عزيزة أمير أنتجت ما يقرب من 25 فيلما سينمائيا (مواقع التواصل)
"نجحت فيما فشل فيه الرجال" هكذا وصفها الاقتصادي طلعت حرب حين حضر افتتاح فيلمها "ليلى" عام 1927، وهو أول فيلم روائي طويل مصري، حضر حفل افتتاحه وقتها الكثير من نجوم المجتمع ومنهم أمير الشعراء أحمد شوقي.
هي رائدة السينما المصرية وأول مخرجة امرأة في الوطن العربي، والممثلة والمنتجة والمونتيرة (ممنتجة أو محررة الأفلام) والسيناريست عزيزة أمير، أو مفيدة محمد غانم التي يمر على ذكرى ميلادها 119 عاما، والتي أصبحت واحدة من أشهر النساء اللاتي أثرن في صناعة السينما.
ولدت عزيزة أمير في 17 ديسمبر/كانون الأول 1901 لأسرة فقيرة تعود أصولها لدمياط (شمال القاهرة)، وانتقلت من الإسكندرية التي قضت بها معظم طفولتها لتعيش في حي السيدة زينب بالقاهرة، ذلك الحي الشعبي الذي اكتسبت منه الكثير من الخبرات الحياتية التي ساعدتها في مشوارها خاصة أنها لم تكمل تعليمها رغم التحاقها بالمدرسة.
بطلة يوسف وهبي
الحلم كان أن يمنحها يوسف وهبي البطولة وهو ما تم بالفعل في مسرحية "الجاه المزيف" عام 1925، وهو أيضا من اختار اسمها الفني عزيزة أمير، لكنها لم تعمل معه سوى موسم مسرحي واحد، فزوجته الإيطالية ظنت بوجود قصة حب بينهما وهددتهما بالقتل ضربا بالرصاص إن لم تبتعد عنه.
خشيت عزيزة أمير على حياتها، بحسب ما جاء في مذكرات يوسف وهبي "عشت ألف عام"، وتنقلت بعدها في العديد من المسارح بجانب السينما فالتحقت بفرقة عكاشة وفرقة الريحاني، كما لعبت الدور الرئيسي في مسرحية "أهل الكهف" أثناء افتتاح الفرقة القومية عام 1935، وكانت وقتها الأعلى أجرا بين النجمات.
أول مخرجة مصرية
كانت عزيزة أمير تحلم دائما بأفلام من إنتاج مصري بالكامل، وهو ما جعلها تؤسس بالفعل شركة إنتاج أطلقت عليها اسم "إيزيس"، وشجعها على هذه الخطوة المخرج التركي وداد عرفي الذي كان له الفضل في إقناع العديد من النساء في دخول مجال الإنتاج مثل عزيزة أمير وفاطمة رشدي وآسيا داغر، واتفقت معه على فيلم "نداء الله" والذي تحول فيما بعد إلى فيلم "ليلى" عام 1927، وهو أول فيلم مصري روائي طويل صامت.
كررت عزيزة نجاحها بإنشاء مجمع أستوديو هليوبوليس وإنتاج ثاني أفلامها "بنت النيل" لتصبح بذلك أول مخرجة امرأة في الوطن العربي، كما لها الفضل في إطلاق أول فيلم مصري، ولكنها لم توفق حين طرحت فيلم "كفِّري عن خطيئتك" عام 1933 والذي كلفها خسائر فادحة -كونه فيلما صامتا بعد انتشار السينما الناطقة- ما دفعها لإغلاق شركتها.
أُم السينما المصرية
لقبت بأُم السينما المصرية، وذلك لفضلها الكبير على السينما، فأخرجت فيلمين هما "بنت النيل" و"كفِّري عن خطيئتك"، وألّفت 16 فيلما، وقامت بمونتاج فيلم "ليلى" بنفسها، وهي الصانعة ومكتشفة المواهب أيضا حيث اكتشفت وقدمت الكثير من النجوم في أعمالها، وأنتجت من خلال شركتها التي أسستها مع زوجها الفنان محمود ذو الفقار ما يقرب من 25 فيلما.
"سيدتي الجميلة"
اهتمت عزيزة أمير بتقديم قضايا مختلفة، ففي فيلمها "بنت النيل" انتقدت تنميط النساء بشكل عنصري بأنهن رجعيات، وكان لها السبق في تقديم مسرحية "بيجماليون" للكاتب جورج برناردشو والتي حوّلتها للسينما من خلال فيلم "بائعة التفاح" الذي قامت ببطولته في عام 1939، وهي القصة التي قدمت لاحقا في السينما والمسرح وأشهرها مسرحية "سيدتي الجميلة"، من خلال بائعة التفاح التي يقوم أحد الأثرياء الذي يراهن على تحويلها سيدة مجتمع أرستقراطية وينجح في تجربته.
وفي فيلم "الورشة" عام 1940 انتصرت عزيزة أمير للمرأة التي تقرر أن تدير ورشة زوجها الذي يظن الجميع أنه مات، فكانت أول فنانة أيضا تظهر في ثوب الرجال، وأجادت أيضا تقديم الشخصيات التراجيدية المختلفة.
القضية الفلسطينية
اللغة السينمائية والكاميرا كانت الأداة التي تجيد عزيزة أمير استخدامها في توصيل أفكارها دائما، ورغم ظهور جيل من الرائدات في هذا الوقت من المنتجات والمخرجات، فإن لعزيزة أمير دائما الريادة في التجربة الأولى، إذ كانت أول من قدم تجربة فيلم عربي يتناول القضية الفلسطينية "فتاة من فلسطين" عام 1948، ويتعرض الفيلم لقصص الفدائيين الفلسطينيين الذين يفضلون الموت على الاحتلال الصهيوني.
خطوات عالمية
خطوات عزيزة أمير السينمائية توسعت فشاركت بفيلم فرنسي في عام 1939 بعنوان "الفتاة التونسية"، والفيلمين التركيين "الكاتب المصري" و"شوارع إسطنبول" عام 1932.
وعلى الرغم من النجاح الكبير في حياة عزيزة أمير الفنية، فإن حياتها الشخصية كانت متعثرة فبعد ولادتها بـ15 يوما فقط توفي والدها لتعاني اليتم مبكرا، كما تزوجت 3 مرات الأولى وهي في عمر الـ14 عاما، وبعدها من أحد أثرياء الصعيد الذي رفضت عائلته الزيجة التي انتهت بالانفصال، والأخيرة من الفنان محمود ذو الفقار الذي كوّنت معه ثنائيا سينمائيا، ولم تحقق رغم زيجاتها حلمها بالأمومة، ولكنها كانت دائما تقول "ليس صحيحا أنني لم أنجب بل أنجبت بنتا واحدة اسمها السينما المصرية".
آخر أفلامها
عانت عزيزة أمير من المرض في عام 1952 ورغم ذلك أصرت على تصوير فيلمها "آمنت بالله" والذي لم تكمل تصوير دورها به لكن صُنّاعه اكتفوا بوضع باقة من الورد بدلا منها تعبيرا عن مكانتها، فماتت في 28 فبراير/شباط في العام نفسه بعد مشوار فني امتد لحوالي ربع قرن.