لاحظ العديد من المطورين في الفترة الأخيرة أن شركة آبل زادت من جهودها لتطوير تقنية البحث الخاصة بها، وذلك بسبب التركيز على روبوت البحث الخاص بها الذي يُسمى (Applebot) – حيث عادةً ما تفحص روبوتات البحث سجلات مواقع الويب على الإنترنت من أجل تصنيفها وفهرستها لنتائج محرك البحث – ومع أن آبل ذكرت أن هذا الأمر يرجع إلى الجهود الحثيثة لتحسين المساعد الصوتي (Siri) ومحرك بحث Spotlight، إلا أن الكثير من الشائعات تقول إن الشركة في طريقها لإطلاق محرك بحث خاص بها للمنافسة مع جوجل.
ولكن إذا حدث ذلك؛ هل سيكون محرك بحث آبل قادرًا المنافسة مع جوجل:
الجدير بالذكر أن تركيز آبل على تطوير روبوت البحث الخاص بها ظهر بالتزامن أيضا مع الضغوط التي تمارسها لجنة المنافسة في المملكة المتحدة لإلغاء الصفقة بين آبل وجوجل – التي تُقدر بالمليارات – التي تنص على أن يكون محرك بحث جوجل هو محرك البحث الافتراضي في هواتف آيفون، مما جعل الكثيرون يتوقعون أن آبل في طريقها لإطلاق محركها للبحث قريبًا.
ويأتي دخول آبل – إن صحت الشائعات – إلى هذا السوق بعد 11 عامًا من ظهور محرك البحث (بينج) Bing لأول مرة، وهو المنافس الوحيد لمحرك بحث جوجل حتى الآن، ولكن في الوقت نفسه على عكس محرك البحث (Bing)، فإن دخول آبل لهذا السوق قد يكون مختلف تمامًا ومن المرجح أن يؤدي إلى نتيجة أفضل، من خلال تطبيقها للعديد من العوامل.
أولًا؛ ما الذي ستقوم به آبل لتمييز نفسها في هذا السوق؟
1- إعادة ضبط قواعد سوق محركات البحث:
كان أحد أكبر الأخطاء التي ارتكبتها مايكروسوفت عند إطلاق (Bing) هو اتباع نموذج العمل نفسه القائم على الإعلانات التي تستخدمه جوجل، حيث يقوم المستخدمون بإدخال ما يبحثون عنه، وبناءً على ذلك يعرض محرك البحث أيضًا الإعلانات ذات الصلة التي قد تهمهم.
ولكن لكي يكون مثل هذا العمل مربحًا، فأنت بحاجة إلى عدد كبير جدًا من المستخدمين الذين يبحثون، بالإضافة إلى عدد كبير من المعلنين الراغبين في البيع لهم، إلى جانب ملايين المواقع التي مُسحت ضوئيًا بواسطة روبوتات البحث المذكورة سابقًا، حيث نجد أن هناك حاجة إلى العناصر الثلاثة معًا لعرض نتائج بحث مفيدة للمستخدم وجلب العميل المناسب إلى المعلن.
ونتيجة لهذا فإن جوجل قد حصلت على مليارات الدولارات مقابل مطابقة الإعلانات المناسبة مع المستخدمين المناسبين، فكلما أُجريت المزيد من عمليات البحث كانت النتائج مفيدة ومن ثم كان استهداف الإعلانات أفضل، وقد كافح (Bing) لتطبيق نموذج العمل هذا، ولكنه لم يصل أبدًا إلى النطاق الذي يتمتع به محرك بحث جوجل من خلال عروض البحث الخاصة به.
ولكن آبل بحسب الشائعات لا تنوي تطبيق نموذج العمل السابق بشكل كُلي في محرك بحثها القادم مما سيجعل المنافسة شديدة للغاية مع محرك بحث جوجل، فكما نعلم فقد ركزت آبل بشكل كبير على خصوصية المستخدم في الفترة الأخيرة.
حيث قامت برفع شعار (الخصوصية أولاً) Privacy First في جميع منتجاتها، لذا من المتوقع أن لا تقوم آبل بجني الأموال من الإعلانات في محرك بحثها القادم، بدلاً من ذلك، يمكنها ببساطة بيع المزيد من أجهزتها واشتراكاتها المربحة للغاية للعملاء المهتمين بالخصوصية.
2- آبل لديها سمعتها في إطلاق مزايا رائعة في منتجاتها:
عندما أطلقت مايكروسوفت محرك البحث (Bing) كان يحتوي على ميزات لم يكن يمتلكها محرك بحث جوجل في ذلك الوقت، مثل: ميزة (معاينة التمرير) Hover Preview لنتائج البحث، كما أدعت الشركة أن جودة نتائج البحث في محركها مماثلة أو أفضل من محرك بحث جوجل، ومع هذا لم يتفوق (Bing) مطلقًا على محرك جوجل.
بعكس آبل التي لا تحتاج إلى تمييز نفسها عن جوجل، في الواقع، يجب أن تكون نتائج بحث آبل جيدة بما يكفي لتلقى استحسان مستخدميها بشكل جماعي، ويمكننا أن نرى ذلك من خلال نتائج تطبيق (خرائط آبل) الذي أُطلق في عام 2012.
فبالرغم من أن التطبيق في بدايته كان يُغطي مناطق جغرافية قليلة، إلا إنه اكتسب حصة سوقية مهيمنة بلغ 60% في هواتف آيفون في المملكة المتحدة خلال أقل من سنة فقط من الإطلاق، وينطبق الشيء نفسه على تطبيق (آبل ميوزك) الذي أصبح ثاني أكبر تطبيق لبث الموسيقى بعد خمس سنوات فقط من إطلاقه.
ثانيًا؛ ما هي التحديات التي ستواجهها آبل؟
من خلال استخدام محركها الخاص بدلاً من محرك بحث جوجل على أجهزتها، ستفتح آبل على نفسها أبواب انتقادات ستتهمها بالاحتكار في مجموعة متنوعة من الأسواق، ومن المحتمل أيضًا أن يزعج هذا الأمر سوق الإعلانات الذي سيتضرر بسبب عدم الوصول إلى مستخدمي أجهزة آبل.
حيث يعد مستخدمي أجهزة آبل مرغوبين بشدة للمعلنين بفضل قوتهم الشرائية العالية، ومن ثم نجد أنه من خلال اختفاء هؤلاء المستخدمين من محركات البحث الأخرى التي تعتمد على الإعلانات، قد تقوم آبل بقيادة تحول جذري في سوق صناعة الإعلان بشكل كُلي.
أما عن جوجل فإن ريادتها في سوق محركات البحث لن يتأثر مع دخول آبل، لكنه سيضعف بالتأكيد في مواجهة تفضيل المستهلك المتزايد للخصوصية، ونظرًا إلى اختلاف نموذج أعمال جوجل اختلافًا كبيرًا عن نموذج آبل، فمن المحتمل أن نشهد تعاون بين الشركتين للتكامل سويًا دون التأثير على صناعة الإعلانات، وللتخلص من اتهامات الاحتكار التي تواجهها كل منهما في الفترة الأخيرة.