الباحثون قاموا بتحليل بلورات الأوليفين (الزبرجد الزيتوني) حيث تحتفظ بسيناريو ما حدث أثناء ثوران البركان (أدريان جلوفر – ويكيميديا كومونز)
التنبؤ المستقبلي بانفجارات البراكين قضية تشغل بال الباحثين، كما تشغل بال سكان المناطق التي تعاني من تلك الانفجارات بين الحين والآخر، حيث يوفر ذلك التنبؤ فرصة للسكان للاستعداد ومن ثم تقليل الخسائر الناجمة عن تلك الانفجارات.
وفي محاولة لإيجاد وسيلة لذلك التنبؤ، نشرت دورية "ساينس أدفانسز" (Science Advances) ورقة علمية بتاريخ 4 ديسمبر/كانون الأول الجاري تفيد بتطوير طريقة جديدة لاختبار نماذج حاسوبية تحاكي تدفق الصهارة البركانية داخل الأقنية البركانية في جوف الأرض.
وكما يشير التقرير المنشور على موقع "فيز أورغ" (Phys.org) اعتمد الباحثون على تحليل البلورات المتناهية الصغر من معدن الأوليفين أو ما يسمى بالزبرجد الزيتوني التي تشكلت أثناء ثوران بركان عنيف في هاواي منذ أكثر من نصف قرن.
ويرى الباحثون أن تحليل تلك البيانات البلورية قد يمكنهم من استنتاج السمات الكمية للتدفق قبل الانفجار إضافة إلى التعرف على العمليات التي أدت إلى الانفجار دون الحفر في البركان، وربما تساعد أيضا في التنبؤ المستقبلي عن الحالة النشطة الخفية لبراكين أخرى.
عند وصول الصهارة السائلة إلى السطح يتم تغليفها ببلورات وفقاعات الزبرجد الزيتوني (ألين كويت – ويكيميديا كومونز)
اتجاه بلورات الأوليفين
بعد ثوران بركان كيلويا (Kilauea) في هاواي عام 1959، اكتشف العلماء بلورات بحجم المليمتر مدفونة في الحمم البركانية هناك.
وكشف تحليل البلورات أنها كانت موجهة وفق نمط غريب متناسق والذي افترض باحثو جامعة ستانفورد Stanford University أنه قد تم تشكيله بواسطة موجة داخل الصهارة الجوفية التي أثرت على اتجاه البلورات في التدفق.
وقام الفريق بتحليل بلورات من صخرة مسامية داكنة من الخبث البركاني الذي يتشكل عند تبريد الصهارة التي تحتوي على غازات مذابة. فبمجرد وصول الصهارة السائلة -أوالحمم البركانية- إلى السطح يتم تغليفها ببلورات وفقاعات الزبرجد الزيتوني وذلك عند تلامسها مع الغلاف الجوي الأكثر برودة.
تحدث هذه العملية بسرعة كبيرة لا تتمكن البلورات معها من أن تتغير إلى أي شكل آخر، مما يعني أنها تحتفظ بسيناريو يمكن أن يخبرنا عما حدث أثناء ثوران البركان. وهكذا تعتمد المحاكاة الجديدة على نمذجة اتجاهات بلورات الأوليفين ضمن حفرة بجوار قمة فوهة بركان كيلويا وهو الممر الأنبوبي الذي ترتفع الصهارة الساخنة عبره من باطن الأرض إلى سطحها.
العلماء يعتزمون تتبع اتجاه بلورات الأوليفين خلال انفجارات كيلويا المستقبلية (فوندربروت – ويكيميديا كومونز)
تحدّ كبير
يواجه العلماء الذين يسعون جاهدين لفهم كيف ومتى قد تندلع البراكين تحديا كبيرا حيث يحدث العديد من العمليات بأعماق الأرض في أنابيب الحمم البركانية المليئة بالصهارة. وعند ثوران البركان، يتم تدمير أي علامات جوفية قد تفيد في فهم آلية ثوران البركان. ولهذا تعد مراقبة بركان كيلويا تحديا مستمرا بسبب ثورانه النشط الذي لا يمكن التنبؤ به.
إذ إنه عوضا عن تسرب الحمم البركانية بشكل مستمر، فإنها تتسبب بحدوث انفجارات دورية تؤدي إلى تدفقات الحمم البركانية التي تعرّض السكان على الجانب الجنوبي الشرقي من جزيرة هاواي الكبيرة للخطر.
ويرجح الباحثون أن يساهم تتبع اتجاه بلورات الأوليفين خلال المراحل المختلفة لانفجارات كيلويا المستقبلية، في تمكين العلماء من استنتاج ظروف تدفق القناة البركانية مع مرور الوقت.