اللون الأخضر الظاهر في صور المريخ والذي أثار انتباه جمهور التواصل الاجتماعي حول العالم، ليس حقيقيا (ناسا)
أثارت مجموعة أخيرة من الصور أصدرتها وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا NASA) لكوكب المريخ انتباه جمهور وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم، حيث ظهر الكوكب في الصور كأنه يتوهج بلون أخضر غير معتاد.
توهج غريب
هذه الصور الأخيرة هي إحدى ثمار رصد طويل للمسبار "مافن" MAVEN الذي يدور حول المريخ منذ العام 2014، وقد استخدم كاميرا خاصة لالتقاط هذه الصور في نطاق الإشعاع فوق البنفسجي.
وجاءت بيانات المسبار مافن لتقول إن طبقات الجو العليا من المريخ تتوهج ٣ مرات ليلا في الربيع والخريف، بينما تتوهج الأقطاب طوال العام تقريبا، وتأكدت تلك البيانات عبر أرصاد أخرى من المركبة "مارس إكسبرس" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية (إيسا ESA) وتدور أيضا حول المريخ.
جاءت بيانات المسبار مافن لتقول إن طبقات الجو العليا من المريخ تتوهج ٣ مرات ليلا في الربيع والخريف (ناسا)
لكن هذا اللون الأخضر الظاهر في الصور، والذي أثار انتباه جمهور التواصل الاجتماعي حول العالم، ليس حقيقيا، بل هو لون كاذب False Color، يستخدم فقط لإظهار المناطق التي تتوهج في نطاق الأشعة فوق البنفسجية على سطح المريخ.
بالنسبة للعين البشرية، فإنها لا تتمكن من رؤية أي شيء إلا إذا كان في نطاق الضوء المرئي، أما الإشعاع في نطاق الراديو أو الأشعة فوق البنفسجية أو تحت الحمراء على سبيل المثال، فإنه غير مرئي بالنسبة لها، لذلك يستخدم العلماء الألوان الكاذبة كي يتمكنوا من فهم حركة وكثافة هذه الأشعة.
أكسيد النيتريك
وكانت دراسة قد صدرت في الخامس من أغسطس/آب الجاري بدورية "جورنال أوف جيوفيزيكال ريسيرش سبيس فيزيكس Journal of Geophysical Research: Space Physics" لفحص هذه الظاهرة والتعرف إلى أسبابها.
ووجدت الدراسة أن سبب هذا التوهج متعلق بحركة الهواء في الغلاف الجوي المريخي، حيث تضرب الأشعة الشمسية طبقات الجو العليا للمريخ، والتي تحتوي على ثاني أكسيد الكربون والنتروجين، فتتكسر تلك الغازات إلى ذرات منفصلة (الكربون والنتروجين والأكسجين).
تنتقل تلك الذرات مع تيارات الهواء إلى طبقات منخفضة من الغلاف الجوي المريخي مما يدفعها للتكثّف، الأمر الذي يسرع التفاعلات الكيميائية فيما بينها وينتج ما يسمى "أكسيد النتريك" (NO) الذي يتوهج في نطاق الأشعة فوق البنفسجية.
تساعد تلك التوهجات علماء وكالة الفضاء والطيران الأميركية على دراسة أدق لحركة تيارات الهواء في الطبقات العليا للغلاف الجوي المريخي، الأمر الذي قد يمكننا يوما ما من الإجابة عن الكثير من الأسئلة، أهمها لماذا تحول المريخ إلى صحراء جرداء بعد أن كان يوما ما زاخرا بالماء ومفردات الحياة الأخرى؟