سميت طبقة الجسيمات المشحونة حول الأرض باسم حزام فان ألان (ناسا)
في عام 1958، وبينما كان الفيزيائي جيمس فان ألان يدرس البيانات الصادرة من أول قمر اصطناعي أميركي، سمي "إكسبلورر-1″، وجد أن كميات كبيرة من الجسيمات المشحونة توجد في مناطق بعينها حول الأرض، كان ذلك هو أول استكشافات عصر الفضاء.
أحزمة الإشعاع
سميت الجسيمات "حزام فان ألان Van Allen Belt"، ولفهم سر وجودها، يمكن أن نبدأ من المجال المغناطيسي الخاص بالأرض، فهو يحيط بها وكأنه قطعة "دونات" كبيرة تقع الأرض في الفراغ الموجود بمنتصفها، ويحميها من الرياح الشمسية الضارة، وهي جسيمات مشحونة عالية الطاقة قادمة من الشمس.
لكن المجالات المغناطيسية قادرة أيضا على أن تحاصر جزءا من تلك الجسيمات المشحونة وتمنعها من الإفلات، هذا هو ما يحدث في أحزمة فان ألان، ومنذ لحظة اكتشافها اهتم العلماء بدراستها خشية أن تؤثر على رواد أو مركبات الفضاء.
اكتشف العلماء بعد ذلك أن كوكبنا محاط بحزامين رئيسيين من الجسيمات المشحونة، الحزام الداخلي يمتد من حوالي 640 إلى 9600 كيلومتر فوق سطح الأرض، بينما يقع الحزام الخارجي على مسافة تتراوح بين 13 ألفا و500 كيلومتر و58 ألف كيلومتر تقريبا.
نظرية المؤامرة
في أثناء ذلك، ومنذ الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، ظهرت نظريات مؤامرة تقول إنه لا يمكن للبشر السفر في الفضاء بسبب وجود هذه الأحزمة التي قد تقتلهم إذا مرت مركباتهم بها، وبالتالي فإن السفر للقمر كان "خدعة".
لكن ذلك غير صحيح. بالفعل قد يكون الإشعاع في تلك الأحزمة ضارا إذا مكث رائد الفضاء فيها عدة أيام، لكن حسابات وكالة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا NASA) أفادت بأن رحلة رواد الفضاء خلال أحزمة فان ألان تمر في حوالي 68 دقيقة فقط.
وبحساب نسب الإشعاع، وجد أن رائد الفضاء يتعرض من الإشعاع فقط بقدر تعرضه إلى أشعة إكس أو رنين مغناطيسي في أحد المستشفيات.
لكن أهمية أحزمة فان ألان تتخطى جانب المؤامرة، فهي تحدد ما يسميه العلماء بـ "طقس الفضاء"، ويعني الدراسة الدقيقة لمحيط الأرض، والقدرة على التنبؤ بأثر الشمس عليه، الأمر الذي يساعد على حماية الأقمار الاصطناعية، والتي تمثل عصب عصر الاتصالات.
مدار قمري فان ألان خلال أحزمة الإشعاع المحيطة بالأرض (يوريك ألرت)
جدار صنعه البشر
لهذا السبب كانت وكالة (ناسا) قد أطلقت المهمة "فان ألان" في عام 2012، التي استهدفت -عبر قمرين صناعيين- دراسة دقيقة لتلك المنطقة، لكن مؤخرا اكتشف العلماء تغيرا واضحا في حجم تلك الأحزمة، مقارنة بحجمها لحظة اكتشافها.
وبحسب دراسة نشرت مؤخرا في دورية سبيس ساينس ريفيوز (Space Science Reviews)، فإن السبب في ذلك التغير هو "حاجز" ضخم من صنع الإنسان يحيط بالأرض.
وأظهرت الدراسة، التي أجراها باحثو ناسا، أن سبب ذلك الحاجز الجديد هو نوع معين من الإرسال الراديوي يسمى "الاتصال اللاسلكي ذا التردد المنخفض جدا" (VLF)، ويستخدم بكثافة حاليا مقارنة بالستينيات.
فحينما تتبادل الغواصات رسائلها تحت الماء، على سبيل المثال، فإن جزءا من تلك الإشارات يسافر للفضاء حول الأرض، ويؤثر على الجسيمات الساكنة به ويعدل من مواضعها.
يعد ذلك هو أول كشف للتأثير البشري المباشر على الفضاء أيضا، بجانب تأثيرهم الفج على مناخ وبيئة الأرض، لكن العلماء في هذا النطاق يرون أن ذلك الحاجز الجديد ليس ضارا بالأرض، بل بالعكس يمكن أن يعزز من حمايتها تجاه الأشعة الضارة القادمة من الفضاء.