رغم أن صراع بطلة فيلم "أرض الرحل" غير درامي إلا إنه واضح ومؤثر للغاية (مواقع التواصل الاجتماعي)
عرض خلال فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الفيلم الأميركي "أرض الرحل" (Nomadland) في القسم الرسمي خارج المسابقة، ويصبح هذا العرض هو الأول للعمل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
جاء الفيلم محملًا بسمعة طيبة للغاية وتوقعات عظيمة وعالية، فقد حصل على مجموعة كبيرة من الجوائز، على رأسها جائزة "الأسد الذهبي"، من مهرجان البندقية السينمائي وجائزة الجمهور من مهرجان تورنتو السينمائي، فكيف أرضى الفيلم توقعات الجمهور المصري؟
أرض الرحل وقصة المنسيين
فيلم أرض الرحل من إخراج كلوي تشاو وبطولة فرانسيس مكدورماند، من دون أي نجوم أو ممثلين مشاهير آخرين، حيث اعتمدت المخرجة كما كانت تفعل في أفلامها السابقة على أشخاص عاديين من البيئة التي تصور فيها أحداث فيلمها.
ويدور الفيلم بصورة عامة عن الرحل، وهم جماعة من الناس ينبذون الحياة المدنية ويعيشون في سيارات متجولة في الصحارى والبراري الأميركية، وتنضم إليهم سيدة عجوز هي "فيرن" التي تترك منزل الزوجية بعد وفاة الزوج وتعمل في مهن بسيطة خلال تجوالها في طول البلاد وعرضها.
قصة قد تبدو بسيطة للغاية لا تستحق الوقوف عندها طويلًا، خاصة مع عدم وجود أحداث درامية كبيرة، ولم يتخذ الفيلم الشكل المعتاد في السرد من بداية وذروة ونهاية، فأزمات البطلة حتى في مواجهة مجتمعها كانت بسيطة باعتبارها امرأة ناضجة وليس لها أي أقارب سوى أخت وحيدة حاولت أن تقدم لها مأوى ولكنها رفضت بهدوء.
ويتركنا هذا مع سؤال، هل تحتاج الأفلام إلى تراجيديا أو إثارة فقط لتصبح جيدة؟ في الحقيقة الإجابة لا، وهذا ما جعل الفيلم يحصل على هذه الجوائز الكبيرة وتقييم 97% من موقع "الطماطم الفاسدة" (Rotten Tomatoes) بإجماع من النقاد على جودة الفيلم ومزاياه العديدة.
صراع بطلة الفيلم رغم كونه غير كبير فإنه واضح للغاية، لكننا في الفيلم نشهد مراحله الأخيرة، وانتصارها على ظروف جعلتها في السابق أسيرة لشخصية أخرى فرضتها على نفسها لترضي أدوارها الاجتماعية المختلفة.
فيرن امرأة من داخلها تنتمي إلى الرحل قبل حتى أن تعرفهم، ولكن الحب قيدها بعلاقة زواج، وعلاقة الزواج قيدتها بزوج ومنزل وأسوار محيطة بروحها وجسدها، ثم أتى مرض الزوج ليطيل من فترة بقائها ضمن هذه الحدود.
على عكس توقعات الأخت، فيرن لم تهرب من حزنها على زوجها إلى أرض الرحل، بل هي هربت من قيود مفروضة عليها إلى جنتها الخاصة، التي قد تبدو صعبة ومتقشفة خاصة لامرأة وحيدة ولكنها ملاذها الوحيد.
كلوي تشاو مخرجة استثنائية
الفيلم هو العمل الثالث لمخرجته كلوي تشاو (Chloé Zhao) الصينية التي أحدثت دويًا في السينما العالمية منذ فيلمها الأول عام 2015 "أغاني علمها لي إخواني" (Songs My Brothers Taught Me)، الذي عُرض في مهرجان صندانس السينمائي ثم حصل على جائزة الروح المستقلة من مهرجان الأفلام المستقلة لأفضل فيلم أول.
وها هي الآن ولم تتعد الـ38 يحصل فيلمها على الأسد الذهبي واحدة من أهم الجوائز السينمائية على الإطلاق، ومن المتوقع كذلك حصولها على ترشيح أول لأوسكار أفضل مخرجة العام القادم في حفل توزيع جوائز الأوسكار بعد الإنجاز السينمائي الرائد الذي قدمته في فيلم "أرض الرحل".
حيث تميز الفيلم بتصويره الممتاز خاصة مع استخدام المساحات الواسعة في الصحراء لتوضيح السلام الذي تشعر به الشخصية في البراري، والاعتماد على إضاءة طبيعية في أكثر المشاهد، وأيضًا إدارة الممثلين غير المحترفين ليتناغموا مع ممثلة ونجمة كبيرة مثل فرانسيس مكدروماند، ولا يظهر الفارق الكبير في التدريب بينهم.
مكدروماند وأوسكار أخرى
فازت فرانسيس مكدروماند بجائزة الأوسكار مرتين في السابق من مجمل 5 ترشيحات، وذلك عام 1997 عن فيلم "فارغو" (Fargo) وعام 2018 عن فيلم "3 لوحات إعلانية خارج إيبينغ، ميسوري" (Three Billboards Outside Ebbing, Missouri)، ومن المتوقع بأدائها الممتاز في فيلم أرض الرحل ودورها المعقد على بساطته أن تحصل على ترشيح جديد للجائزة الكبرى في عالم الأفلام، ومع ضعف وقلة عدد الأفلام التي عُرضت خلال عام 2020 فاحتمالية حصولها على الجائزة مرتفعة للغاية.
وحقق الفيلم كذلك نجاحا كبيرا عند عرضه في مهرجان القاهرة السينمائي، حيث أقبل المشاهدون على حجز تذكرته قبل موعد العرض بأيام، مما أدى إلى نفادها هذه التذاكر بصورة مبكرة خلال العرضين أثناء المهرجان، ونال استحسان المشاهدين من الشباب بما يتوازى مع أهمية الفيلم الكبيرة التي عُرضت خلال 2020 الحزينة، ولم يتحدد حتى الآن هل سيعرض الفيلم في دور العرض كعرض عام أم سيطرح قريبًا على إحدى منصات المشاهدة الإلكترونية.