قدمت لنا نتفليكس في العام قبل الماضي فيلم “روما” من إخراج “الفونسو كوارون” لتنافس به عن الأوسكار وبدأت أن تكون حاضرة كل عام باسم من المخرجين الكبار، وفي العام الماضي قدمت لنا التحفة “الإيرلندي” من إخراج “مارتن سكورسيزي” لم تحصي به الجوائز لكنه كان مرشحًا مهمًا في حفل الأوسكار، وفي هذا العام جاء لنا فيلم Mank “مانك” من إخراج ديفيد فينشر والذي وقعت معه “نتفليكس” عقدًا يمتد إلى أربع سنوات لإنتاج أفلام ومسلسلات حصرية للشبكة، العمل القادم للمخرج سيكون بمسلسل حصري للشبكة لكن لم تصدر أي معلومات عنه حتى الآن.
وقد صدرت الكثير من التصريحات من “فينشر” في الفترة الماضية على تفضيله لنتفليكس عن استوديوهات هوليوود لأنها تتيح له الحرية للإبداع أو بمعنى آخر أن يفعل ما يحلو له، عكس الاستوديوهات الكبيرة التي أصبحت تنتج نوعًا معينًا من الأفلام معروف بأنه سيجلب لها المال دون أي مخاطرة، حتى لو كان ذلك مع مخرج كبير، وهاجم “فينشر” كل ما يحدث في هوليوود وأنها لم تعد مثل السابق، وسبق أن تعاون مع نتفيلكس في أعمال أخرى وهذا يعتبر التعاون الثالث بين “ديفيد فينشر” وشبكة “نتفليكس”، بعد مسلسلي “House of Cards” و “Mindhunter” الذي يتمنى متابعوه أن يعود بموسم جديد لكن صدرت العديد من التفاصيل في الفترة الماضية بأن ذلك أصبح من المستحيل.
ما زالت “نتفليكس” تمتلك بعض الأفلام المهمة التي من الممكن أن تحظي باهتمام لجنة الأوسكار، مثل فيلم “the midnight sky” بطولة “جورج كلوني” وهو من نوع خيال علمي، وأيضًا فيلم “Ma Rainey’s Black Bottom” من بطولة الراحل تشادويك بوثمان والذي من الممكن أن يتم ترشيحه لجائزة الأوسكار، وأخيرًا فيلم “pieces of a woman” من بطولة “فانيسا كيربي”، ولا ننسي فيلم “Hillbilly Elegy” الذي صدر منذ عدة أيام وخيب أمل الجميع في أن يكون من ضمن ترشيحات الأوسكار بعد الآمال الكبيرة التي كانت تقع عليه لأنه كان يحمل أسماء مثل “إيمي أدمز” و “جلين كلوز”، ولكن ها نحن هنا من أجل فيلم “Mank” فدعك من كل هذا.
العمر قد مضى، ولم يحقق لنفسه شيئًا كي يتذكره الناس بعد مماته، جميلًا أن ترى فيلمًا يتم كتابته أمام عينيك وتعلم ما وراء أهم أحداث الفيلم، عندما تدمن علي شيء، تصير فأر في مصيدة صنعتها أنت بنفسك، وعندما يأتي وقت للفرار منها، تغلق الباب وتعود للداخل مرة أخرى.
العمل الثاني بتصنيف سيرة ذاتية للمخرج ديفيد فينشر، بعد فيلمي (Zodiac) عام 2007، و(The Social Network) عام 2010، ويتتبع العمل السيرة الذاتية “لهيرمان ج. مانكوفيتش”، والذي تعاون مع أورسن ويليس في إنتاج فيلم (Citizen Kane) في الأربعينات، والذي يعد واحدًا من أشهر إنتاجات هوليوود في القرن الماضي.
فيلم Mank في مواجهة المواطن كين
الفيلم مبني على خلفية صناعة فيلم “المواطن كين” الذي شاهدته منذ أسبوع تقريبًا، ولم يعجبني إطلاقًا، ومنذ ذلك اليوم قل حماسي لفيلم “ديفيد فينشر” أصبح ثقيلًا على قلبي فهو كالفيلم الذي تأتي لتشاهده فتشاهد فيلمًا آخر وهكذا حتى يأتي اليوم المنتظر فإما أن تكون مخطئًا ويبهرك وتندم على كل الوقت الذي لم تشاهده فيه أو يكون كما توقعت.
في بداية الفيلم تذكرت فيلم “إنها لحياة جميلة” والسعادة التي كانت تصدر من ذلك الفيلم عند مشاهدته والكثير من الأفلام مثل أفلام هيتشكوك، لذا هذا ليس فيلمًا بالأبيض وأسود كفيلم “روما”، لو لم تعرف تاريخ صدور الفيلم من المستحيل أن تتخيل أنه صدر في هذا العام، ليس كما تخيلت إطلاقًا، بل أجمل، إتقان وبراعة من ناحية الإخراج والمونتاج، الموسيقى كان لها وجود وحضور جميل وتشبه أجواء الفيلم، عكس “المواطن كين” الذي لم يكن به موسيقى من الأساس أو أنني لا أتذكرها إطلاقًا.
العمر قد مضى، ولم يحقق لنفسه شيئًا كي يتذكره الناس بعد مماته، جميلًا أن ترى فيلمًا يتم كتابته أمام عينيك وتعلم ما وراء أهم أحداث الفيلم، عندما تدمن علي شيء، تصير فأر في مصيدة صنعتها أنت بنفسك، وعندما يأتي وقت للفرار منها، تغلق الباب وتعود للداخل مرة أخرى.
أنت هنا ليس لديك قصة، أو قصتك هي مانك والمواقف التي تدور حوله والصناعة وتتعرف أكثر على شركات الإنتاج وطرق عملها في ذلك الوقت، العلاقات هنا ضعيفه جدًا والشخصيات الأخرى كتابتها من أسوأ ما رأيت، التمثيل أنقذ الكثير في ذلك الفيلم، لكنني بشكل أو بآخر تواصلت مع القص أو عفوا تواصلت مع “مانك”، أحببته فأحببت الفيلم، كنت أفقد الاهتمام بالحوار في مشاهد كثير، لكن أيضًا في مشاهد أخرى كان جميلًا وممتعًا عندما يدور الحوار حول الصناع ومواقف مانك، وليس الأحداث التي تتعلق بفيلم “المواطن كين” مباشر.
كنت أفقد الاهتمام بالحوار في معظم مشاهد الفيلم فكان سيئًا، لكن أيضًا في مشاهد أخرى كان جميلًا وممتعًا جدًا لكنها كانت قلة، الأحداث في الفيلم في فترة الكساد تشبه وقتنا هذا كثيرًا، فكل يوم يصدر خبر جديد يجعلنا نتساءل هل ستغلق المسارح إلي الأبد؟ فستشعر بالألفة نوعًا ما ومعرفة كيف يتعاملون مع تلك العقبات لكي تستمر السينما، الأحداث في الفيلم تشبه وقتنا هذا كثيرًا، فكل يوم يصدر خبر جديد يجعلنا نتساءل هل ستغلق المسارح إلى الأبد؟ وهنا أيضًا فستشعر بالألفة نوعًا ما وحتى معرفة كيف يتعاملون مع تلك العقبات لكي تستمر السينما.
فيلم بإخراج جميل، ستحبه فقط إن ارتبطت بشخصي “مانك” وأحببت تمثيل جاري أولدمان، ولكنني لا أستطيع أن ألومك إن لم يعجبك الفيلم، وأعلم إن لم تكمله حتى فأنت على حق، فإنني لا أعلم لماذا تمت صناعة ذلك الفيلم بالأساس، فهو لا يقدم أي شيء.
بلال عبد العزيز - أراجيك