عرض مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فيلم Nomadland أو أرض الرُحل، الأمريكي ضمن فاعيات المهرجان في عرضه الأول في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بعد حصد عدد من الجوائز في المسابقات الدولية والتي كان منها، الأسد الذهبي من مهرجان فينيسيا، و جائزة الجمهور من مهرجان ترونتو.
يقوم ببطولة فيلم “Nomadland”، فرانسيس مكدورماند الحاصلة على الأوسكار و ديفيد ستراثيرن وبيتر سبيرز، ومن تأليف وإخراج الأمريكية ذات الأصول الصينية كلوي تشاو، كما أنها شاركت في إنتاج العمل أيضًا حتى يظهر للنور.
ونرصد من خلال هذا التقرير بعض الأسباب التي أدت إلى حصول فيلم Nomadland على عدة جوائز عالمية.
فيلم Nomadland حكاية أصحاب أرض الغائبين
تدور أحداث فيلم Nomadland حول بطلة العمل التي قررت أن تعيش في سيارة مُنشئة منها منزل، حتى تكون حرة طليقة – على حد تعبيرها- بعيدًا عن الذكريات التي تطاردها بعد وفاة زوجها، لتلتقي بعد ذلك بعدد من المواطنين الطامحين في ذات الحرية بعد أن تقدم بهم العمر، أو الهاربين وتاركين خلفهم ماضي يحاولون نسيانه أو التخلص منه.
قدمت قصة العمل عدد من الشخصيات الإنسانية التي تحاول من خلالها التعبير عن مشاعر إنسانية، والتي كانت منها سيدة أصابها مرض السرطان لتستمع إلى نصيحة زوجها وتجوب بعض الأنحاء قبل إنتهاء حياتها.
وآخر اختار التنقل من مكان لاخر بعد أن فقد نجله في حادث انتحار لم يستطع بعده أن يتخيل الحياة بدونه في ذات المكان، وآخر قرر ترك نجله لكي يعيش حياته كما اختارها بعد عدم توصلهما إلى نقطة توافق معًا.
كما أن القصة لعبت على تفاصيل حياة هؤلاء الأشخاص ومشاعرهم الإنسانية وكيفية معيشتهم في جراج كبير إذا أرادوا السكون في الفضاء الفسيح، من طعام ومأكل وملبس وعمل لجلب المال لتلك السيارات التي قرروا أن يتخذونها مأوى لهم.
التكامل البصري في العمل
ظهر فيلم Nomadland بصورة من التكامل البصري التي تخدم العمل الفني، حيث أنه “أرض الرّحل”، رسالة بالأساس أننا جميًعا راحلون، وتاركون ورائنا أناس آخرون يحبوننا ونأثر بهما، ولذلك كانت كادرات الغروب والرحيل طاغية على الفيلم بشكل كبير، وخاصة في المشاهد التي كانت تنتهي بقصة عن رحيل أحد الأشخاص.
كما جاءت المشاهد المتحدثة عن الحرية والرغبة في الهروب من الماضي، بمشاهد في أراضي واسعة ومساحات شاسعة من الفراغ إستدلالًا على الرغبة في التحرر من القيود التي عانى منها أبطال الفيلم.
الترحال يصنع الحب
لم يخل الفيلم الأمريكي nomadland، من الرومانسية التي نشأت من القصص التي تم روايتها على لسان أبطال العمل، والتي عبرت إما عن حب في زمن ماضي ارتبط به الأبطال ورحل الطرف الآخر من هذا الحب في كل الحالات الإنسانية التي تم عرضها في رحلة التنقل من مكان إلى آخر، إلى العالم الآخر، ليؤكد العمل من زاويا آخرى على أن الجميع راحلون ويؤكد رسالته إلى وأهدائه الذي تم كتابته على شاشة العرض وهي “هذا العمل تم إهداءه إلى الأشخاص الذين رحلوا عن عالمنا دون رغبتهم”.
ولكن لم يغفل الـnomadland، أن الحياة يجب أن تستمر لتقع البطلة في قصة حب أحد الأشخاص الذين تعرفت عليهم في الترحال، وتقرر من أن تستكين في أرض واحدة معه بعد أن هو سبقها في هذا القرار بسبب حفيده الذي ربطه بالأرض المستكينة، لينتهي بنا العمل إلى مغزى آخر، وهو أن الرحيل يأتي من الرغبة في الهروب في بعض الأحيان ولكننا نحتاج إلى من يربطنا بالأرض الجامدة والدائرة المغلقة التي نعيش، والتي في النهاية تتلخص في الحب سواء كان حب رجل لامرأة أو حب جد لحفيده أو زوجة لزوجها.
الموسيقى لغة الروح في أرض الرُحل
تميز فيلم “Nomadland”، بموسيقى تصويرية مميزة، تستطيع أن تأخذ المشاهد إلى الحالة التي يسعى الفيلم إلى الذهاب بوجدان الجمهور إليها، فمع المشاهد الحزينة وروايات الرحيل تجد حالتك كمشاهد مع الموسيقى في حالة من الشجن، ثم موسيقى آخرى في رحلة البحث عن الحرية تحلق بك في سماء الموسيقى لتأخذك إلى هذه الأجواء.
خارج نطاق الاستديو
جاء فيلم Nomadland في مساحات تصوير حرة خارج نطاق الاستديو الذي اعتادت عليه الأفلام الأمريكية لسنوات طويلة طبقًا لطريقة التصوير المتبعة هناك من شركات الإنتاج والتي وقفت أمامها الشركات المستقلة، لتخضع في النهاية شركات الإنتاج إلى أفكار المستقلين بالخروج عن حدود الاستديو المغلق والجرافيك المنمق إلى المساحات الواسعة، وهو ما حاول الفيلم أن يدعمة في كل المشاهد التي تم تقديمها.
المرأة صاحبة السطوة
ظهر العنصر النسائي بالعمل أكثر من الذكوري، وكان ذلك من خلال الدور الأساسي للبطلة، والأدوار الثانوية التي تم تجسيدها والتي تغلب أيضًا بها العنصر النسائي، لنكون أمام عدد من القضايا الإنسانية على ألسنة نسائية متميزة جدًا، كما أظهرهم الفيلم بأن مجدات ودؤبات دائمًا سواء في العمل للحصول على المال، أو في الرغبة في العمل المطلق كما جاء على لسا البطلة في أحد مشاهد الفيلم”أنا أحب العمل، أود دائمًا أن يكون لدي مهنة”.
فيلم Nomadland تجربة إخراجية فريدة
يعد فيلم Nomadland من التجارب الإخراجية المميزة، حيث أنه لـكلويه جاو، ذات الأصول الصينية والتي تبلغ من العمر 38 عام، وهي التي حصلت على تلك الجائزة بعد عشر سنوات من سابقتها الصينية صوفيا كوبولا، عام 2010.
وكانت من الجوائز التي حصلت عليها كلوديه جاو،جائزة الأسد الذهبي عن فيلم Nomadland هذا العام، وعن ذات الفيلم جائزة الجمهور من مهرجان تورنتو، وجائزة جوثام للأفلام المستقلة عام 2018 عن فيلم the rider، وذات الجائزة حصلت عليها عام 2014 عن أغنية my brother.
عزة عبد الحميد - أراجيك