2020، العام الأكثر إحباطًا ربما خلال حياتنا بأكملها، وبطبيعة الحال، لم يكن الوضع مختلفًا بالنسبة للسينما، فعلى الرغم من التنبؤات والطموحات الكثيرة التي بناها العديد من صناع السينما ومحبيها على هذا العام وانتظارهم لصدور الكثير من الأعمال الهامة خلاله، إلا أنه كان ربما أحد أكثر الأعوام المخيبة للآمال في تاريخ السينما العالميه بشكل عام وهوليوود بشكل خاص.
فقد كنا جميعًا متحمسين للكثير من الأعمال السينيمائية الهامة التي كان من المقرر عرضها في عام 2020 ولكن جاء الأثر الكبير للأزمة العالمية والتي ربما لم نشعر بخطورتها حتى مارس 2020 المتسبب بها وباء COVID-19 والذي حل على العالم منذ أواخر عام 2019 ولا زلنا نعاني آثاره حتى الآن.
أهم الأعمال المتأثرة بالأزمة
لم يكن تأجيل الأعمال الهامة المنتظر صدورها في 2020 هو الأثر الوحيد، ولكن نتيجة لغلق دور العرض والالتزام بإجراءات التباعد الاجتماعي حتى بعد فتحها، أدى إلى خسارة كبيرة وهبوط في الإيرادات المتوقعة لأعمال كان من المفترض لها تحقيق الكثير في شباك التذاكر أبرزها على سبيل المثال فيلم Tenet للمخرج كريستوفر نولان والذي تم تصويره بميزانية تبلغ حوالي 200 مليون دولار والذي كان مقدرًا له أن يحقق ما يزيد على 400 مليون دولار داخل الولايات المتحدة فقط، ولكن حتى الآن حقق الفيلم عالميًا حوالي 350 مليون دولار، منذ بدء عرضه في أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر، وهي أرقام تعتبر منخفضة إذا ما قارناها بالإيرادات التي حققتها أفلام نولان في الماضي فمثلًا حقق فيلم Inception إيرادات عالمية بلغت 869.8 مليون دولار، وفيلم الحرب العالمية الثانية Dunkirk 525.2 مليون دولار و Interstellar بإيرادات وصلت إلى 693.4 مليون دولار.
كما تم تأجيل عرض العديد من الأفلام التي كان من المخطط صدورها في 2020 مثل الجزء الثاني من فيلم A Quiet Place قد تأجل من 8 مارس 2020 إلى 6 سبتمبر 2020 ثم إلى 23 إبريل 2021، وفيلم The Batman القادم قد تم تأجليه عدة مرات أيضًا من 25 يونيو 2021 إلى 1 أكتوبر 2021 ثم بالنهاية حتى 4 مارس 2022 وفيلم Black Widow من بطولة سكارليت جوهانسون قد تغير تاريخ عرضه من 11 مايو 2020 إلى 6 نوفمبر 2020 وأخيرا إلى 7 مايو 2021، وفيلم Conjuring: The Devil Made Me Do It من 11 سبتمبر 2020 حتى 4 يونيو 2021، وتم تأجيل فيلم Death on the Nile المأخوذ عن قصة للكاتبة أجاثا كريستي من 9 أكتوبر 2020 إلى 23 أكتوبر 2020 ثم حتى 18 ديسمبر 2020.
حجم الخسارة
أدت الأزمة العالمية في عام 2020 إلى خسارة تقدر بمليارات الدولارات لصناعة الترفيه بشكل عام وخاصة صناعة السينما حيث تم تأجيل العديد من المهرجانات السينيمائية العالمية أو حتى إلغاء عقدها بشكل كامل لهذا العام، بالإضافة إلى إغلاق دور السينما بالطبع وبالتالي تأجيل عرض عدة أفلام هامة قد تم تصويرها قبل انتشار ذلك الوباء بميزانيات تتخطى مئات الملايين من الدولارات، إلى العام القادم أو ربما حتى إشعار آخر في انتظار تحسن الوضع مما أدى إلى تعطل الكثير من العاملين بالمجال -ربما لوقت مؤقت- خلال الفترة بين مارس ونوفمبر 2020، ونتيجة لذلك حتى بعد التشغيل الجزئي لبعض دور العرض فقد تعرض شباك التذاكر لخسارة قد تصل إلى تحقيق أرباح تقل بمعدل 60% مما قد حققته الصناعة في عام 2019 بمعدل خسارة عالمية لشباك التذاكر تقدر بأكثر من 17 مليار دولار وفي الوقت نفسه يزيد الإقبال على شبكات البث التليفزيوني PVOD، مثل Netflix، والتي لاقت رواجًا كبيرًا خلال فترة الحجر الصحي حيث كان يبحث الناس عن الترفيه أثناء فترة البقاء بالمنزل والتي استمرت لعدة أشهر.
أهم الصعوبات وطرق المواكبة
إن صناعة الترفيه هي آخر الصناعات التي من الممكن أن تجد التأقلم مع العمل عن بعد أمرًا سهلًا، فالعمل عن طريق الإنترنت ربما قد يكون مناسبًا للمراسلة أو الاجتماعات الافتراضية ولكن لا يصبح الأمر كذلك عند العمل على إبداع أعمال فنية.
وقد بدأت بعض الولايات الأمريكية في استعادة النشاط بشكل جزئي منذ يوليو 2020 مثل كاليفورنيا ونيويورك ولكن تظل الاستوديوهات السينيمائية الكبيرة بعيدة عن العودة للنشاط الفعلي لتصوير الأفلام ولكنها تعتبر خطوة للأمام باتجاه تحسن صناعة الترفيه بعد عدة أشهر من الإغلاق الكامل، لأنه تحدى كبير جدًا لتلك الصناعة أن يتم التصوير بالطرق المعتادة مع المحافظة في الوقت نفسه على قواعد التباعد الاجتماعي وقد أدت أيضًا إلى التأثير على مدى صعوبة الإبداع في الكثير من مواقع التصوير خلال العمليات التي تحتاج للمئات من العاملين للقيام بها بدءًا من مواقع التصوير وحتى مرحلة المونتاج وهندسة الصوت والتي تواجه صعوبة كبيرة في التنفيذ مع العمل عن بعد.
وبالطبع الكثير من الأفلام، بالإضافة إلى ما ذكرناه هنا، قد تم تأجليها لفترات كبيرة ربما قد تصل لعام او اثنين، نعم العديد من الناس مستعدين للذهاب إلى دور السينما خلال الوباء، ولكن هذا ليس بما يكفي لإعادة الاستقرار لشباك التذاكر، وأخيرًا لا نملك سوى تمني عودة الأوضاع لطبيعتها حتى لا نفقد فرصة مشاهدة المزيد من الأعمال الرائعة.
ميرهام محمود - أراجيك