِ الْمِسْكِ وَالْأَرْضُ مُوَكَّلَةٌ بِسَتْرِهِ وَابْتِلَاعِهِ ، وَإِذَا لَبِسَ دِرْعَ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) كَانَتْ عَلَيْهِ وَفْقاً وَإِذَا لَبِسَهَا غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ طَوِيلِهِمْ وَقَصِيرِهِمْ زَادَتْ عَلَيْهِ شِبْراً ، وَهُوَ مُحَدَّثٌ إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ أَيَّامُهُ .
المصدر : (الكافي : ج1، ص388.)
*
طهارة فاطمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام)
من الحيض والنفاس :-
هِيَ أُمُّ الْحَسَنِ وَأُمُّ الْحُسَيْنِ وَأُمُّ الْمُحَسِّنِ وَأُمُّ الْأَئِمَّةِ وَأُمُّ أَبِيهَا ، وَأَسْمَاؤُهَا : فَاطِمَةُ الْبَتُولُ السَّيِّدَةُ الْعَذْرَاءُ الزَّهْرَاءُ الْحَوْرَاءُ الْمُبَارَكَةُ الطَّاهِرَةُ الزَّكِيَّةُ الرَّاضِيَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْمُحَدَّثَةُ الصِّدِّيقَةُ الْكُبْرَى . وَيُقَالُ لَهَا فِي السَّمَاءِ : النُّورِيَّةُ السَّمَاوِيَّةُ الْمَنْصُورَةُ .
عَنْ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ قَالَ لِفَاطِمَةَ :
شَقَّ اللَّهُ لَكِ يَا فَاطِمَةُ اسْماً مِنْ أَسْمَائِهِ ، فَهُوَ الْفَاطِرُ وَأَنْتِ فَاطِمَةُ .
المصدر : (البحار : ج43، ص15.)
وَعَنْهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنَّهُ سُئِلَ : مَا الْبَتُولُ ؟
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ وَلَمْ تَحِضْ ، فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ .
وَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) لِعَائِشَةَ :
يَا حُمَيْرَاءُ ، إِنَّ فَاطِمَةَ لَيْسَتْ كَنِسَاءِ الْآدَمِيِّينَ ، لَا تَعْتَلُّ كَمَا تَعْتَلِلْنَ .
المصدر : (البحار : ج43، ص16،15.)
وَعَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
أَنَّ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) سُئِلَ : مَا الْبَتُولُ ؟ فَإِنَّا سَمِعْنَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَقُولُ إِنَّ مَرْيَمَ بَتُولٌ وَفَاطِمَةَ بَتُولٌ . فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : الْبَتُولُ الَّتِي لَمْ تَرَ حُمْرَةً قَطُّ ، أَيْ لَمْ تَحِضْ . فَإِنَّ الْحَيْضَ مَكْرُوهٌ فِي بَنَاتِ الْأَنْبِيَاءِ .
المصدر : (البحار : ج43، ص15، عن مصباح الأنوار وعلل الشرائع.)
وَعَنْ الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
مَعَاشِرَ النَّاسِ ، تَدْرُونَ [مِنْ مَاذَا] خُلِقَتْ فَاطِمَةُ ؟
قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ !
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
خُلِقَتْ فَاطِمَةُ حَوْرَاءَ إِنْسِيَّةً لَا إِنْسِيَّةٌ .
وَخُلِقَتْ مِنْ عَرَقِ جَبْرَئِيلَ وَمِنْ زَغَبِهِ .
قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ عَلَيْنَا تَقُولُ حَوْرَاءُ إِنْسِيَّةٌ لَا إِنْسِيَّةٌ ثُمَّ تَقُولُ مِنْ عَرَقِ جَبْرَئِيلَ وَمِنْ زَغَبِهِ ؟!
قَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) : إِذاً أُنَبِّئُكُمْ ، أَهْدَى إِلَيَّ رَبِّي تُفَّاحَةً مِنَ الْجَنَّةِ أَتَانِي بِهَا جَبْرَئِيلُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) ، فَضَمَّهَا إِلَى صَدْرِهِ فَعَرِقَ جَبْرَئِيلُ وَعَرِقَتِ التُّفَّاحَةُ ، فَصَارَ عَرَقُهُمَا شَيْئاً وَاحِداً ثُمَّ قَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ . قُلْتُ وَعَلَيْكَ السَّلَامُ يَا جَبْرَئِيلُ . فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَهْدَى إِلَيْكَ تُفَّاحَةً مِنَ الْجَنَّةِ . فَأَخَذْتُهَا وَقَبَّلْتُهَا وَوَضَعْتُهَا عَلَى عَيْنِي وَضَمَمْتُهَا إِلَى صَدْرِي ثُمَّ قَالَ : يَا مُحَمَّدُ كُلْهَا . قُلْتُ يَا حَبِيبِي يَا جَبْرَئِيلُ ، هَدِيَّةُ رَبِّي تُؤْكَلُ ؟ قَالَ نَعَمْ قَدْ أُمِرْتَ بِأَكْلِهَا . فَأَفْلَقْتُهَا فَرَأَيْتُ مِنْهَا نُوراً سَاطِعاً فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ ! قَالَ كُلْ فَإِنَّ ذَلِكَ نُورُ الْمَنْصُورَةِ فَاطِمَةَ . قُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ وَمَنِ الْمَنْصُورَةُ ؟ قَالَ جَارِيَةٌ تَخْرُجُ مِنْ صُلْبِكَ وَاسْمُهَا فِي السَّمَاءِ مَنْصُورَةُ وَفِي الْأَرْضِ فَاطِمَةُ . فَقُلْتُ يَا جَبْرَئِيلُ وَلِمَ سُمِّيَتْ فِي السَّمَاءِ مَنْصُورَةَ وَفِي الْأَرْضِ فَاطِمَةَ ؟ قَالَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةَ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّهُ فَطَمَتْ شِيعَتَهَا مِنَ النَّارِ وَفُطِمُوا أَعْدَاؤُهَا عَنْ حُبِّهَا ؛ وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ فِي كِتَابِهِ : ﴿وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ﴾ ، بِنَصْرِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) .
المصدر : (البحار : ج43، ص18، عن تفسير فرات.)
عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ سُئِلَ :
لِمَ سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ ؟
قَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَهَا مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ ، فَلَمَّا أَشْرَقَتْ أَضَاءَتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِنُورِهَا وَغَشِيَتْ أَبْصَارَ الْمَلَائِكَةِ وَخَرَّتِ الْمَلَائِكَةُ لِلَّهِ سَاجِدِينَ . وَقَالُوا : إِلَهَنَا وَسَيِّدَنَا مَا هَذَا النُّورُ ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِمْ : ﴿هَذَا نُورٌ مِنْ نُورِي وَأَسْكَنْتُهُ فِي سَمَائِي خَلَقْتُهُ مِنْ عَظَمَتِي ، أُخْرِجُهُ مِنْ صُلْبِ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِي أُفَضِّلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَأُخْرِجُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ أَئِمَّةً يَقُومُونَ بِأَمْرِي يَهْدُونَ إِلَى حَقِّي وَأَجْعَلُهُمْ خُلَفَائِي فِي أَرْضِي بَعْدَ انْقِضَاءِ وَحْيِي﴾ .
المصدر : (البحار : ج43، ص12، عن علل الشرائع.)
وَعَنْهُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) عَنْ آبَائِهِ قَالَ :
إِنَّمَا سُمِّيَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ الطَّاهِرَةَ لِطَهَارَتِهَا مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَطَهَارَتِهَا مِنْ كُلِّ رَفَثٍ .
وَمَا رَأَتْ قَطُّ يَوْماً حُمْرَةً وَلَا نِفَاساً .
المصدر : (البحار : ج43، ص19، عن مصباح الأنوار.)
وَعَنْ أَبَانِ بْنِ تَغْلِبَ (رَحِمَهُ اللَّهُ) قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ ، لِمَ سُمِّيَتِ الزَّهْرَاءُ زَهْرَاءَ ؟
فَقَالَ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : لِأَنَّهَا تَزْهَرُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ) فِي النَّهَارِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِالنُّورِ . كَانَ يَزْهَرُ نُورُ وَجْهِهَا صَلَاةَ الْغَدَاةِ وَالنَّاسُ فِي فِرَاشِهِمْ فَيَدْخُلُ بَيَاضُ ذَلِكَ النُّورِ إِلَى حُجُرَاتِهِمْ بِالْمَدِينَةِ ، فَتَبْيَضُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) ، فَيَأْتُونَ مَنْزِلَهَا فَيَرَوْنَهَا قَاعِدَةً فِي مِحْرَابِهَا تُصَلِّي وَالنُّورُ يَسْطَعُ مِنْ مِحْرَابِهَا مِنْ وَجْهِهَا ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْهُ كَانَ مِنْ نُورِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) . فَإِذَا انْتَصَفَ النَّهَارُ وَتَرَتَّبَتْ لِلصَّلَاةِ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا بِالصُّفْرَةِ ، فَتَدْخُلُ الصُّفْرَةُ فِي حُجُرَاتِ النَّاسِ فَتُصَفِّرُ ثِيَابَهُمْ وَأَلْوَانَهُمْ فَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) فَيَسْأَلُونَهُ عَمَّا رَأَوْا فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) فَيَرَوْنَهَا قَائِمَةً فِي مِحْرَابِهَا وَقَدْ زَهَرَ نُورُ وَجْهِهَا وَعَلَى أَبِيهَا وَبَعْلِهَا وَبَنِيهَا بِالصُّفْرَةِ ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِهَا . فَإِذَا كَانَ آخِرُ النَّهَارِ وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ احْمَرَّ وَجْهُ فَاطِمَةَ فَأَشْرَقَ وَجْهُهَا بِالْحُمْرَةِ فَرَحاً وَشُكْراً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَكَانَ تَدْخُلُ حُمْرَةُ وَجْهِهَا حُجُرَاتِ الْقَوْمِ وَتَحْمَرُّ حِيطَانُهُمْ فَيَعْجَبُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَأْتُونَ النَّبِيَّ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) وَيَسْأَلُونَهُ عَنْ ذَلِكَ فَيُرْسِلُهُمْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) فَيَرَوْنَهَا جَالِسَةً تُسَبِّحُ اللَّهَ وَتُمَجِّدُهُ وَنُورُ وَجْهِهَا يَزْهَرُ بِالْحُمْرَةِ ، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي رَأَوْا كَانَ مِنْ نُورِ وَجْهِ فَاطِمَةَ (صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِا) . فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ النُّورُ فِي وَجْهِهَا حَتَّى وُلِدَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) فَهُوَ يَتَقَلَّبُ فِي وُجُوهِنَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي الْأَئِمَّةِ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتَ إِمَامٍ بَعْدَ إِمَامٍ .
المصدر : (البحار : ج43، ص11، عن علل الشرائع.)
وَعَنْ أَسْمَاء قَالَتْ :
قَبِلْتُ أَيْ وَلَّدْتُ فَاطِمَةَ بِالْحَسَنِ ، فَلَمْ أَرَ لَهَا دَماً .
فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ ، إِنِّي لَمْ أَرَ لَهَا دَماً فِي حَيْضٍ وَلاَ نِفَاسٍ ؟!
فَقَالَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) :
أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اِبْنَتِي طَاهِرَةٌ مُطَهَّرَةٌ . لاَ يُرَى لَهَا دَمٌ فِي طَمْثٍ وَلاَ وِلاَدَةٍ .
المصدر : (صحيفة الرضا (ع) : ج1، ص90. ذخائر العقبى : ص٤٤.)
وفي ذخائر العقبى ، وعن ابن عبّاس (رضي الله عنهما) قال :
إِنَّ ابْنَتِي فَاطِمَةَ حَوْرَاءُ إِذْ لَمْ تَحُضَّ وَلَمْ تَطْمِثْ ، وَإِنَّمَا سَمَّاهَا فَاطِمَةَ لِأَنَّ اللهَ (عَزَّ وَجَلَّ) فَطَمَهَا وَمُحِبِّيهَا عَنْ النَّارِ .
المصدر : (أخرجه النسائي ورواه في تاريخ بغداد : ج۱۲، ص۳۲۸ ، الرقم ٦۷۷۲ .)
ورُوِيَ أيضاً في ينابيع المودّة ص260. وفي منتخب كنز العمّال المطبوع بهامش مسند أحمد : ج٥، ص۹۷، طبعة مصر . وفي رشفة الصادي :ص٤۷، طبعة مصر . وفي أرجح المطالب : ص۳۲۸، طبعة لاهور . وفي فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي : ج۲، ص۳۲۸ . وفي التاريخ الكبير لابن عساكر : ج۱، ص،۲۹۱ . والصفوري في نزهة المجالس : ص۲۲۷. والرافعي في التدوين عن أمّ سلمة .
*
طهارة دم المعصوم :-
انّ دم المعصومِ (عليه السلام) طاهرٌ مُستثنى عن دماء بقيّة البشر ؛ لأنه ليس فيها فضلات من الكلسترول والدهون والسموم ولا أثر فيها لشيءٍ من مسّ الشياطين والجن ، ولا سُلطان للنجاسة على بدنه باعتبارها من مس الشيطان للدم ؛ والمعصوم منزَّهٌ عن سُلطة الشيطان عليه . وقد رُوِيَ عن الحسين (عليه السلام) أنّه :
لَمَّا ضَعُفَ عَنِ الْقِتَالِ وَقَفَ لِيَسْتَرِيحَ سَاعَةً ، فَبَيْنَا هُوَ وَاقِفٌ إِذْ رَمَاهُ رَجْلٌ بِحَجَرٍ وَقَعَ عَلَى جَبْهَتِهِ ، فَسَالَتْ الدِّمَاءُ مِنْ جَبْهَتِهِ ، فَأَخَذَ الثَوْبَ لِيمْسَحَ الدَّمَ عَنْ جَبْهَتِهِ [وَعَيْنَيْهِ] . فَأَتَاهُ سَهْمٌ مَحدَّدٌ مَسْمُومٌ لَهُ ثَلَاثُ شُعَبٍ وَقَعَ عَلَى صَدْرِهِ ، فَقَالَ الْحُسَيْنُ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) : « بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ » . وَرَفَعَ رَأَسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ : « إِلَّهِيْ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ رَجُلاً لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ابْنُ [بِنْتِ] نَبِيٍّ غَيْرُهْ » . ثُمَّ أَخَذَ السَّهْمَ فَأَخْرَجَهُ ، فَانْبَعَثَ الدَّمُ كَالْمِيزَابِ . فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى الجُرْحِ ، فَلَمَّا امْتَلأَتْ دَماً رَمَى بِهِ نَحْوَ السَّمَاءِ ، فَمَا رَجَعَ مِنْ ذَلِكَ قَطْرَةٌ ، وَمَا عُرِّفَتْ الْحُمْرَةُ فِي السَّمَاءِ حَتَّى رَمَى الْحُسَيْنُ بِدَمِهِ إِلَى السَّمَاءِ . ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الجُرْحِ ثَانِيًا ، فَلَمَّا امْتَلَأَتْ لَطْخَ بِهَا رَأْسَهُ وَلِحْيَتُهُ وَقَالَ : « هَكَذَا وَاللَّهُ أَكُونُ ، حَتَّى أَلْقَى جَدِّي مُحَمَّداً وَأَنَا مَخْضُوبٌ بِدَمِي وَأَقُولُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَتَلَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ » .
المصدر : (مقتل الحسين (ع) : ج2، ص39.)
إذاً رماه نحو السماء ولم تقع منه قطرة ! فإذا كان دم المعصوم نجساً لماذا التقطته الملائكة ولم يُرجعوا منه قطرة إلى الارض ؟! ولماذا لطخ شيبته المباركة بالدم وهو نجس كما زعم أغلب سادات المسلمين بنجاسة دمهم عليهم السلام ؟! فهل يلقى الله بنجاسة ؟! حاشاه عليه السلام .
وَعَنْ يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ (رَحِمَهُ اللَّهُ) عَنْ الْإِمَامِ الصَّادِقِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) أَنَّهُ قَالَ :
أَلَا أُرِيكَ قَمِيصَ الْقَائِمِ الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ ؟ فَقُلْتُ بَلَى ! فَدَعَا (عَلَيْهِ السَّلَامُ) بِقِمَطْرٍ فَفَتَحَهُ ، وَأَخْرَجَ مِنْهُ قَمِيصَ كَرَابِيسَ فَنَشَرَهُ ، فَإِذَا فِي كُمِّهِ الْأَيْسَرِ دَمٌ ، فَقَالَ : هَذَا قَمِيصُ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) الَّذِي عَلَيْهِ يَوْمَ ضُرِبَتْ رَبَاعِيَتُهُ ، وَفِيهِ يَقُومُ الْقَائِمُ .
فَقَبَّلْتُ الدَّمَ وَوَضَعْتُهُ عَلَى وَجْهِي .
ثُمَّ طَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) وَرَفَعَهُ .
المصدر :
الغيبة للنعماني : ص243 .
كتاب الغيبة : ج1، ص248 .
البحار : ج52، ص٣٥٥ .
فإذا كان دمهم المقدس نجس فكيف لايَغسلون دم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من قميصه ؟ وكيف يُقَبّل النجاسة يعقوب بن شعيب قميص النبي وبمرأى الإمام المعصوم الصادق (عليه السلام) ؟
لقد أكرمهم الله تعالى ببدنٍ طاهرٍ بكل أجزائه وتفاصيله وأفاض عليهم من أنوار قُدْسه وعظمة شأنه ، وقد ورد في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) : أَشْهَدُ أَنَّ دَمَكَ سَكَنَ فِي الْخُلْدِ وَاقْشَعَرَّتْ لَهُ أَظِلَّةُ الْعَرْشِ وَبَكَى لَهُ جَمِيعُ الْخَلَائِقِ وَبَكَتْ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرَضُونَ السَّبْعُ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ وَمَنْ يَتَقَلَّبُ فِي الْجَنَّةِ وَالنَّارِ مِنْ خَلْقِ رَبِّنَا وَمَا يُرَى وَمَا لَا يُرَى » . (الكافي : ج4، ص576.)
*
شُبهة مرض الإمام السجاد (ع) بمرض الذرب :-
شاءت الإرادة الإلهيّة أن يكون الإمام السجّاد (عليه السلام) عليلاً يوم عاشوراء ؛ وذلك حتّى لا يُقتل ولا تخلو الأرض من حجّة لله تعالى ؛ وحتّى يستلم الإمامة بعد أبيه الإمام الحسين (عليه السلام) ؛ وحتّى يسقط عنه وجوب الدفاع عن إمام زمانه . إذ لو كان سليماً ويسمع استغاثة أبيه (عليه السلام) لوجب عليه إغاثته والذبّ عنه .
ولشديد الأسف ! نجد هناك من سادات الشيعة يقول أنّ الإمام السجاد (عليه السلام) كان قد مَرِضَ في واقعة كربلاء بمرض الذرب ! وهو (مرضٌ يُصيبُ المعدة فلا تهضمُ الطعام ولا تُمسكهُ) مستندين بذلك على رواية أنّ الإمام السجاد (عليه السلام) كان مبطوناً .
عَنْ الْإِمَامِ الْبَاقِرِ (عَلَيْهِ السَّلَامُ) قَالَ :
كَانَ أَبِي مَبْطُوناً يَوْمَ قُتِلَ أَبُوهُ (عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) وَكَانَ فِي الْخَيْمَةِ ، وَكُنْتُ أَرَى مَوَالِيَنَا كَيْفَ يَخْتَلِفُونَ مَعَهُ يُتْبِعُونَهُ بِالْمَاءِ ، يَشُدُّ عَلَى الْمَيْمَنَةِ مَرَّةً وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ مَرَّةً وَعَلَى الْقَلْبِ مَرَّةً . وَلَقَدْ قَتَلُوهُ قَتْلَةً نَهَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ) أَنْ يُقْتَلَ بِهَا الْكِلَابُ ! لَقَدْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ وَبِالْحِجَارَةِ وَبِالْخَشَبِ وَبِالْعَصَا ، وَلَقَدْ أَوْطَئُوهُ الْخَيْلَ بَعْدَ ذَلِكَ .
المصدر : (البحار : ج45، ص91، عن كتاب النوادر لعلي بن أسباط.)
حيثُ فسروا كلمة (مبطون) بالإسهال الشديد لإنهم غاب عنهم من أنّ كلمة مبطون التي وردت في رواية الامام الباقر (عليه السلام) لها عدّة معاني موجودة في قواميس اللغة ومن تلك المعاني (الحرارة الشديدة) وهي (الحمى) ومن المعاني أيضاً هي (استسقاء السم) كما روي عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم : (المبطون شهيد) أي الذي يسقى السم . ومن المعاني أيضاً في اللغة هو الأكول او عظيم البطن كما في حديث الإمام عليّ (عليه السلام) : (أَبِيتَ مِبْطَاناً وَحَوْلِي بُطُونٌ غَرْثَى وَأَكْبَادٌ حَرَّى ؟!) بمعنى (عظيم البطن أو كثيرُ الأَكل) .
فلم تكن بطن الإمام السجاد منتفخة بسبب كثرة الأكل حاشاه ، وإنّما ذلك من أثر تجرع السموم وأعراضها الشديدة كالحمى والصداع وارتفاع الحرارة والنوبات المتكررة من القيء الدموي ... ولو كان الإمام السجاد (ع) مبطوناً بسبب الإسهال كما يزعمون فكيف جاز للسيدة زينب (عليها السلام) ان تعتني به وترعاه بمرضه ؟! لأنه سيحتم عليها ان تنظر ما لا يجوز عليها شرعاً رؤيته ! خصوصاً أنه بيد الأعداء ومن دُون مُساعدةٍ ومِن دُون وجود مياه !
وهذا نص الرواية التي ذكرت أنّ السيدة زينب (عليها السلام) كانت حاضرة في مرض الإمام (عليه السلام) : تاريخ الطبري ، عن الحارث بن كعب وأبي الضحّاك عن عليّ بن الحسين (عليهما السلام) قال : إِنِّي جَالِسٌ فِي تِلْكَ الْعَشِيَّةِ الَّتِي قُتِلَ أَبِي صَبِيحَتَهَا (وَعَمَّتِي زَيْنَبُ عِنْدِي تُمَرِّضُنِي) ، إِذِ اعْتَزَلَ أَبِي بِأَصْحَابِهِ فِي خِبَاءٍ لَهُ وَعِنْدَهُ حُوَيٌّ مَوْلَى أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ وَهُوَ يُعَالِجُ سَيْفَهُ وَيُصْلِحُهُ ، وَأَبِي يَقُولُ :
يَا دَهْرُ اُفٍّ لَكَ مِنْ خَلِيلِ ... كَمْ لَكَ بِالْإِشراقِ وَالْأَصيلِ
مِنْ صَاحِبٍ أَوْ طَالِبٍ قَتِيلِ ... وَالدَّهْرُ لَا يَقْنَعُ بِالْبَدِيلِ
وَإِنَّمَا الْأَمْرُ إِلَى الْجَليلِ ... وَكُلُّ حَيٍّ سَالِكُ السَّبِيلِ